المرضى يجأرون بالشكوى الأدوية المنقذة للحياة.. ما بين الانعدام والندرة
الحاجة “مريم الشيخ” مصابة بداء السكري ظلت تبحث عن”الأنسولين” وهي تطوف من “صيدلية إلى أخرى، وحينما تسأل عنه كان رد الصيادلة يصيبها بالأسى والخوف، فكل الصيدليات التي ترددت عليها لم يوجد بها الدواء الذي تبحث عنه، قولها هذا جعلنا نسجل جولة على عشر صيدليات بوسط الخرطوم لتقصي حقيقة اختفاء عدد من الأدوية الهامة خاصة تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة.
قرارات الحكومة
في صيدلية المك نمر الشهيرة الواقعة على ذات الشارع الذي تحمل اسمه بشرق مركز الخرطوم قالت “إن الأدوية المنقذة للحياة منعدمة في جميع فروع “صيدلية المك نمر” خصوصًا “بخاخات الأزمة والأنسولين” وعندما سألتها عن السبب الذي أدى إلى انعدام هذه الأدوية المهمة وندرتها في الصيدليات الأخرى قالت إن السبب الرئيسي هو إلغاء قائمة الأسعار الأخيرة ووفقاً لذلك القرار، فإن الشركات امتنعت عن بيع عدد كبير من الأدوية المنقذة للحياة لأن البيع بالسعر الجديد يكبدها خسائر فادحة.
وفي هذا يشير مواطن يدعى أحمد التقيته خارج صيدلية بشارع الدكاترة بالخرطوم: للأسف دخلت الأدوية المنقذة لحياة الأنسان عالم التجارة في ظل انعدام كامل للأخلاق داخل سوق المعاملات اللاإنسانية، فالأطراف التي تسببت في الأزمة وفقًا لما قاله الأطباء والمراقبون الحكومة والشركات، وما بين صراع الحكومة والشركات في قائمة الأسعار يموت المواطن ضحية لهذا الصراع.
حياة مهددة
أما الموظفة أسماء عامر فتشير الى أن والدتها مريضة بالسكري، وأنها لا تستطيع الاستغناء عن الأنسولين، مشيرة إلى أنها موظفة من محدودي الدخل، ومتضررة من انعدام الأدوية وارتفاع أسعارها حال الحصول عليها، وتلفت إلى أن عدم توفر الدواء الذي ظلت تبحث عنه في الصيدليات لنصف يوم كامل يهدد حياة والدتها، مبدية أسفها العميق على وصول الحال بالأدوية إلى أن تصبح سلعا تخضع لحسابات الربح والخسارة بعيدًا عن أدنى الاعتبارات.
اختفاء الأدوية
وتعترف الصيدلانية “سوسن الشفيع”، بوجود نقص حاد في الأدوية المهمة لحياة الإنسان، وتقول إن صيدليتها لا توجد فيها العديد من الأصناف الهامة والمنقذة لحياة الإنسان ليس لأنها لا تملك القدرة على شرائها لانعدام السيولة المالية ولكن لاختفائها من السوق وانعدامها بسبب إيقاف عدد كبير من الشركات عملية البيع، وأضافت: أغلب الصيدليات تعاني من نقص حاد في أدوية حيوية منها أدوية أمراض السكر” ديافانس وجلكوفانس والأنسولين” وأمراض الضغط ” إكسفورج وكاندلكان بلاس وجلكوماج”، وقطرات الأطفال وأهمها لحديثي الولادة “هاي فرش، وتيرزمارد، وبولي فريش، ونيوبول، وريفريش تيرز” وأدوية أمراض تنظيم الدورة” سيكوبرجينوفا” وأضافت أيضًا أن أدوية مسكنات الآلام في ندرة مثل إكسدرين، وأدوية المعدة ومونتينورم”. وأدواية أمراض القولون مثل الليبراكس.
عقب الاستيراد
ويشير الطبيب الصيدلاني الطيب عبد الرحمن، الى أن المحاليل أيضًا دخلت قائمة الأدوية المختفية عن الصيدليات ،مؤكدًا أن الأزمة تزداد تعقيداً مع ارتفاع سعر الدولار، وتحرير سعر صرف العملة الوطنية، لافتاً إلى أن الأصناف المحلية التي تعتبر بدائل أيضًا تعاني شحاً، لأن المادة المستخدمة في تصنيعها مستوردة في الأصل، فضلًا عن أن المواطنين يفضلون الأنواع الأكثر فاعلية بالنسبة لهم وهي المستوردة، وأردف: توجد تخوفات عديدة لو ظل الوضع هكذا، فالشركات مستمرة في التوقف عن التصنيع، مؤكدين ان تكلفة التصنيع ترتفع بسبب ارتفاع الدولار، في ظل تأكيد الحكومة عن عدم رفع أسعار الأدوية مرة أخرى، مشيراً إلى أن المتضررين من تفاقم الأزمة هم مرضى السكر والضغط وحديثي الولادة من الأطفال.
الصيحة