زهير السراج

وزير النِياحة !!


* لم أعرف مغزى تصريح وزير السياحة (محمد أبوزيد مصطفى) عن ستات الشاي، هل هو نوع من الحسد، أم تحريض للدولة على فرض ضرائب إضافية عليهن، ومطاردتهن فى الشوارع وحرمانهن من العمل انطلاقا من فكره المتخلف عن عمل المرأة، أم محاولة فاشلة لإيهام الناس بأن الحالة الاقتصادية للبلد بخير والدليل هو ستات الشاى اللائى يكسبن الملايين، أو أن الرجل أصابته لوثة من الجنون، فظن أن الدخل اليومى لست الشاى يصل الى (500 ألف جنيه) يوميا ، أى 15 مليون ج شهريا، أى 180 مليون ج سنويا؟!

* حسب الزميلة (امانى خميس) بصحيفة (اليوم التالى) الغراء، فلقد أدلى وزير السياحة والحياة البرية (محمد اوزيد مصطفى) بتصريحات صحفية، ذكر فيها أن الدخل اليومى لـ (1000) من بائعات الشاى اللائي يمارسن عملهن على امتداد شارع النيل في المنطقة بين (برج الإتصالات وحتى جسر الحلفايا) يصل الى (500 مليون ج)، أى أن دخل الواحدة (نصف مليون ج يومياً)، واعتبر الخطوة بمثابة توزيع للثروة أفقياً، وقال “إنها تتنزل من أصحاب الأموال”، وأضاف، “أن كل واحدة منهن تستخدم على الأقل ثلاثة من العاملين بشكل مباشر أو غير مباشر” !!

* بغض النظر عن مغزى حديث الوزير المسؤول عن السياحة والحياة البرية، في بلد اختصها الله سبحانه وتعالى بكل مقومات السياحة الطبيعية، وقدر وافر من الحياة البرية، عجزت الحكومة تحت ظل المفاهيم الظلامية والفساد الفظيع عن الاستفادة منها في تطوير القطاع السياحي واجتذاب السائحين، ورفد الدخل القومي بقدر كبير من العائدات المالية، يستغرب المرء من التركيز الشديد للمسؤولين على بائعات الشاي، لدرجة أنه لا يكاد يمر يوم، إلا ونسمع واليا، أو وزيرأ أو معتمداً أو عضو محلية، أو أى مسؤول آخر يدلي بتصريحات سالبة عن (ستات الشاي)، واتهامهن فى كثير من الأحيان بنشر الرذيلة والترويج للخمور والمخدرات ..إلخ، أو نرى أو نسمع أو نقرأ عن حملة للسلطات المحلية وشرطة النظام العام لمطاردتهن في الشوارع ومصادرة أدوات عملهن ..إلخ، وأخيرا نقرأ تصريحاً لوزير اتحادى عن الدخل الخرافى لستات الشاى، وكأن ستات الشاي هن سبب الانهيار السياسي والاقتصادي والاخلاقي في البلد، وكل المصائب التي تتنزل عليها، وإلا فما السبب في التصريحات اليومية والحملات المستمرة والاتهامات الجزافية ضد ستات الشاي من كافة مسؤولي الدولة؟!

* يعرف الجميع، ما عدا السادة المسؤولين (بالطبع)، أن السبب الرئيسي في ازدياد عدد بائعات الشاي في البلد، وكل شاغلات المهن الأخرى المماثلة، هو الحاجة الملحة لكثير من الأسر لزيادة دخلها حتى يمكنها مقابلة احتياجاتها المعيشية مع الانهيار الاقتصادي الفظيع وراتفاع تكلفة المعيشة، ورفع الدولة يدها عن العلاج والتعليم وكل شيء، والاعتماد بشكل كلي على جيب المواطن (حتى في توفير المصروفات البذخية العبثية الضخمة للحكومة)، مما اضطر النساء للخروج إلى العمل لمساعدة الرجال، بالإضافة إلى اضطرار الكثيرات من خريجات الجامعات والمدارس الثانوية اللائي لم يعثرن على عمل للعمل في مجال بيع الشاي، والمهن المشابهة، وهو شئ يجب أن يُشكرن عليه، فأي عمل مهما كانت ضآلته هو عمل شريف، بدلاً عن ممارسة التبطل والتسكع والاعتماد على الغير، ولكنهن بدلا عن ذلك لا يجدن إلا الإزدراء والحملات المستمرة والاتهامات المسيئة بدون أي دليل بقصد الإهانة والتخويف وتلويث سمعتهن بين الناس .. بالله عليكم ماذا يمكن أن نقول عن هؤلاء المسؤولين، وبماذا نصفهم؟!

* ثم يأتى وزير السياحة ليزعم أن الدخل اليومي لبائعة الشاي على شارع النيل الأزرق في الخرطوم يصل إلى (نصف مليون ج)، ولا يدري أحد ما هو الغرض من هذا التصريح، هل هو تحريض، أم حسد، أم جنون، أم هضربة عن الرفاهية التي يعيشها المواطنون، أم ماذا يا وزير السياحة الذي لا ندري أية سياحة في البلد تحتاج إلى وزير يشرف عليها، ومتطرف فكرياً كمان؟!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة