صلاح حبيب

خطأ حل جهاز الأمن مرة أخرى!!


كتبنا في هذه الزاوية الأيام الماضية عن اعتراف السيد رئيس الجمهورية بخطأ حل جهاز الأمن عقب انتفاضة رجب أبريل 1985م، وبعد المقال اتصل علي عدد من منسوبي الجهاز السابقين، كما زارني بالمكتب عدد منهم مسجلين شهادة وشكراً على ما كتبناه عنهم، بناءً على الظلم الذي وقع عليهم ولم تتبرع أية جهة برد مظالمهم بل اعتقد البعض أن جهاز الأمن فاسد ومن فيه مفسدون. ولكن عندما جلست مع أولئك شعرت بأن هناك عظماء حفظوا أسرار هذا الوطن ولولاهم لضاعت معلومات ومستندات. استمعت إلى أولئك النفر بأذن صاغية ولم أصدق أن تلك التخصصات لكل فرد منهم وفي الدائرة التي أوكل للعمل بها جنبت البلاد كثيراً من المشاكل مع الدول الأخرى، إضافة إلى التدريب المكثف الذي نالوه بالدول المختلفة. وما زال هؤلاء الرجال يحملون الكثير من المعلومات، فلا أدري لماذا فرطت الدولة أو الجهاز الذي أنشئ بعد الانتفاضة في مثل هؤلاء في كل مهنة بها الصالح والطالح، ولكن ربما يكون الطالحون هم من الصغار الذين لم تعركهم الحياة وحاولوا استغلال نفوذهم مع البسطاء لمآرب ذاتية، ولكن الغالبية العظمى منهم مخلصون وأولاد أسر. حدثوني كيف كانوا يتعاملون مع المعارضة من النظام المايوي كيف كانوا يساهمون في حل مشاكلهم كيف كانوا يحافظون عليهم وعلى الأسرار التي يمتلكونها.
إن منسوبي جهاز الأمن السابقين من ملازمين وعقداء وعمداء وغيرهم من الرتب الأخرى، ما زالوا يمتلكون المعلومات الغزيرة، ولكن لا أظنهم يبيعونها بثمن بخس، فاحتفظوا بها للمصلحة العامة ولمصلحة الوطن، وما زالوا يراقبون الموقف ويحللون المعلومات التي ترد إليهم في صمت، وأحياناً يحاولون تمليك المعلومات لمن لهم صلة بها سواء من الأجهزة الحالية أو الأفراد أو الشخصيات الحزبية أو ممن يثقون فيه بالدولة. لماذا لا يستفيد جهاز الأمن والجهات المسؤولة من أولئك الأفراد، ولماذا لا تعالج الدولة مشاكلهم طالما اعترف السيد الرئيس أن هناك خطأ في حل الجهاز، وهؤلاء وقع عليهم ظلم كان بالإمكان أن يكونوا في الخدمة كغيرهم من الذين تمت إعادتهم أو تمت تسوية معاشاتهم بالطريقة التي تجعلهم يعيشون حياة كريمة.. عرفت من أولئك أن البعض منهم ما زال مستأجراً منزلاً والبعض منهم يتنقل بالمواصلات العامة، وآخرون ركنوا للهم والمرض، ولم تكفِ معاشاتهم العلاج.. فهؤلاء قدموا خدمة للوطن مثلهم ومثل أقرانهم الذين يعملون في الأجهزة المختلفة، أما الشرطة أو القوات المسلحة أو جهاز الأمن، فإن لم تستطع الدولة إعادتهم على الأقل تحسن معاشاتهم ليتساووا مع الآخرين في نفس المهنة.

المجهر