بين التأييد المطلق والرفض القاطع.. قانون الدعم السريع.. (الدفاع) تترافع قبالة حجج النواب
أثار (قانون الدعم السريع) جدلاً في أوساط نواب البرلمان، إذْ أعلن بعضهم رفضه القاطع لسن قانون للدعم السريع ينص على تبعيتها لرئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وطالبوا بدمجها كوحدة من وحدات القوات المسلحة، وأن تتبع لوزير الدفاع، ذلك لأن صفة القائد الأعلى يمكن أن تنتفي في أي وقت. وأبدى النواب تخوفهم من حدوث تصادم بين الدعم السريع والقوات المسلحة حال إجازة القانون.
بيد أن نواباً آخرين غالبيتهم من “المؤتمر الوطني” أنبروا طوال جلسة البرلمان يوم أمس (الأربعاء) للدفاع عن القانون، حيث ساندوا تبعية الدعم السريع لرئيس الجمهورية والجيش.
الحشد السريع
شهدت جلسات البرلمان خلال الأيام الماضية غياباً كبيراً من أعضاء المجلس الوطني عن حضور الجلسات لا سيما أيام (الاثنين والثلاثاء) الأمر الذي عطَّل إجازة عدة قوانين ما أضطر رئيس البرلمان بروفيسور إبراهيم أحمد عمر لتهديد النواب بتمديد دورة البرلمان (21) يوماً أخريات بعد أن مددت بمثلها بنهاية ديسمبر الماضي.
لكن جلسة البرلمان يوم أمس (الأربعاء) شهدت حضوراً كثيفاً من النواب زاد عن النصاب القانوني المحدَّد بنصف العدد الكلي للنواب البالغ عددهم (420) بعد إسقاط عضوية (2) من النواب.
ويبدو أن مناقشة مشروع قانون قوات الدعم السريع كان المبرر لهذا الحضور لا سيما وأن حزب المؤتمر الوطني حشد عضويته لحضور الجلسة، بعد ظهور أصوات أعلنت رفضها للقانون.
وحاول غالبية المتداخلين من ممثلي المؤتمر الوطني في الجلسة الثناء على القانون والحديث عن أهميته والمطالبة بإجازته، وأعلنت كتلة المؤتمر الوطني بالبرلمان موافقتها على تبعية قوات الدعم السريع للقوات المسلحة وتحت إمرة رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة.
هواجس النواب
حاول عضو البرلمان عن المؤتمر الوطني حسن صباحي تبديد مخاوف النواب الرافضين للقانون وتبعية القوات لرئيس الجمهورية، وطالب بأن يتخلص كل منهم من هواجسه ومخاوفه حول وصف الدعم السريع بأنها (الجنجويد)، ودافع عن تبعية الدعم السريع لرئيس الجمهورية، وقال إن القانون جاء في الوقت المناسب مطالباً النواب بعدم التخوف منه وتابع: (ما تتخوفوا كلنا مسلمين، وما في جاي ولا جاي، وأي زول عندو هواجس يتخلص منها). وشدد صباحي على ضرورة إجازة القانون ذلك لأن الحرب قادمة لا محالة، وأضاف: (يا جماعة كان رضيتوا ولا أبيتوا “الدواس” جاي علينا، ودولة جنوب السودان لو استقرت بيقبلوا علينا وقوات الدعم السريع دي (فزع المضايق).
وخلافاً لما ذهب إليه صباحي يرى البرلماني عن كتلة المؤتمر الوطني أحمد الصالح صلوحة عدم وجود سبب لتبعية الدعم السريع لرئيس الجمهورية وقال إن صفة (القائد الأعلى) يمكن أن تتغير في أي وقت، ويرى صلوحة في تبعية الدعم السريع لوزير الدفاع أمراً صحيحاً خلافاً لرئيس الجمهورية ذلك لتقوية الصلة بينها والقوات المسلحة، مطالباً بضرورة عرض القانون على عدة جهات لمناقشته وسد الثغرات فيه وأضاف: (البلد تسير نحو الانفراج وأي قانون يجب أن نعمل له حساباً).
تفلتات
بدروه أبدى عضو البرلمان الطاهر الريح أبو عيسى تخوفه من قانون قوات الدعم السريع، وقال: (كلنا يعلم بالتفلتات لهذه القوات، وهي أنشئت لأغراض محددة، لكننا عندما نتحدث عنها بهذه الصورة كأننا نريد أن نأتي بجيش جديد). وأضاف: (نحن نعيش مرحلة وفاق وطني والحديث بهذه الصورة سوف يُدخل البلد في مشاكل). وأعلن مخاوفه من حدوث صدام بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.
وللابتعاد من حدوث هذا التصادم طالب أبو عيسى بعدم تشريع قانون خاص بقوات الدعم السريع، واقترح دمجها مع القوات المسلحة باعتبارها وحدة من وحدات الجيش، مطالباً بعدم الاستعجال لإجازة القانون والسعي لدراسته بصورة أكبر، وتخوف الريح من تصادم قوات الدعم السريع مع المواطنين في حالة اندلاع تظاهرات خاصة وأن القانون أعطى الدعم السريع حق التدخل في حالة الطوارئ.
تفصيل القانون
ورفض عضو البرلمان المستقل مبارك عباس القانون جملة وتفصيلاً حيث يرى عدم ضرورة لإنشاء قوات الدعم السريع، وسن قانون لها، وقال إن المهام التي قامت من أجلها سابقاً انتفت أو كادت في الوقت الحالي.
وانتقد ما اعتبره تفصيلاً للقانون على قوات موجودة أصلاً دون قانون، وتسائل عن الضرورة التي من أجلها يتم تشريع قانون لقوات الدعم السريع، وقال إنها قوات أنشئت لمهام في فترة بعينها، لذلك إذا كانت الضرورة وقتها وجود قوات سريعة تتحرك بصورة سريعة باسلحة نارية عالية، فهذه الصفات يمكن أن تتوفر في القوات المسلحة، التي في مقدورها القيام بنفس المهام التي تقوم بها قوات الدعم السريع، لكون القوات المسلحة منذ الاستقلال تقوم بحماية السودان، وأردف: (إذا كانت الضرورة من قوات الدعم السريع حفظ الأمن الداخلي فإن قوات الأمن والشرطة قادرة على القيام بذلك). وتابع: (إن قوات الدعم السريع ولدت خارج رحم القوات المسلحة لأداء مهام محددة في أماكن محددة مكونة من قبائل كذلك محددة).
مرافعات الوطني
نفياً لحديث بعض النواب حول أن قوات الدعم السريع ستكون جيشاً لوحدها قال النائب محمد المختار إن الدستور حدد قوات الدولة ثلاث (الجيش، الشرطة والأمن) وهذا الأمر يقفل الباب أمام إنشاء أي قوات إلا أن تكون تبيعتها لأحد القوات الثلاث، وأشار المختار إلا أن قانون القوات المسلحة يسمح بإنشاء قوات تتبع لها وأن يكون لها قانون خاص بها وهي قوات خاصة لذلك سن قانون للدعم السريع لا يخالف قانون القوات المسلحة، وهذه القوات تبعت للقائد الأعلى لأن تبعيتها للجيش تكبل حركتها الحالية، لطبيعة تحركات القوات المسلحة، لذلك تبعية الدعم السريع للجيش لا يمكنها من القيام بدروها الذي تقوم به حالياً.
بدورها قالت نائب رئيس البرلمان د. بدرية سليمان إن قانون الدعم السريع يهدف لتقنينها لأنها لا يمكن أن تترك تتحرك كما تريد دون قانون، وكما أن قوات الدفاع الشعبي والخدمة الوطنية تتبع للقوات المسلحة ولهما قوانين كذلك هذا القانون سوف يخضع قوات الدعم السريع لإدارة ضباط من القوات المسلحة تحقيقاً لبرنامج الإصلاح الإداري بالمؤسسات السيادية.
من جانبه أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية محمد المصطفى الضو بأن مثل قوات الدعم السريع كقوات خاصة موجودة في (20) دولة في العالم وليس أمر بجديد، وتبعيتها لرئيس الجهورية كذلك موجود حتى في امريكا وعدد من الدول كقوات ذات طبيعة خاصة.
أما البرلماني الفاصل حاج سليمان فقال إن قوات الدعم السريع كانت موجودة وتعمل بأوامر وإجراءات وقرارات لا نعلم نحن في المجلس من أين تأتي وتصدر، لكن هذا القانون يعتبر تحوُّلاً بحيث يكون القانون حاكماً لهذه القوات، وبإجازته تُلغى كل الإجراءات والأوامر التي كانت تحكم هذه القوات من قبل.
مبررات وزارة الدفاع
رداً على مداخلات النواب أقر وزير الدولة بوزارة الدفاع الفريق ركن علي سالم بوجود نقص في التجنيد بالقوات المسلحة الأمر الذي جعل القوات المسلحة في حاجة لقوات الدعم السريع، ونوَّه إلى أن تبعية هذه القوات لرئيس الجمهورية قصد بها قطع الطريق أمام وزارة الدفاع في التصرف فيها إلا بإذن رئيس الجمهورية القائد الأعلى وأضاف: (تبعيتها للقائد الأعلى حتى لا نتصرف فيها، لأنه عندنا نقص في التجنيد، وإذا تُبِّعت القوات لنا سوف نقوم بتوزيعها على ولايات السودان حسب الحوجة). وقال إن وزارة الدفاع لا تستطيع توجيه قوات الدعم السريع إلا بأمر من رئيس الجمهورية، واعتبر تبعية قوات الدعم السريع للجيش تساعد في التحرك السريع للقيام بأي أمر ذلك لأن الجيش حركته تحتاج لوقت والدعم السريع تتحرك في أي وقت ويملك فردها زاداً لـ(72) ساعة يحملونه معهم.
واتهم وزير الدولة بالدفاع من أسماهم بـ (الأعداء) بنشر دعاية سالبة مفادها أن قوات الدعم السريع عبارة عن (ربَّاطة) ونفى الوزير هذه الصفة عن الدعم السريع، وتحسَّر لكون كثير من الناس صدق هذه الأحاديث (حد تعبيره)، مشيراً إلى أن 99% من قادة الدعم السريع ينتمون إلى الجيش وقال هي قوات تخضع بصورة كاملة للقوات المسلحة وأضاف: (كل ما قامت به الدعم السريع حتى الآن كان من تخطيط القوات المسلحة من خلال تحديد الهدف وتوفير الإمكانيات المادية التي تمكنها من القيام بعملها).
وجزم علي سالم بأن كل التجنيد لقوات الدعم السريع من قبل تم وفقاً لإجراءات دقيقة من قبل القوات المسلحة شملت الفحص الطبي و(الفيش) وتابع: (مافي زول جُنِّد بدون تحري لأنو دا ما جيش تاني وأنا مسؤول من الكلام دا).
الصيحة