المرأة في المسرح السوداني
ما هو دورها وكيف تناولها المسرح
تهاني الباشا وعرفة حسن وزكية محمد عبد الله تعدى إسهامهن التمثيل إلى الإخراج
مما لا شك فيه أن المسرح في السودان كرّس خطابه المركزي تجاه القضايا الاجتماعية بصفة عامة، وقضايا المرأة بصفة خاصة، وكان ذلك من بواكير النصوص المسرحية التي كتبها رواد النشاط المسرحي، اذ كتب خالد ابو الروس مسرحية (خراب سوبا)، التي تعرض فيها الى امرأة تدعى (عجوبة) التي امتلأت نفسها بالكراهية، والانتقام والحقد ضد ملك (سوبا) الذي قتل زوجها، حيث اتخذت هذه المرأة من بنتها البارعة الجمال (طيبة) سلاحا لتدمير الملك، وتحقيق رغبتها في الانتقام، حيث قدمت ابنتها هدية للملك (مكيدة) وحاولت خلق الفتنة بينه وبين وزيره، اذ وعدته بتزويجها له إذا قتل الملك، وعندما فشل رغم رغبته وافتنانه بـ (طيبة) تذهب (عجوبة) إلى ملك آخر يتبع لنفس المملكة مستفيدة من جمال ابنتها الفاتن، حتى تم لها ما أرادت، فتدمر الملك والمملكة حتى صارت مثلاً (عجوبة الخربت سوبا).
من خلال هذه الحكاية الشعبية استطاع خالد أبو الروس ومن خلال بناء درامي متماسك أن يتناول كيد المرأة.
عندما انتظمت التجربة المسرحية بصورة راتبة إبان المواسم المسرحية المنتظمة وجدت الموضوعات التي تناقش قضايا المرأة اهتماماً مقدراً، حيث كانت فترة السبعينيات وحتى منتصف الثمانينيات فترة من فترات ازدهار تناول القضايا الخاصة بالمرأة، إذ برز كُتّاب فحول في هذا الحقل أمثال حمدنا الله عبد القادر وعمر الحميدي وغيرهم، حيث تناول حمدنا الله عبد القادر مسألة المرأة في عدد من مسرحياته أبرزها مسرحية (المنضرة) حيث تناول الكاتب مسألة المرأة من خلال موضوع الخيانة الزوجية، وحاول الكاتب الانتصار لقضية المرأة ضد العادات والتقاليد الذكورية الصارمة، التي ترمي بكل لائمة على سلوك المرأة حتى ولو كان الرجل هو المعتدي، كما تناول الكاتب عمر الحميدي نفس الموضوع في مسرحية (السيل) التي تبين استغلال ضعف المرأة المغلوب على أمرها وهي مواضيع تصب في خطاب العُنف ضد المرأة – أما مسرحية (على عينك يا تاجر) نجد ان الكاتب تناول قضية أخرى، حيث يدور الصراع بين فتاة وأسرتها من جهة وبين الأسرة والتاجر الهرم من جهة أخرى، حيث إن الأسرة، وتحت ضغط الظروف الاقتصادية وإغراء التاجر الهرم تقرر الأسرة تزويج الفتاة للتاجر دون مراعاة لشعور الفتاة وحرية اختيار شريك حياتها ودون اعتبار لفارق السن الكبير طالما أنه يمتلك المال، حيث كانت مثل هذه التقاليد تسود في المجتمع السوداني، فالفتاة لا رأي لها فجاء المسرح لينتصر لها، فالمرأة آنذاك غير مسموح لها بمجرد النقاش في موضوع تزويجها، وهذه المسرحية أكدت دور المسرح ووقوفه مدافعا ومؤيدا لحقيقة كينونة المرأة ونيل حقوقها – والمتابع لحركة النشاط المسرحي الناضج يلاحظ العديد من المسرحيات التي تناولت قضية المرأة من حيث حقها في التعليم والعدالة والمساواة الاجتماعية، ولكن في نفس الوقت يلاحظ الآن أن الخطاب المسرحي وإلى يومنا هذا لم يرتقِ لإظهار دور المرأة كعضو فاعل في المجتمع كما هو في الواقع، فلم نشهد امرأة في دور مرموق (وزيرة أو طبيبة او مهندسة أو عضو برلمان)، بل يتقوقع المسرح في إظهار المرأة باعتبارها (ربة بيت) في معظم الأعمال المسرحية حتى آخر عرض مسرحي معاصر وكبير للكاتب عادل ابراهيم محمد خير (نسوان بره الشبكة)، حيث لم تظهر المرأة بعد ضمن الخطاب المسرحي كعضو فاعل في المجتمع.
التحية لكل رائدات المسرح السوداني نفيسة محمد محمود – رابحة محمد محمود – بلقيس عوض – تحية زروق – منى عبد الرحيم – الرائدة آسيا عبد الماجد – علوية الأمين – سمية عبد اللطيف – فايزة عمسيب – نادية أحمد بابكر – فتحية محمد أحمد – الراحلة أمينة عبد الرحيم وغيرهن وغيرهن، والتحية والتجلة لتهاني الباشا وزكية محمد عبد الله وعرفة حسن الطيب اللاتي تعدى إسهامهن التمثيل إلى الإخراج.
صحيفة التيار