زهير السراج

ثورة الشبعانين !!


* لا أدري ما هي الثورة وأين هي الثورة التي أحدثها (الحوار الوطنى)، حسب الحديث الذي ادلى به رئيس مجلس الأحزاب السياسية ورئيس المؤتمر الشعبي بولاية الجزيرة (عبدالرحمن عامر) في ندوة سياسية تحت عنوان (الوثيقة الوطنية: مآلات المستقبل وضمانات الإنقاذ)، نظمها حزب الأمة الاصلاح والتنمية أول أمس بمدينة ودمدني، وجاء في الخبر الذي نقله زميلنا (مزمل صديق) ونشرته صحيفتنا أمس، إن (عامر) شبّه التغيير الذي أحدثه الحوار بالثورة، وقال إن التغيير السياسي يأخذ منحنيين أحدهما الثورة التي تُحدث إصلاحاً جذرياً، أو الثورة عبر انقلاب عسكري والتي تحدث اصلاحاً جزئياً، وذكر إن التغيير الذي أحدثه الحوار الوطني هو تغيير أشبه بالثورة.

* بالله عليكم تأملوا في هذه الكلمات وأنظروا حولكم لتروا الثورة التي يتحدث عنها السيد (عامر) وقولوا لنا أية ثورة يقصد، وأين هي، إلا إذا كان يقصد حالة الإكتئاب والوجوم التي يعاني منها الشعب السوداني، والجوع والمسغبة والفاقة والمرض وشظف العيش وسياسات الحكومة الجائرة التي أودت بالبلاد في هاوية سحيقة من الخراب والدمار والانهيار الشامل في كل مجالات الحياة بدون أن يسلم منها مجال واحد !!

* إذا كان الفقر المدقع هو ثورة، وإذا كان الجوع هو ثورة، وإذا كان الغلاء الطاحن هو ثورة، وإذا كان المرض هو ثورة، وإذا كان انعدام الأدوية الأساسية وغلاؤها الفاحش هو ثورة، وإذا كان الفساد هو ثورة، وإذا كان كنز الذهب والفضة والدولار واليورو والاسترليني في قصور المسؤولين هو ثورة، وإذا كان انهيار المشاريع الزراعية والصناعية هو ثورة، وإذا كان تدمير السكة حديد والنقل البحري والنهري والخطوط الجوية هو ثورة، وإذا كان انهيار الجنيه السوداني إلى أن صار 1 دولار أمريكي يعادل 18 ألف ج سوداني (قديم) هو ثورة، وإذا كانت القصور الشاهقة التي يسكنها من كان يسكن بيوت الصفيح والكرتون هي ثورة، وإذا كان السودان قد فقد أكثر من ثلث مساحته هو ثورة، وإذا كان ضياع حلايب وشلاتين والفشقة هو ثورة، وإذا كان رفع أسعار السلع كل حين لتوفير الموارد المالية السهلة للنظام الحكومي المترهل ونفقات السادة الحكام هو ثورة، وإذا كان الاعتقال التحفظي وكبت الحريات هو ثورة، وإذا كان البؤس الذي يخيم على البلاد هو ثورة، فنحن نتفق تماماً مع السيد رئيس مجلس الأحزاب السياسية ورئيس المؤتمر الشعبي بولاية الجزيرة السيد (عبدالرحمن عامر) إن السودان يشهد ثورة عارمة هذه الأيام، ثورة رهيبة لم يشهد العالم مثيلاً لها من قبل .. ثورة قضت على الأخضر واليابس وعلى الشعب، وأبقت على المتحكِّمين والمنافقين واللصوص والمتحللين وصعدت بهم فوق جماجم الشعب الى عنان السماء!!

* أية ثورة تتحدث عنها يا رجل تلك التي احدثها الحوار، إذا كان البند الأوحد الذي رأى النور وتنزل الى أرض الواقع من مخرجات هذا الحوار هو زيادة أسعار المواد البترولية والكهرباء التي ستنعكس سلباً على جميع أوجه الحياة في السودان، وتلف الحبل أكثر حول رقاب المواطنين وتودي بهم الى غياهب الجحيم، إلا إذا كانت الكلمات قد اختلطت عليك وأردت أن تقول (ثروة)، فانقلبت على لسانك الى (ثورة)، وأنت تقصد (الثروة) التي ستجنيها الحكومة من عرق ودموع ودماء الجماهير لتنفقها على أصحاب القصور والسرايات من الغلابة والمحرومين والمتحللين !

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة