المهدي يبكي صاحب الخصال الخمس تأبين الترابي.. شهود وتوقيعات في حضرة الذكرى
بعد غيبة سنوات، عاد د. علي الحاج إلى أرض الوطن ليتسنم أمانة الشعبي، وبعد صمت سنوات، صعدت عافية حسن، المنصة لتبكي بصوتها الاستثنائي د. حسن الترابي، بأهزوجة الراحل إمام علي الشيخ، الصادرة بحق الشيخ، وصدرها بقوله (فتى أخلاقه مثل).
خصال مثبتة
قال رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي إنه مقدر لصنيع اللجنة المنظمة لتأبين الراحل د. حسن الترابي منوهاً إلى أن الذكرى لأصحاب العطاء من الموتى هي لإقامة تمثال معنوي من لبنات العطاء والإنجاز، وهي جوهر مقولة اذكروا محاسن موتاكم، وقال: سوف أساهم في هذه الذكرى بثلاث نقاط الأولى هي أن للفقيد خمس خصال لا ينكرها إلا حاقد أو جاهل أو حاسد، هي أنه موقن بربه ولمرجعيته الإسلامية، ووطنى غيور على بلاده وعالم موسوعي، وأنه مجتهد ومجدد، وأتناول فكره واجتهاده.
وأضاف: تعاصرنا في جامعة الخرطوم ثم في لندن، وقد جمع بيننا الشان العام، وقد استشعرنا خطر تمدد الفكر الماركسي، وخطر التطلع الجنوبى للانفصال.
وقال المهدي إن علاقات المصاهرة التي ربطته بالترابي كانت معطونة في هذا الفهم العام، وأشار إلى وضعهم إطار الفكر والجماعة الإسلامية قبل أن يصاب الشعار بالتشويش المايوي، وأن فكرة إحياء الواقع الإسلامي في السودان كبيرة، وقررنا أن نستعد للتطورات القادمة بتكوين جامع سميناه جامعة الفكر والثقافة الإسلامية، وأن نعمل لأجل الإسلام بثلاثة أسس في أن نراعي الاجتهاد التوفيقي بين الأصل والعصر، واتخاذ الشعار القومي، وأن تكون آليتنا ديمقراطية تلافياً للتدخلات الخارجية، وقد أسهم د. حسن الترابي في تحقيق إنجازات مهمة في بث الثقافة الإسلامية وتكوين تنظيم حديث متطور، لكنه أشار إلى وقوعهم في أخطاء عبر تبني قوانين سبتمبر وتدبير الانقلاب العسكري في العام 1989 وإقامة نظام إسلامي صادر الحريات وعمل على عزل الآخرين، ولكنه عاد وقال: يجب أن نصوب نحو المستقبل الذي أسس له الراحل عبر النظام الخالف الذي قطع الاتصال بالنظام الانقلابي والالتزام بالحوار الشامل عبر خارطة الطريق الأفريقية، وشدد على ضرورة تحقيق صحوة فكرية، وأن يكون التعايش بين أهل السودان مرجعيته العقلانية وحقوق الإنسان والوصول إلى نظام اقتصادي يحقق العدالة الاجتماعية، ودعا لرفض أيّ علاقات مع إسرائيل لا تقوم على مصالح الأمة العربية والإسلامية.
من الخارج
عدّد الرئيس الصومالي السابق شيخ شريف أحمد مآثر الترابي وإسهامه في إقامة صحوة إسلامية في السودان امتدت لدول الجوار، وأكد أن الترابي خصص فكره وجهده لخدمة المسلمين والصومال خاصة.
كما خاطب الحضور في ليلة تأبين الراحل د. حسن الترابي رئيس ومؤسس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح عبر الهاتف وقدم تهانيه لقيادة المؤتمر الشعبي على نجاح مؤتمرهم العام واختيار د. علي الحاج أميناً عاماً للحزب، ودعا الجميع لضرورة الالتزام بمخرجات الحوار الوطني، مؤكدًا بأن الشعب السوداني عريق في مسألة الحريات، وقال: السودان يعتبر امتداداً طبيعياً لمصر.
هذا وقد تحدث عدد من ممثلي الوفود الخارجية من الأردن ومن يوغندا وباكستان وروسيا وماليزيا، مشيرين إلى إسهام الراحل في حركة الإسلام.
قانوني فذ
تحدث الأكاديمي د. البخاري عبد الله الجعلي عن الأعمال التي نفذتها لجنة تأبين الراحل د. حسن الترابي في ذكراه الأولى، وقال إن لجنة البرنامج نظمت أربع ندوات، حيث كانت الندوة الأولى في يوم الثلاثاء 21 مارس الجاري في جامعة الخرطوم بعنوان سيرته ومسيرته التعليمية، وقد تحدث المتحدثون عن مسيرته منذ أن كان طالباً في حنتوب الثانوية، ثم طالباً في كلية الحقوق بجامعة الخرطوم، إلى أن أصبح أول عميد بكلية الحقوق بجامعة الخرطوم، وقدم شكره للذين شاركوا في تلك الندوة منهم د. عثمان أبوزيد، والأستاذ عمر شمينا والدكتور عادل عثمان. والشكر موصول لكلية القانون التي استضافت الندوة.
كما أقيمت الندوة الثانية في يوم الأربعاء الثاني والعشرين من مارس في مسرح جامعة النيلين بعنوان: الشيخ الترابي ومسيرته السياسية. وقد تناول المتحدثون تجربته السياسية ابتداء من أكتوبر 1964م، مروراً بالجبهة الوطنية والمصالحة الوطنية، والإنقاذ والإجماع الوطني، ومشروع الحوار.
وفي ذات اليوم والتاريخ نظمت الندوة الثالثة في البرلمان بعنوان: الشيخ الترابي ومسيرته البرلمانية والدستورية، وقد تناول المتحدثون تجربته في البرلمانات السودانية منذ ستينات القرن الماضي وإسهاماته في كتابة الدساتير، وكان من بين المتحدثين المحامي عمر الفاروق ود. غازي صلاح الدين، وقدم شكره لرئيس البرلمان البروفيسور إبراهيم أحمد عمر على حرصه على الحضور والمشاركة في الندوة.
فيما نظمت اللجنة الندوة الرابعة في يوم الخميس بعنوان: الترابي ومسيرته الفكرية، وقد تناول المتحدثون تجربته الفكرية والاجتهادية في مختلف القضايا في الفنون والمرأة وفقه المجتمع، حيث شارك في الندوة د. أمين حسن عمر ود. عبد الله زكريا ود. علي مهدي ود. سهير صلاح ود. شوقي بشير، والشكر موصول لوزيرة التعليم العالي سمية أبوكشوة على استضافتها الندوة في قاعة وزارة التعليم العالي، وأوضح بخاري بأن هذه الندوات كان مصاحباً لها معرض ضم أكثر من 600 لوحة، وكتب عن الراحل بالإضافة إلى تسجيلاته ومؤلفاته.
وختم: نحن نحيي زكرى قانوني فذ.
دعوة للمواكبة
وكان رئيس اللجنة القومية لتأبين الشيخ الترابي مولانا دفع الله الحاج يوسف ابتدر الليلة بتحية الحضور على المشاركة، مرحباً بضيوف البلاد القادمين من مختلف بقاع العالم للمشاركة فى المؤتمر العام للشعبي وحضور ليلة التأبين.
وأشار دفع الله الحاج إلى علاقات الترابي الوثيقة بمختلف الجهات داخل وخارج السودان، حيث حضرت وفود من أكثر من عشرين دولة، إكراما لعلاقات عمرها أكثر من ستين عاماً. قائلاً إن أثر الراحل في مسيرة السودان على الصعيد السياسي والاجتماعي واضح وملموس في العمل الإسلامي الذي تعرض بسببه إلى الاعتقالات.
وأوضح دفع الله الحاج أن الندوات الأربع التي أقامتها لجنة التأبين، وتناول المتحدثون فيها جانباً من سيرة ومسيرة الترابي، بينت بجلاء فهمه الواعي للدين والأحداث، مؤكداً أن الناس أحوج ما يكونون لفهمه العظيم وقدراته المبدعة داعياً لأن تكون ليلة التأبين منطلقاً لوحدة الصف وتقوية النسيج الاجتماعي مع استصحاب رؤى الترابي وقناعاته.
وشكا دفع الله من كون العالميْن العربي والإسلامي يمران بأحرج الأوقات، ويمور بالأحداث ويتعرض إلى احتراب وقتال وتدمير للمدن أدى إلى نزوح الملايين، وانهارت مجتمعات بأكملها، وقد أفضى كل ذلك إلى أزمات اقتصادية واضطرابات سياسية وظهور الحركات التكفيرية موضحاً بأن إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي يحتاج إلى عقود من الزمان، ودعا إلى استصحاب تلك التجارب المريرة فى التعاطى مع واقعنا فى البلاد، وقال: كان الترابى يدعو إلى التسامح والحوار وإعلاء قيم الحريات وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وتجديد الرؤى والأفكار في عالم متغير ومتطور.
الصيحة