الطاهر ساتي

صراع حول الرسوم ..!!


[JUSTIFY]
صراع حول الرسوم ..!!

:: ومن ذكاء القضاة وحكمتهم، إختصمت إمرأتان في طفل، إذ كل منهما تدّعي أن الطفل (طفلها)..بعد تفكير، طلب القاضي سكيناً وأمر إمرأة بأن تمسك الطفل من رأسها، وأمر الأخرى بأن تمسك الطفل من قدميه..ثم أمرهما برفعه بحيث يتمكن حاجب المحكمة من تقسيمه – بالسكين – إلى نصفين، وتذهب كل إمراة بالنصف الذي تمسك به.. شرعت إحداها في تنفيذ الأمر و أحكمت قبضتها على رأس الطفل، وكذلك إستل الحاجب السكين لتنفيذ أمر القسمة، ولكن صرخت المرأة الأخرى بتوجس : (لا، لا، ما تقطعوه، خلاص الطفل ده ما حقي).. ورغم هذا الإعتراف الصريح، حكمت لها المحكمة بالطفل..قلب الأم – بتلك الصرخة المتوجسة – كان خير شاهد لصالح تلك المرأة..!!

:: ولحسن حظ الأهل بوادي العُشاري مات القاضي الحكيم.. وادي العُشاري، منطقة حدودية ما بين ولايتي البحر الأحمر ونهر النيل، ويتصارع حول ملكية هذا الوادي حالياً (معتمد هيا ومعتمد الدامر).. أحدهما يدّعي بتبعية الوادي لمحلية هيا والأخر يدعي بملكية الوادي لمحلية الدامر.. ولحسن حظ سكان الوادي ليس في الزمان والمكان قاضياً يختبر معتمد هيا ومعتمد الدامر بإختبار ( قسمة السكان بالسكين)، ليعرف قلب أيهما يهوى هؤلاء السكان بذات صدق قلب تلك الأم..ولو تم الإختبار، لما وجد سكان الوادي معتمداً يصرخ – ويتبرأ من الملكية – لينقذهم من ( سكين الحاجب)..بل، بمشاركة المعتمدين وبكامل تنسيقهما مع حاجب المحكمة، لتم تحويل وادي العُشاري وسكانه إلى ( صحن كُفتة)..!!

:: هذا الوادي لم يكن شئياً مذكوراً بالولايتين، ولم يكن مكتشفاً للمعمتدين.. ولكن – فجأة تعلقت به قلوب سادة نهر النيل والبحر الاحمر لحد الصراع، والسبب ( رسوم التعدين)..نعم، بعض أهل السودان الذين يجوبون الفيافي بحثاً عن الذهب هم الذين إكتشفوا ( وادي العشاري).. وربما لو لم تكتشفها معاول وحفارات التعدين الأهلى لما علم سادة الولايتين بأن في بلادنا رقعة جغرافية تسمى (وادي العشاري)، وبها مواطنين سودانيين بحاجة إلى (وسائل الحياة)..وصراع الولايتين ليس حول تنمية الوادي ولا لمد أهله بالخدمات، بل هو صراع حول تحصيل رسوم التعدين من ( المكتشفين)..فالرسوم فقط هي التي تكسب الأرض والإنسان قيمتهما في بلادنا، وبهذه الرسوم إكتسب واد العشاري وأهله ( قيمتهما)..!!

:: والمدهش، بصحف البارحة، تصريحاً نصه : (وادي العشاري يتبع لنهر النيل وفقاً لخرائط حدود العام 1949، ولازلنا نتعامل بهدوء مع ولاية البحر الأحمر حول ملف الوادي)، أو هكذا تصريح معتمد الدامر، ولايختلف كثيرا عن تصريح (ناطق رسمي باسم الجيش)..وعليه، غير حدود 1956 – والتي تتصارع بلادنا حول بعض مناطقها مع دولة جنوب السودان – هناك أيضاً حدود أخرى مسماة بحدود 1949، وبعض مناطقها على موعد مع ( صراع حدود أيضاً)..وكأن قدر سكان بلادي هو الصراع حول الحدود – الدولية والمحلية – من المهد إلى اللحد..المهم، الصراع حول الحدود الدولية مقدور عليه (بالحوار أو بالحرب)، ولكن الصراع حول الحدود المحلية – وادي العشاري نموذجاً – يجب ألا يكون في دولة بها أجهزة ومؤسسات مركزية، ومنها ( ديوان الحكم الإتحادي)..ما جدوى هذا الديون – وجيش العاملين به – إن كان عاجزاً حتى عن تحديد موقع ..( وادي )..؟؟
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]