اقتصاد وأعمال

المعاملات المصرفية الخارجية.. صعود بأمر إنهاء الحظر


يبدو أن ارتفاع سقف توقعات وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي في انخفاض ومعالجة ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني عقب التصاعد الذي شهدته التعاملات المصرفية بين الخرطوم وواشنطن بعد رفع العقوبات الاقتصادية خاصة على مستوى البنوك يشير إلى بداية قويّة للعلاقة مع واشنطن، خاصة في ظل وضع تحسبات للحصول على قروض ميسرة بتكلفة أقل عكس ما كان عليه في السابق، إلا أن الناظر بعين المراقب إلى سوق النقد الأجنبي الموازي يجد أن مؤشر السعر للدولار لم يتراوح نقصانه أقل من الجنيه، الأمر الذي وصفه تجار بالسوق تحدثوا لـ (الصيحة) بالبسيط جداً، وأضافوا أن سعر الدولار بلغ 18750جنيهاً، ولعل الحظر المصرفي على البنوك السودانية من أهم أسباب انخفاض سعر الجنيه السوداني، وارتفاع أسعار النقد الأجنبي سواء في الحصول عليه، أو تحويله إلى الخارج، أو التحويل عبر القنوات الرسمية، مما خلق صعوبة في التعامل، وتسبب في إحجام المستثمرين من الدخول إلى السودان.

ويؤكد وكيل كلية الدراسات المصرفية دكتور خالد علي الفويل لـ(الصيحة): إن الانخفاض الحقيقي المنشود لسعر الدولار ينبني على الصادرات والإنتاجية، داعياً لفتح قنوات جديدة، وإدخال وسائل لزيادة الإنتاجية والصادر، مشيراً إلى أن تلك الموجهات من شأنها أن تنعكس إيجاباً على الميزان التجاري للبلاد، جازماً بأن التعاملات المصرفية الخارجية تحدث انفراجاً ولكن ليس بصورة مطلقة، وقال إن فتح قنوات للتعامل يتيح مواعين لسقوف للاعتمادات، منوهاً إلى أن استغلال هذه السقوف لخفض سعر الصرف يستلزم زيادة حجم الصادر وليس الاستيراد، مشيراً إلى أن الدولة تستورد مدخلات إنتاج تساعد الدولة على التصدير، مما يعني أن تأثير سعر الصرف مرهون بالتصدير، ورفع الإنتاج بشكل فيه قيمة مضافة، لافتاً إلى أن رفع العقوبات يتيح غرفاً كثيرة للتعامل، وإنسياب ودائع واستثمارات جديدة، مما يسهم في انخفاض سعر الصرف.

أكثر من خبير اقتصادي اتفق علي أن التحويلات الخارجية المباشرة تسهل العملية المصرفية، وتساعد في هبوط أسعار النقد الأجنبي، خاصة وأن السودان كان يعتمد في التحويلات على بنوك وسيطة، مما يسهل العمليات التجارية والاستثمارية بكاملها، ويساعد في فك الأزمة الخاصة بالتحويلات الخارجية مع دول العالم، وفتح الباب لمزيد من التدفقات النقدية الخارجية ، وينعكس إيجاباً على سعر صرف العملات الأجنبية، في إشارة إلى انخفاض سعر الدولار في السوق الموازي بسبب التحسن الذي طرأ على العلاقات الأمريكية السودانية بعد رفع الحظر الاقتصادي نهاية العام ومطلع العام الحالي قبل مغادرة أوباما البيت الأبيض.

هذا ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي أحمد مالك، مؤكداً تأثيرها على قيمة الجنيه السوداني، وانفراج البنوك في التعاملات المالية التي ترتبط بالنظام العالمي المالي الدولاري، مبيناً لـ(الصيحة) أن النظام المالي مربوط بالنظام الربوي ربطاً وصفه بالمحكم بالرغم من مطالبات الاقتصاديين بضرورة التخلص منه، إلا أن القرار السياسي آثر الاستمرار في هذا الاتجاه، لافتاً إلى أن النظام الورقي الأمريكي متحكم بنسبة 40% في الاقتصاد العالمي، جازماً بأن الفترة التي منحت للسودان عقب رفع العقوبات الأمريكية كافية لإعادة النظر في النظام المالي الموجود بالبلاد، وقال إن التعاملات واضح جداً أنها في صالح أمركيا لجهة أن حدوث تخفيض للجنيه السوداني مقابل الدولار الأمريكي والذي أصبح قوياً مقابل العملة الوطنية، لافتاً إلى أن طريقة الولايات المتحدة الأمريكية في التعامل بنظام القروض والنظام الربوي، وبالتالي دائماً ما تكون التكلفة عالية جداً للاسثمار أو أي معاملة تجارية، لذلك اتجه السودان شرقاً من ناحية اقتصادية على أساس أن النظام المالي في الشرق غير متوحش كالنظام الربوي الورقي الأمريكي، وأضاف أنه لا يوجد شك في أن النظام الأمريكي سوف يسهم في إدخال أموال على المدى القصير، ويعمل على رفع سعر الجنيه نوعاً ما، وبالتالي إضعاف قدرة السوق الأسود، إلا أنه في الأجل الطويل يرى مالك أن المسألة مخيفة، وعزا ذلك لارتفاع التكلفة، والجنيه السوداني ضعيف مقابل الدولار، مما يصعب سداد الديون، مشدداً على أهمية أن يكون القائمون على الملف من الخبراء الذين يعملون على تخفيض المخاطر في الصفقات، وضمان نسبة أرباح في ظل انخفاض للدولار، وقال إن هذه الودائع والقروض غير مفيدة على المدى الطويل، خاصة وأن العالم دخل في مرحلة التخلص من الدولار، واعتماد الصين شراء الذهب للتخلص من الدولار، مما يعني احتمال نشوب حرب عملات غالباً ما تخسر فيها أمريكا عقب اتجاه دول آسيا وأمريكا اللاتينية للتخلص من الدولار، داعياً لضرورة الأخذ بهذه المحاذير، فضلاً عن توجيه الأموال القادمة للسودان في التنمية وإعادة البناء للسكة حديد والخطوط البحرية والجوية.

الخرطوم :مروة كمال
صحيفة الصيحة