في السودان كل شيء بالليل!!
كل الأمور في السودان لا تنقضي إلا أنصاص الليالي، بالأمس أعلن التشكيل الوزاري أو حكومة الوفاق الوطني التي انتظرتها الأحزاب والمواطنون نص الليل ولا ترى لماذا لا تعلن الحكومة من النهار طالما انتظرت كل تلك الفترة الطويلة، لماذا تأخر إعلانها لهذا الوقت، ألم تعلم الحكومة أن إعلانها أنصاص الليالي يكلف الصحفيين والمطابع زمناً أطول في توضيب المادة ومراجعتها وتصحيحها، لماذا لا نجعل كل أعمالنا المرتبطة بالإعلام أن تتم منذ النهار ولكن كما يقول المثل السوداني من “خلى عادتو قلّت سعادتو”، وإعلان الحكومة ربما يكون مرة في العام أو كل أربع سنوات، ولكن أنظروا إلى حال أهل السودان الذين يتجارون أنصاص الليالي إلى الأسواق عندما يعلن أيضاً شهر رمضان المعظم، أنظروا كيف يتهافت السودانيون على السوق في وقت متأخر من الليل لشراء ملابس لأولادهم أو تفصيل الستائر أو شراء البهارات أو غيرها من الأشياء الضرورية التي يمكن أن تنجز في وقت مبكر من النهار قبل دخول شهر رمضان أو مجيء العيد، فإذا مضى رمضان وجاء العيد نجد نفس الحال الجميع في الأسواق حتى قبل آذان الصبح، وكذا الحال بالنسبة للترزية وأصحاب الخضار واللحمة وكل شيء يحتاجه المواطن صبيحة العيد.
نحن أمة إذا لم نعدل من النمط الذي عاش عليه الآباء والأمهات والأجداد، فلن ينصلح حالنا، لماذا لا نخطط لحياتنا اليومية أو الشهرية أو السنوية؟.. لماذا نجعل العيد بالنسبة لنا مفاجأة، ولماذا زواج الأبناء أيضاً مفاجأة، لماذا لا نقضي حوائجنا في زمن قياسي بدلاً من الإرهاق والسهر والجري حتى أنصاص الليالي في أمور يمكن إنجازها في زمن قياسي. فحكومة الوفاق الوطني الحديث عنها بدأ منذ يناير الماضي، وظل الحديث عنها وإعلانها إما الشهر القادم أو الأسبوع القادم أو خلال يومين، وظل الحديث عنها حتى فقد المواطن الثقة في الذين يصدرون تلك التصريحات، طيب طالما استوت الطبخة ونجضت لماذا لا تعلن بالنهار ولو تأخرت يوماً بعد كل هذا التأخير، لماذا العجلة في إعلانها في وقت متأخر، لماذا لا نصبر يوماً واحداً ونعلنها مثلاً الساعة الخامسة مساءً أو السادسة أو أقل من ذلك الزمن، راحةً للإعلام الذي سيبحث عن الوجوه الجديدة وعن معلومات عنها، هل كل الليل سيكفي للبحث عن الوزير الفلاني الذي دخل الوزارة لأول مرة، وهل المطابع التي لم تكن مهيأة أصلاً لاستقبال العدد الكبير من تلك الصحف للطباعة في زمن قياسي حتى ولو كانت المطبعة الواحدة تطبع ثلاث صحف، فهل إذا وصلتها تلك الصحف بعد الثانية أو الثالثة صباحاً، هل بإمكان الصحيفة أن تصل للقراء في الزمن المعتاد، وهل نضمن أن كل الصحف تتم طباعتها والمطبعة لا يصيبها عطل في ذلك الوقت المتأخر، طالما تأخر إعلان الحكومة إلى هذا الوقت، يفترض أن تعلن في وقت مبكر ولا عجلة بعد ذلك ولا شيء ينتظره المواطن أصلاً، لأن المواطن كان ينتظر الإعلان بعد تسلم السيد رئيس الجمهورية لمخرجات الحوار الوطني وتقديم الأحزاب لقوائم المشاركين في الحكومة، ولكن بعد كل ذلك المواطن لن يتحمس لذلك، فنأمل أن نصلح من حالنا ورمضان على الأبواب، فتشكيل الحكومة المتأخر يجب أن يكون عظة لشراء احتياجات رمضان من وقت مبكر وألّا نتجارى للأسواق نص الليل.
صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي