(ده) الخبر و(الزيت)!!
*خبر تلفزيوني عجيب أوردته صحف الأمس..
*خبر احتجاج مذيع على ما وصفه بتلعثم ضيفه وعدم مجاراته في أسئلته..
*ومن ثم خروجه مغاضباً من الإستوديو لينتهي اللقاء..
*علماً بأن الضيف-حسب نص الخبر-هو طبيب سوداني مشهور..
*وقبل أن نرفع للدهشة حاجباً لنرفع خبر لقاء آخر..
*لقاء تلفزيوني- مساء الأول من أمس- بعد الذي تحدثت عنه الصحف هذا..
*وهذا الثاني كنت- شخصياً- شاهداً على (مهازله)..
*كانا ضيفين من خارج البلاد يقابلهما مذيعان (ثرثاران)، رجل وامرأة..
*وطفق المذيعان يتناوبان الثرثرة والضيفان (ساكتان)..
*بل كان سكوتاً (ناطقاً) بالنظرات والالتفاتات والابتسامات والنظرات..
*كانا في حيرة من أمرهما، لم جيء بهما إلى (هنا)؟!..
*وبعد نحو ربع الساعة- دون مبالغة- تركت القناة ولما (يترك) المذيعان الكلام..
*كانا يتنافسان- فيما بينهما- في (إثبات وجودهما التلفزيوني)..
*كل واحد يريد أن يُثبت أنه الأكثر تميزاً- كلامياً- من الآخر ولـ(ينتظر) الضيفان..
*فكلامهما (ملحوق) بما أنهما لن يلقيا له بالاً مهما يكن مهماً..
*وأكاد أجزم أن (الاستعراض الكلامي) استمر لعشر دقائق أخرى، على الأقل..
*ثم تم الرجوع إلى غرفة التحكم من أجل أغنية..
*وعند انتهائها جرت ثرثرة إضافية قليلة قبل إتاحة الفرصة- أخيراً-لأحد الضيفين..
*ثرثرة من شاكلة (نرحب مجدداً بالضيفين الكريمين)..
*وانتزع الآخر حبل الثرثرة ليردد عبارة (نعم، نرحب بهما في وطنهما الثاني)..
*وما أن (رحب) الضيف بالاستضافة حتى تمت مقاطعته..
*وجُرجر انتباه الضيفين إلى غرفة (الكونترول)- مرة ثانية-لأجل فاصل إعلاني..
*ويطلع (زيتهما) إلى حين انتهاء إعلان (ده الزيت)..
*بل و(يطلع) من رأسيهما كل ما كانا يودان قوله من كلام في البرنامج..
*فهذا هو حال قنواتنا هذه الأيام، دون زيادة أو نقصان..
*فاصل كلامي، ففاصل غنائي، ففاصل إعلاني، ففاصل كلامي (من جديد)..
*وكأن مذيعينا لا يشاهدون الفضائيات العالمية..
*وكأنهم لا يعرفون ثقافة (الاختصار) التي تنتهجها هذه الفضائيات..
*وكأنهم لم يسمعوا بمحاور تلفزيوني اسمه لاري كنج..
*فلاري هذا- وهو الأشهر عالمياً- لم يكن سؤاله يتجاوز عشر كلمات..
*نعود الآن إلى خبر الطبيب (المسكين) لنجد له العذر..
*فأكيد، وحتماً، وقطع شك ظل منتظراً- طويلاً-إلى أن يفرغ المذيع من ثرثرته..
*ثم انتظر الفاصل الغنائي، ومن بعده الإعلاني..
*ثم انتظر الثرثرة الأخيرة قبل أن يُعطى الفرصة عقب عبارة (الحضور الأنيق)..
*فالمعجزة هنا إن ظل كلامه (موجوداً) داخل رأسه..
*لا إن (طار) منه ليختفي بين متاهات الثرثرة والفواصل و(باغات الزيت)..
*فإن كان تكلم فهذا (هو الخبر !!!).
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة