آمنة الفضل

أيام في الريف


لعل الأشياء البسيطة .. هي أكثر الأشياء تميزا ولكن ليست كل عين ترى …

(جلال الدين الرومي)

* بين الأزقة الضيقة في الريف وأنت تخطو على وهن تختلط عليك الروائح العتيقة المشبعة بالطبيعة ، فتأخذك أريحية المكان الى زمان مختلف ، وأنت تدلف من منزل الى آخر دون أن تجهد نفسك في طرق الأبواب الحديدية أو الضغط على الزر الملتصق بزاوية المدخل الخشبي الحديث ، فليس هنالك من يسترق اليك النظر عبر العين السحرية المحفورة في قلب كل باب على إمتداد طرقات المدينة ولا مكان للجفاء أو التأفف …

* وأنت تفتح نوافذك على النيل عند بزوغ الشمس ،تضع بين يدي النيل كل ما حوت دواخلك من ضجر ، تستنشق عبق الصباح وتفرد على وجهه أمنياتك البسيطة وأحلامك المختبئة بين ستائر الأقدار في تلك الحظة فقط ستدرك كم أنت محظوظ …

* في جوف كل بيت في الريف رهط من النعم ، فتلك الضحكات الصافية من كل ثغر تلمحه تنبئك بأن كل شئ ممكن ، تلك الدعوات التي تصاحب تحايا جدتك على مدار اليوم ، والهمس الناعم الذي يتقافز في مجالس الفتيات بينما يسقطن أجفانهن على الأرض حياءاً من صدى كلمات سقطنْ سهواً عن أفواه بعضهن وهن مشبعات بسحر الحب العذري ، مفتونات بجلسة سمر في ليلة قمرية مترفة الجمال والبهجة ..

* في أبهى صور الريف دون الشاعر التجاني حاج موسى على وجه أوراقه ماسكن في دواخلنا طوعاً :

ضل الضحى الرامي
و شمسو الشتويه دفايه ..
ريحة البن لما يفوح فى قلايه ..
فروة جدى .. وسبحة جدي ..
لامن جيت امد يدى …
جدى ادينى تعريفة ..
بتقرا الحمدُ يا المبروك ..
بقراها .. وعشان تعريفه القاها
بجوِّد فى القرايه كمان ..
يا يمه والله زمان …
سبحة بت الفكى ..
و الطوريه والواسوق ..
سعف حبوبه والحنقوق ..
و صوت سعديه بت جيرانا
.. تشحد ليها فى طايوق ..
و صوت عرفه
لما تخمج الدلوكة غناية ..
صور محفورة جوايه .

قصاصة أخيرة *

لا يزال الريف أخضر اللون

قصاصات – آمنه الفضل
(صحيفة الصحافة)