حوارات ولقاءات

مبارك الفاضل: ترامب غير مشغول بقضايا حقوق الإنسان واهتمامه منصب على الإرهاب والإسلام السياسي والتطرف


مبارك الفاضل في حوار الساعة
أتوقع أن يتم تمديد المهلة الأمريكية وأن تتحول بقية الاشتراطات إلى ملف رفع السودان من قائمة الإرهاب
ليس أمام الحركة الشعبية سواء القبول بالتفاوض لأن الحرب عملياً انتهت
هذه (…) هي القضايا التي تشغل المجتمع الدولي
ترامب غير مشغول بقضايا حقوق الإنسان واهتمامه منصب على الإرهاب والإسلام السياسي والتطرف

على (كراسي) بائعات شاي بسوق كادوقلي وبالقرب من شجرة السياسيين كان يجلس رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل يحتسي كوباً من القهوة، طلبنا منه أنا وبعض الزملاء إجراء حوار صحفي معه فوافق على الفور وأبدى رغبته أن نجري الحوار في ذات المكان وعلى الهواء الطلق ووسط عدد غفير من المواطنين وجاءت إفادات مبارك جريئة وضعت كثيراً من النقاط على الحروف وناقش كثيراً من الملفات الساخنة التي تشغل الساحة السياسية السودانية فإلى مضابط الحوار.

لقاؤكم مع أمبيكي، هل تم فيه تناول الأوضاع داخل الحركة الشعبية ومستقبل المفاوضات بشكل واضح لا سيما أن إمبيكي أعلن عن اجتماع تشاوري مع الشعبية في يوم 24 أبريل؟
من وحي بيان إمبيكي عقب زيارته الأخيرة للبلاد فقد قرروا اختصار الأمر ونهاية كل “المطاولات” والحديث عن تهيئة المناخ والكلام عن الاجتماع التحضيري، كل هذه تم تجاوزها ودخلوا في بنود خارطة الطريق في بندين أساسيين: البند الأول إيقاف العدائيات ومسألة الإغاثة، ليتم التوقيع على هذه المسائل في إطار المقترح الأمريكي، هذا ما هو مطروح على الطاولة الآن. ثم يتم الانتقال إلى البند الثالث القضية القومية ومناقشة مخرجات الحوار الوطني ومناقشة حكومة الوفاق الوطني وتوسعة المجالس التشريعية ومفوضية كتابة الدستور؛ ثم مناقشة قضية المنطقتين والترتيبات العسكرية الأمنية الانتقالية، لكن الآن التركيز على جوهر خارطة الطريق وتجاوز الجوانب الإجرائية والدخول لمناقشة مخرجات الحوار، وهذه الجزئية تدخل في المواضيع التي ذكرتها، وبيان إمبيكي كان واضحاً في هذا الاتجاه.

وكيف تقرأ موقف إمبيكي الجديد؟ وهل يرى إمبيكي بعين المجتمع الدولي؟
هذا يؤكد أن المجتمع الدولي الذي ينسق مع إمبيكي لا يرغب في مطاولات لأن الحرب عندهم انتهت ويدفع للتوقيع على إيقاف الحرب والترتيبات، المتاح هو الجلوس لمناقشة قضايا مخرجات الحوار، وإذا كانت لديهم ملاحظات يمكن الاتفاق على ملحق وكشف لنا في اجتماعنا معه أن الصادق المهدي موافق على 80% من مخرجات الحوار الوطني ولديه ملاحظات عليها، ومن هنا يمكن إعداد ملحق مثلما تم ذلك على اتفاق الدوحة، عندما تم اعتماد الدوحة كأساس والسماح للحركات بإبداء المُلاحظات عليها ثم إعداد ملحق. في تقديري أن الخلافات الحالية يمكن أن تولد حالة رفض ومواقف حزبية لكن المسائل تسير إلى نهاياتها، وأي موقف من الممانعين يسجل ضدهم وتترتب عليه إجراءات إقليمية ودولية ضدهم، الآن ليس هنالك حجة بأن توقع على القضايا الإنسانية وتمتنع عن التوقيع على العدائيات لأن هنالك مقترحاً أمريكياً على الطاولة تمت الموافقة عليه من حكومة السودان وهذه هي القضية الآن. والأمور حسمت نفسها والتحدي الأكبر عملية التنفيذ.

هل تتوقع أن تسلخ الحركة الشعبية جلدها وتتنكر لماضيها وتركل مشروعها الحلم ـ السودان الجديد ـ وبهذه البساطة تجلس لتوقيع اتفاق؟
على الأقل ستوقع على إيقاف العدائيات والإغاثة الإنسانية، بعدها ستكون الحرب قد توقفت وهذا مستقبلاً سيلزمها بمناقشة الترتيبات الأمنية والعسكرية، ثم القضايا السياسية يمكن مناقشتها بعملية الربط بين المحورين، كما هو منصوصٌ عليه في خارطة الطريق، لكن القضايا السياسية حسمت نفسها ولا تستطيع الحركة فرض رأيها لأن المجتمع الدولي لا يرغب في الحرب، وهي مُهدّدة بتوقيع عقوبات عليها، والحركة الشعبية أضاعت فرصة في أنها في ظرف كان بإمكانها فيه استخلاص تنازلات وعين الحكومة على رفع العقوبات ومستعدة لتقديم تنازلات مقابل ذلك لكنها لم تفعل وحاولت أن تراهن على الاستمرار في الحرب ومنع السلام لعرقلة رفع العقوبات لكن الحركة خسرت، فأنت مثلاً لو مشيت (كازينو) وخسرت لا تستطيع أن تطالب بإرجاع المبلغ. هذا ما فعلته الحركة لأنها لم ترَ واقعها فلم يعد هناك سودان جديد وحركة شعبية ووضع الجيش أصبح غير مقبول لا للمجتمع الدولي، ولا الإقليمي، ويجب أن يُضَمَّ للجيش القومي كما فعلت الحكومة مع الدعم السريع، والقصة كلها ماشة لجيش واحد، وهذه توصية ضمن توصيات الحوار.

الآن تبقى شهران فقط من الموعد الأمريكي المضروب برفع العقوبات كلياً عن البلاد كيف تنظر لمستقبل العقوبات المفروضة على السودان؟ وهل تبقى لطي هذا الملف شهران فقط أم أن الحكومة لم تفِ بالاشتراطات الأمريكية؟

الاشتراطات الخمسة لم تكن صعبة التنفيذ لأن موضوع الإرهاب قطع شوطاً كبيراً وموضوع السلام تمت فيه مجهودات، والقضايا الإنسانية كذلك؛ لكن المشكلة تكمن في تنفيذ اتفاقية الدوحة أو ما تبقى من بنود في اتفاقية الدوحة موضوع إعادة النازحين واللاجئين والعدالة الانتقالية والقضية الثانية تكمن في تسوية المشكلات السياسية، وأنا في تقديري ستكون هنالك مطالب إضافية وقد ترفع هذه العقوبات الآن بعد شهر (7) لكن الآن تواجه البلاد مشكلة رفع السودان من قائمة الإرهاب والعقوبات المتعلقة بدارفور. هذان الملفان ربما يدفعان الولايات المتحدة لتسويتهما بمزيد من المطالب لإنجاز أشياء إضافية متعلقة بالمشكلات الداخلية.

لكن هنالك التزامات مثلاً: حرية الصحافة والمنظمات وحرية النشاط الحزبي وغيرها أشار لها نائب وزير الخارجية الأمريكي وطالب بتنفيذها؟
مقاطعاً: هذا ليست في المحاور الخمسة.

نعم ولكنها التزامات؟
نعم، ولكنها مسألة مكملة وأتوقع أن يتم التمديد ـ المهلة ـ لكن أستبعد الرجوع خطوة إلى الخلف، ويُمكن أن ترفع الجزئية الأولى وتترك الثانية للوفاء بما تبقى، فالإدارة الأمريكية عينت قبل أيام المستشار الأمني لأفريقيا وهو أمريكي من أصل لبناني وتبقى تعيين مساعد الوزير الأفريقي، وبدَتْ أمريكا نفسها مشغولة بقضايا داخلية وقضايا خارجية غير السودان وتشعر بأنها لم تبلور سياستها الخارجية بصورة واضحة، لكن في تقديري أن ترامب لم يكن متمسكاً كثيراً بقضايا حقوق الإنسان ومهتم جداً بمسألة الإسلام السياسي والإرهاب والتطرف.

وكيف تنظر إلى زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للولايات المتحدة التي بحث فيها كيفية معالجة قضايا الإرهاب في المنطقة عموماً، هل ستؤثر على قرار رفع العقوبات؟

لا أعتقد، لأن السودان (شغال) ومستوفٍ ويوفي بكل المطلوب منه، والفريق محمد عطا كان في زيارة للولايات المتحدة، وهذا الملف غير متاح للرأي العام، لكن على أي حال الأمريكان الآن مهتمون بالملف الليبي في المقام الأول، وأيضاً الأوربيون مهتمون بملف الهجرة غير الشرعية، هذه هي الاهتمامات المباشرة.

في رأيك من يقف وراء توتر العلاقات السودانية المصرية؟
شوف العلاقة السودانية المصرية علاقة حساسة وحساسيتها زائدة عن اللازم ويمكن (ماتش كورة) مثل مصر والجزائر يوترها وأذكر أيام كنت وزيراً ذهبت إلى مصر لمقابلة حسني مبارك وكان مصادفاً أن ناديين مصري وسوداني سيقيمان مباراة في الخرطوم ففاجأني حسني مبارك وقال لي: (قالوا حتضربوا أولادنا) فالخبر الذي وصل حسني مبارك أن المصريين سيتم ضربهم رغم أن المباراة لم يحن وقتها، فهنالك نظرة مصرية قديمة أن السودان جزء من مصر والمصري يقول لك إن (السودان دا بتاعنا) ولا يقوى المصري أن يرى السودان مستقلاً فمثلاً علاقة السودان بدول الجوار مثل السعودية تستثير غيرة المصريين وأنا في رأيي أن ما يحدث حساسيات أكثر من أنها مشكلات حقيقية ومقدور على حلها بدبلوماسية هادئة.

الرئيس قال إن الكيكة صغيرة والأيادي كثيرة والتشكيل الحكومي الآن تأخر لأكثر من شهرين من نهايات الحوار الوطني، متى سيتم تشكيل الحكومي وكيف سيتم توزيع الكيكة؟
أنا كان حديثي في لجنة الإنفاذ واضحاً، بعد أن اتضح لي أن المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي بالذات تركيزه على مسألة توزيع السلطة على كل من شارك في قاعة الصداقة، وكان رأيي أن الحكومة تهم كل الشعب السوداني ومن شارك في قاعة الصداقة أدلوا بآرائهم وعبروا عن تطلعات الشعب السوداني، ولا يمكن أن تختزل الشعب كله في من شارك بقاعة الصداقة، ثم إنك تريد حكومة رشيقة وحكومة ذات قدرات ومن يتوفر فيه هذه الشروط فيما من شارك في الحوار أهلاً وسهلاً ولكن لا يمكن تعبئة الحكومة بمن شارك، من باب أنه شارك. في تقديري أنهم ذهبوا في هذا الاتجاه وواجهتهم مشكلة وأكثر حزب كان يضغط في هذا الاتجاه المؤتمر الشعبي فهو يريد أن يعوم الحكومة بعدد ضخم من الناس وكان هذا الأسلوب أسلوبا خاطئاً فالمضي في الاتجاه التوسعي عطل التشكيل.

وهل عدل المؤتمران الشعبي والوطني عن رأيهما الآن؟
لا أدري، هل عدلوا عن رأيهما أم لا، ولكننا قلنا رأينا ونأمل أن ينظروا إلى متطلبات المرحلة ومخاطبة الرأي السوداني والعالمي بضرورة المرحلة لأن الحكومة تريد أن تعكس قدرات حقيقة تجد احترام عند المجتمع الدولي فالمسألة ليست محاصصات، وأعتقد أن عمل حكومة من نصف الحكومة الحالية ومثلوا بواحد فقط من كل مشارك يكفي لأن الناس يتحدثون عن برنامج وليس محاصصات وقلنا نفس الرأي عندما اختلف الناس حول التمثيل في المجالس التشريعية بـ30% أم 15% وكان رأي الرئيس أن يضع الناس في الاعتبار مسألة الأوضاع الاقتصادية، والرأي العام وأنا أيدت حديث الرئيس، وقلت لهم إن التفكير في أغلبية وأقلية لن تنجحوا وإذا تمسك طرف بأغلبيته، فإن العقد قد انتهى ويجب أن نمشي على أساس أن ما حدث في القاعة توافق والتوافق يتم بالتمثيل وليس المحاصصة.

الجريدة/ حوار: علي الدالي
صحيفة الجريدة