ماذا بين المفوضية والصليب الأحمر.؟!
لو كانت القضية تتعلق بشكوك أو حيثيات أمنية أو تحفظات مباشرة تدين نشاطات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، كنا سنتفهم الأمر ولكن حين يكون سبب الأزمة بين مفوضية العون الإنساني التي يديرها دكتور سليمان مرحبا ولجنة الصليب الأحمر الدولية في السودان حول تفاصيل إجرائية، فإننا في هذه الحالة ننظر للمفوضية بعين لائمة تطالبها بمراعاة الضرر الذي يسببه قرار تعليق نشاط الصليب الأحمر في السودان.
نعم لن نفرح ونهلل ونبشر لقرار سليمان عبد الرحمن بخصوص نشاط لجنة الصليب الأحمر التي ظلت تقدم مساعداتها الإنسانية في السودان منذ السبعينيات وحتى الآن. وفي العام الماضي وحده قدم الصليب الأحمر مساعدات لمليون ونصف المليون مواطن في مناطق دارفور وجنوب كردفان وغيرهما من مناطق الحرب والتمرد في السودان.. وكانت تلك المساعدات متنوعة بين المواد الغذائية وتوفير مياه الشرب وتقديم خدمات علاجية لمصابي الحرب وأخرى لذوي الإعاقة والنازحين، بل شملت خدماتهم حسب تقاريرهم الرسمية تحصينا بيطريا لحوالي 8600000 رأس من الحيوانات في مناطق دارفور.
لا ينبغي استمرار هذا التعليق لنشاط الصليب الأحمر، ونرجو في اجتماع اليوم الخميس وبعد تدخل السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية في الأمر بشكل مباشر، أن يصدر القرار بمواصلة نشاطات هذه المنظمة الدولية في السودان.
ليس هذا الوقت مناسبا للتمسك بتفاصيل غريبة مثل التي رشحت في الإعلام حول اشتراطات المفوضية للصليب الأحمر بإلزامه بالتنسيق مع الهلال الأحمر السوداني، أو كما قال بعض المسؤولين في الصليب الأحمر إن المفوضية طلبت منهم وضع ميزانيتهم ومكاتبهم وأموالهم تحت تصرف الهلال الأحمر السوداني.. وهذا غير منصف، بل لو كان صحيحا فإن الهلال يريد أن يقتات إنجازاته من ظهر الصليب الأحمر (من جاه الملوك نلوك).. وهي فكرة غير مقبولة وشروط غير منصفة.
اتركوهم يعملون بطريقتهم المعروفة في كل أنحاء الدنيا طالما أن مجال عملهم واضح ومكشوف وطالما أن نشاطاتهم تصب في نفس الأهداف الإنسانية وتتحمل منظمتهم نصيبا من مسؤولية المؤسسات الرسمية المعنية بمواجهة تلك القضايا.
اتركوهم يعملون طالما أن الحكومة السودانية لديها القدرة على مراقبة عملهم من على البعد، فتلك مضايقات غير منطقية. وببساطة فإن مكتب الصليب الأحمر لن يخسر شيئا بتعليق نشاطه لكن ضحايا الظروف الاستثنائية من المواطنين السودانيين في مناطق الحروب هم الذين يدفعون فاتورة قرار المفوضية.
هناك خيط رفيع يفصل بين حرص الهلال الأحمر السوداني على الإشراف على عمل الصليب الأحمر، وبين اعتبار ذلك محاولة لتبني الإنجازات في مجال تقديم المساعدات، لن تكون إنجازات حقيقية لمفوضية العون الإنساني والهلال الأحمر السوداني طالما أنها تتم وفق خطط وأموال وإمكانيات تلك المنظمة الدولية.
اتركوهم يعملون بلا عراقيل إدارية طالما أن رئيس لجنة الشؤون الإنسانية بالبرلمان حسب الله صالح يؤكد عدم وجود خلافات جوهرية بين أطراف الخلاف.
إن الدكتور سليمان مرحبا ومنذ أن غادر صندوق التأمين الصحي ظل هادئا ومسالما بلا خلافات ولا مشاكل حتى ظننا أن الرجل لن يعود إلى المعارك الإدارية من جديد لكنه عاد إليها هذه المرة وفي الملعب الدولي (كمان)..!!