الخراف المحورة نعاجاً
:: بالمناسبة، وقائع زاوية اليوم ليست من وحي الخيال أو التاريخ.. أي هي ليست طُرفة أو قصة تاريخية كتلك التي نقدم بها القضايا لتسهيل هضم القضية وإستيعاب وقائعها بيسر..ولكن، وقائع هذه الزاوية – بكل تفاصيلها المحزنة والمضحكة – من واقع حياة الناس في بلادنا، ومسرحها ولاية البحر الأحمر.. وأرشح توثيقها في موسوعة غينيس – بالصورة والقلم – كأغرب إحتيال وتزوير في (تاريخ الأنعام)، وليس (تاريخ البشرية)..نعم، فالأنعام هي محور الإحتيال والتزوير في قضية اليوم..!!
:: ضحى البارحة، بميناء سواكن، قبل أن تبحر إحدى السفن بصادر مواشينا إلى دول الخليج، شاهد أحد العاملين بالمحاجر (مشهد غير طبيعي).. شاهد (خروفاً يتبول)، ولكن واقفاً ب( وضع نعجة)، وأهل الريف أكثر الناس علماً بالطريقتين، ومع ذلك يجب الشرح للمنفعة العامة و (كده)..فالذكر – الخروف – يكون واقفاً بوضعه الطبيعي عند التبول، ولكن الأنثى – النعجة – تباعد الأقدام الخلفية عن بعضها، (وقع ليكم؟).. تمام..فالعامل بالمحجر شاهد خروفاً يباعد أقدامه الخلفية عن بعضها، أي كما تفعل (النعجة)، ولذلك أبدى دهشته وإستطلع الأمر ..!!
:: و لحسن حظ الناس والبلد، لم يسئ العامل الظن في الخروف، ولم يشكك في فحولته، ولم يتهمه بالتشبه بالإناث، بل أجرى عملية فحص للخروف، وإكتشف ما يُحير الإنس والجان.. (الخرفان دى مزورة)، أوهكذا صاح العامل..وفعلاً، تمت إعادة فحص لكل خراف الباخرة، لتكتشف السلطات أن أكثر من سبعين خروفاً هي في الأصل (نعاج)..وبعملية لصق غريبة، أسمتها مصادر بالمحجر ب (عملية تجميل)، تم لصق أعضاء ذكورية – الخصيتين – في (النعاج)، بحيث تبدوا (خرافاً)..هكذا الحدث، تركيب الأعضاء الذكورية في الإناث، وهي عملية (تقبيح) وليس (تجميل)، وهذا ما يمكن وصفه ب ( إبليس ما يفكر فيهو)، أو كما نقول في مواقف الإحتيال المدهشة ..ما لم تراه العين لا يصدق العقل ولا يستطيع أن يتخيل ( كيف تمت العملية؟)..نعم، ليس صعباً جمع أعضاء الخراف من المسالخ، ولكن أي شيطان هذا الذي فكر وقرر لصقها في ( النعاج )..؟؟
:: سألت مدير المحاجر بالبحر الأحمر، الدكتور جعفر علي حسين، عما حدث و إن كانت هناك (سوابق).. تمنيت نفي الوقائع، ولكنه ضحك ثم رد معتذراً : ( معليش، لوائح الوزارة مابتسمح لى بالحديث، وأنا ملتزم باللوائح، شيل تفاصيل الحادث من الوزارة)، فشكرته ثم هاتفت أحد أصحاب الوجع، صديق حيدوب، الأمين العام لشعبة المصدرين، فوجدت عنده تفاصيل الحدث موثقة وبصورها أيضاً..ثم وجدته يتساءل بحزن : ( تفتكر يا ساتي دي أول عملية زراعة أعضاء؟، ولا بتكون في عمليات مرت بدون علم السلطات؟)..نعم، المحزن في الأمر هو إكتشاف هذه العملية (بالصدفة)..ولو لم تتبول تلك الماشية في تلك اللحظة وأمام عامل المحجر مباشرة لما إكتشفت السلطات عملية تصدير ( أكتر من سبعين نعجة)، بمظان أنها خراف..وعليه، نشكر تلك النعجة على التبول ثم نشكر العامل على (الملاحظة)، ثم نسأل كل السلطات : أهكذا أجهزة وإجراءت الكشف والفحص بمحاجركم..؟؟
:: وعلى كل حال، هكذا الحدث الغريب والمراد به تهريب إناث الماشية.. وهناك الف وسيلة ووسيلة لتهريب وتصدير إناث الأنعام المنتجة من بلادنا..فالإناث المنتجة هي الأعلى سعراً بالخليج، ومن أجل الثراء الفاحش لا يتوارى البعض في تصدير هذه ( مواعين المنتجة)..وما الحدث أعلاه إلا( مجرد وسيلة)، و هناك وسائل أخرى منها التهريب أو المحاباة المسماة رسميا (بالإستثناء)..أي يتم التصديق للبعض بتصدير (إناث المواشي)، وهذه سلطة وزارية وساهمت كثيراً في (تجفيف المراعي)، وإستغلها بعض تجار الإبل وبارشيف الزاوية قصص إستغلالهم بكل شخوصها (موثقة)، بوثائقها..ومع ذلك، لأنهم من النافذين بالحزب وحكومته لم تحاكمهم المحاكم رغم أن عملياتهم تلك بمثابة ( تخريب لإقتصاد بلد)..!!
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]