الحالة السودانية

(الشعب يطالب الحكومة بضبط النفس).. هذه العبارة التي قرأتها في (الواتساب) أفضل توصيف كاراكتيري للراهن السياسي.. فبينما يبدو الشارع أكثر من هادئ… والنسيم عليل ولا أثر لأية عواصف أو غبار.. تصرّ الحكومة على قرع الدفوف، وإيقاظ الفتنة النائمة.
لاحظت أمس في “قروبات الواتساب” حالة استقطاب ومواجهة سافرة بين الـ (مع) والـ (ضد) الحكومي.. يعرض البعض صور الإنجازات في ولاية الجزيرة، ومشهد الجماهير في حفل الافتتاح بإستاد مدني.. ليس من باب المعلومة أو النشر الصحفي.. بل كأني بهم يلوحون بالإشارة الشعبية السودانية المعروفة.. “حينما توضع قبضة الكف الأيمن مغلقة، وهي تدور في حركة دائرية فوق الكف الأيسر المفتوح”.

إنجازات والي ولاية الجزيرة د. محمد طاهر أيلا- في أي حال مستقيم- هي للبلاد كلها- معارضيها وحاكميها- وقد يكون مفهوماً من باب الكيد السياسي أن تقلل منها المعارضة، أو تبخسها.. لكن الذي لا أفهمه أن تعدّها الحكومة حجارة لرجم المعارضة، وخط تقسيم جماهيري يفصل الـ (مع) من الـ (ضد).. مثل هذا المسلك ليس فيه رشد سياسي، وفي آخر المطاف سيقسم البلاد- نفسها- ويستجلب العداوة، والبغضاء الشعبية.. بين فريقين متباغضين.. متربصين ببعضهما.

عادة؛ الذي هو في السلطة مطلوب منه أكثر مما هو متوقع من الذي في المعارضة.. فهو في موقع الفعل الأقوى، والأسهل.. لكن إذا تنازلت الحكومة عمّا يجب أن يكون مقامها.. ونزلت إلى حلبة (المكاواة).. بأسلوب جماهير كرة القدم.. فإن درجات نزولها لا تقاس إلا بمقياس (رختر) للزلازل.. لأنها تستنسخ الفتن والإحن ما ظهر منها وما بطن.. وستلد المحن.

من أجل وطن خالي دماء وأشلاء.. ليس من مصلحة الوطن (لو وشوش صوت الريح في الباب) أن تذكرنا الحكومة بويلات سوريا وأخواتها.. ففي تلك البلاد لم تطلب شعوبها أكثر من الحرية، والكرامة فكان رد حاكميها (على جثتي)!.. الحكومات في سوريا واليمن هي التي أعلنت العنف على شعوبها.. لا العكس..
لكن شعب السودان المتسامح المسالم النبيل لم يُعهد في تأريخه مقارفة العنف مهما كان غبنه.. فلماذا تصرّ الحكومة على تهديده بما يجري في سوريا؟.
من الحكمة أن لا ننفخ الكير.. أو نشعل أعواد الثقاب أمام برميل البارود.. وطننا الجميل الكبير محروس بدعوات أبنائه.. وسيظل!.

عثمان ميرغني
صحيفة التيار

Exit mobile version