شقيق حتى النهاية.. سفير إلى الأبد
رحم الله سعادة سفير الشقيقة مصر بالسودان، الراحل المقيم عبد الغفار الديب، الذي ارتبط ببلادنا على مدى سبع سنوات تقريباً، قضى منها أربعاً في جنوب السودان – قبل الانفصال – قنصلاً عاماً لبلاده في جوبا، وأمضى بيننا ثلاث سنوات سفيراً لمصر، إلى أن وافاه الأجل المحتوم صباح أمس في القاهرة.
تلقيت نبأ رحيل السفير عبد الغفار الديب، بعد نصف ساعة تقريباً من وفاته في القاهرة، التي ذهب إليها مستشفياً لتلقي العلاج قبل عدة أسابيع، بعد أن تلقيت رسالة على بريدي الإلكتروني بعث بها إليّ وعممها السيّد المستشار الإعلامي لسفارة مصر بالسودان، الأستاذ عبد الرحمن ناصف، وسارعت المواقع الإخبارية السودانية المحلية، والمواقع الإلكترونية في الخارج بنشر الخبر والترحم على الفقيد العزيز.
ظل السفير عبد الغفار الديب يؤدي واجبه حتى آخر لحظة في حياته، وظل كذلك شقيقاً عزيزاً للسودانيين حتى رحيله، ليخلف بذلك سيرة عطرة ليس في سجل عمله المهني الذي كان سيطوى في مارس المقبل ببلوغه سن التقاعد، بل ليخلف سيرة عطرة في سجل التواصل الاجتماعي مع أشقائه في السودان، إذ أكاد أجزم أن أحداً من أشقائه السودانيين لم يرَ (تكشيرة) أو تقطيبة جبين تعلو وجهه، كان رحمه الله دائم الابتسام، واسع الصدر، لا يتسرع في إصدار الأحكام، ويحكم عقله في كل كلمة ينطق بها لسانه.
ويحفظ تاريخ العلاقات بين السودان ومصر، للراحل المقيم، أنه ظل سفيراً في أحلك الأوقات التي تعرضت فيها العلاقات الرسمية بين بلدينا الشقيقين إلى هزات وتصعيد قاده الإعلام المنحرف عن قضايا ومصالح الشعبين خاصة في مصر، مما أدى إلى هجمات مرتدة لكنها لم تكن بمثل الفجور الذي صاحب الحملات المغرضة التي ظلت تتهم السودان على الدوام، بدعم نظام الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي، ووصل الأمر بالبعض إلى حد (فبركة) رسائل مزيفة متبادلة بين الرئيس المعزول محمد مرسي والرئيس عمر حسن أحمد البشير، كان الأول يصف فيها الثاني بـ(أمير المؤمنين).. وغير ذلك مما لا يقره شرع أو دين. وحتى عندما انكشف الكذب والادعاءات، لم تقم تلك المؤسسات أو الصحف أو الأفراد بالاعتذار عما روّجوا له من أكاذيب، وفق ما تقتضي الأعراف المهنية.
يحفظ تاريخ العلاقة بين الشعبين للراحل المقيم أنه كان عف اللسان، يتعامل وفق ما يمليه عليه منطق المصلحة المشتركة لشعبي وادي النيل، وظل طوال فترة عمله في السودان حافظاً للود، حريصاً على أن نتجاوز الأزمات، وأحسب أنه جهوده وجهود العاملين معه، لم تذهب سدىً، فها هو وزير الدفاع السوداني، الفريق أول مهندس عبد الرحيم محمد حسين يعود من القاهرة بعد لقاء مثمر وناجح ومفيد مع المشير عبد الفتاح السيسي، النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع، ورئيس الجمهورية القادم وفق ما تقول الاستقراءات، وها هو الأستاذ علي كرتي وزير الخارجية يحزم أمتعته ويحمل ملفاته إلى مصر في زيارة مطلوبة ومهمة نأمل أن تعيد بلدينا إلى مربع تبادل المنافع الذي يكون أقل ما فيه تطبيق الحريات الأربع.
اللهم ارحم عبد الغفار الديب واغفر له وأسكنه فسيح حناتك وألهم آله وذويه وأصدقاؤه ومعارفه الصبر والسلوان، إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]