زهير السراج

وهم .. إسمه أطلانتس 2 !!


* نشرت أمس رد وزارة المعادن على مقالى بعنوان (وزير المعادن والأوهام) الذي تناولت فيه المشاريع الوهمية لوزارة المعادن ومنها مشروع الذهب مع شركة (سيبريان) الروسية، الذي روج له الوزير بشكل خرافي وبأنه سيكون أكبر مشروع لإنتاج الذهب في العالم، ثم إتضح لاحقاً أنه ليس هنالك شركة روسية في الأصل بذلك الإسم، دعك من أن يكون إنتاجها الأضخم في العالم!!
* ثم تلاه موضوع المعادن (و على رأسها اليورانيوم) التي اكتشفت الوزارة وجودها السودان، ولم تعلن لنا عن الأدوات والآليات التي استخدمتها في هذا الكشف الضخم، إلا إذا كانت مثل التي نشاهدها في أفلام جيمس بوند، يجب أن تبقى بعيداً عن متناول الغوغاء والعملاء !!
* وما لبث الوزير أن أردف بثالثة الأثافي، وهي الكمية الضخمة للحديد التي قدرها في إحدى الندوات (المحضورة) بـ (52 بليون طن متري)، أي أكبر من احتياطي الحديد الخام في روسيا واستراليا مجتمعتين، اللذين تضمان أكبر مخزون للحديد الخام في العالم (25 بليون طن لكل منهما)!!
* ولم نكن نعرف حتى أمس كيف توصل الوزير إلى هذا الاكتشاف العجيب إلى أن كشف لنا رد السيد (الركابي حسن يعقوب) مدير ادارة الإعلام بوزارة المعادن، بأن الفضل يرجع للدكتور (محمد أبو فاطمة) مدير الهيئة العامة للابحاث الجيولوجية، وذلك بناءاً على دراسات علمية وليس على أوهام أو خيالات، وكنا نتمنى لو أفحمنا الأخ الركابي بعينة من هذه الأبحاث والدراسات حتى نقيم الأفراح ونطمئن أولادنا وأحفادنا على مستقبلهم الحديدي الزاهر، خاصة بعد أن نضب البترول وأوشك الذهب على النضوب، بدون أن ينال منهما الشعب مجرد (نفحة كاذبة)، ولكنه لم يأتنا بأي معلومة مفيدة سوى إسم الشخص الذي وقف وراء هذا الاكتشاف، ولكن كيف ومتى حدث الاكتشاف .. فلا أحد يعرف !!

* وجاءت رابعة المستحيلات التي أُطلق عليها إسم (أطلانتس 2 )، تيمناً بالقارة الاسطورية الغارقة (اطلانتس )، كما قلت في مقالي السابق، وأقر هنا وأعترف بأنني لم أسمع من قبل بالاتفاق بين السودان والسعودية على أيام المخلوع جعفر نميري في عام (1974 ) على استخراج مكنونات البحر الأحمر في إطار مشروع أطلق عليه إسم (اطلانتس 2)، إلا بعد أن نبهني أحد القراء، ثم الأستاذ الركابي ولعل السبب في أنني لم أكلف نفسى عبء البحث عنه في قوقل أو المراجع الأخرى، أنه ورد على لسان السيد وزير المعادن السوداني الذي طالما سمعنا منه كلاماً ولم نر طحنا، وهنالك مثل سوداني شهير يشفع لي في هذا المقام وهو (الضايق عضة الدبيب، يخاف من جرة الحبل)، ولكم عُضننا من السيد الوزير حتى لم يبق في أجسامنا مكان لـ(عضة أو لدغة )!!

* ثم ما الفائدة في البحث عن مشروع سيظل مجرد أمنيات وأحلام، ولقد أعفاني من إثبات ذلك السيد الركابي نفسه الذي ذكر في رده أن المشروع أُلغي في ذلك الوقت لظروف الحرب الباردة ثم لعدم توفر التقنية المطلوبة، ولا أدري أي حرب باردة يقصد، وما علاقتها باستخراج معادن البحر الأحمر، إلا إذا كان المشروع سيتجاوز المياه الاقليمية الى حيث تتعارك الأساطيل الشرقية والغربية بدون نار، ثم من قال إن الحرب الباردة قد انتهت، بل تحولت يا صديقي الى أسخن من نار جهنم، وأصبح البحر الأحمر أحد أهم ميادينها، لدرجة أنه لم يعد صالحاً للسباحة دعك من استخراج معادنه، وحتى لو كان صالحاً فمن أين، تحت ظل الظروف الإقتصادية العصيبة الحالية، سيأتي البلدان بالتمويل الضخم لمشروع مثل (اطلانتس 2 )، ولقد سكت الركابي في رده أن يذكر تكلفة قيام المشروع، وأكتفي بذكر الميزانية التشغيلية الضئيلة التي أعتقد أنها ستحجب عنا الحقيقة الساطعة في أن قيام المشروع يحتاج إلى مليارات الدولارات التي لا تتوفر لأي من الطرفين الآن، ولا في المستقبل القريب، دعك من عام 2020 الذي بقي له ثلاثة أعوام فقط !!
* هل عرفت سيدي الآن، لماذا كان (أطلانتس 2) مجرد خيال، وسيظل كذلك، تماماً مثل القارة الأسطورية الغارقة (أطلانتس)؟!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة