الطيب مصطفى

الحسنة في الملعون …..!


بلغ السيل الزبى والروح الحلقوم جراء المكر والكيد والمؤامرات التي ظل الجنوب ثم دولة الجنوب يحيكانها للسودان منذ فجر الاستقلال وحتى يوم الناس هذا.

كثير من الأمثال والحكايات تعلمناها في حياتنا حول مقابلة قمة الإحسان بأعظم درجات الإساءة مثل (جزاء سنمار) و(اتق شر من أحسنت إليه) و (الحسنة في الملعون ذي الشرا في القندول) ..كل هذه الأمثال وغيرها تساقطت واحدة تلو الأخرى بعد أن تجاوزتها الحالة السودانية والجنوب سودانية فما حدث ويحدث من دولة الجنوب تجاه السودان ربما لم يحدث له مثيل في تاريخ البشرية منذ أن خلق الله أبانا آدم .

آخر حدثين هما الكوليرا القادمة مع أفواج وأمواج الجنوبيين اللائذين بالسودان هرباً من الموت في ديارهم بسبب الحرب وبسبب الجوع والفقر والمرض ..تلك الكوليرا التي تحولت – بقدرة قادر وربما جراء صلاح السودانيين وكراماتهم ! – إلى إسهالات مائية! على كل حال لن أكذب الأخوين مأمون حميدة وبحر أبوقردة لأني لم أعهد عليهما كذبا من قبل ولكن (ربك يستر) !

أما الحدث الثاني فيتمثل في قوات الحركات الدارفورية المسلحة التي غزتنا من تلقاء الجنوب وقد أبيدت أو أسرت في وادي هور والحمد لله رب العالمين.

في المقابل ترسل الإغاثة المجانية من رئاسة الجمهورية لجوعى الجنوب وبدلاً من إطعام مواطنيه بتلك الإغاثة يقوم سلفاكير وعلى رؤوس الأشهاد بإرسالها إلى أتباعه من متمردي قطاع الشمال الذين يشنون الحرب علينا فهل بربكم رأيتم مثل هذا الكيد؟.

قبل نحو شهر دخل بعض رعاة قبيلة المسيرية بقطيع من الماشية إلى الجنوب طلبا للمرعى فإذا بقوات الجيش الشعبي تقتلهم وتصادر ماشيتهم وكنا قد أوردنا اسماء القتلى من السودانيين وبالرغم من ذلك لا نزال نمد حبل الصبر.

سلسلة من الإساءات يوجهونها إلينا تقابل إحساننا إليهم ولكن هل بربكم هي (دروشة) من جانبنا أم صبر جميل تحاول الحكومة أن تجتاز به شهر يوليو القادم المحدد للنظر في أمر العقوبات الأمريكية؟

لا أظن الأمر كذلك فقد كان هذا دأب حكومتنا من قديم قبل أن تطرأ قضية العقوبات التي تبتزنا بها أمريكا وشيطانها المدعو ترمب؟.

تاريخ طويل من الحقد والتآمر الجنوبي لم يتوقف منذ اشتعال تمرد توريت والمراكز والمدن الأخرى في الإقليم الإستوائي عام 1955.

أعقب تمرد توريت نشوء حركتي (انيانيا ون) ثم (انيانيا تو) ثم اتفاقية أديس أبابا عام 1972 التي أنتجت سلاماً منقوصاً ثم انفجار تمرد ذلك اللعين قرنق عام 1983 والذي جذب إليه بعض شياطين الإنس من شيوعيي الشمال وأحال تمرده إلى مشروع يستهدف به (تحرير السودان!) من خلال (مشروع السودان الجديد) متأثراً بحركات أفريقانية مثل حركة الزعيم الأفريقي مانديلا في جنوب أفريقيا حيث ظل قرنق يردد أن حركته تقوم على ذات المبادئ (الإنقلاب على الأقلية العربية) المستعمرة للأغلبية الأفريقية وتحرير الأغلبية مثلما حرر مانديلا الأغلبية الأفريقية من استعمار الأقلية البيضاء وظل قرنق ينشر ذلك الإفك في أفريقيا السوداء مؤلباً إياها ضد السودان بالرغم من أنه لا توجد دولة دعمت مانديلا أيام نضاله ضد الفصل العنصري مثل السودان ولم يشفع للسودان منحه مانديلا وقيادات حركته التحريرية أيام النضال جواز سفر سوداني فقد زار الزعيم الأفريقي بعد التحرير عدداً كبيراً من الدول الأفريقية واستثنى السودان

الذي لم يزره بسبب الحملة الإعلامية التي شنها قرنق وأولاده باقان وعرمان وغيرهما من الشيوعيين ومتمردي دارفور .

نحمد الله أن كيد قرنق ارتد إلى نحره فهلك حين خر من السماء فتخطفته الطير وهوت به الريح في مكان سحيق وطاش سهم الحركة وتقهقرت، واللهم لا شماتة، أنها تتمزق الآن ويحيق المكر بعرمان وعقار وتتحول داعمتهما دولة الجنوب إلى مسخ مشوه من الفشل الذريع وتلحق الهزائم بحركات دارفور وتملأ الغصة حلوق لوردات الحرب الذين لم يجنوا من تمرداتهم غير الخسران والبوار وسيسجل التاريخ ما ألحقوه ببلادهم من أذى، أما حسابهم عند رب العالمين فذلك نسكت عنه ونطلب من القارئ الكريم أن يقدره وهو يتأمل قوله سبحانه (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا).

سيسألون ورب الكعبة عن كل نقطة دم أريقت من دماء شعب السودان ومن الدمار والخراب والتشرد وإساءة السمعة التي لحقت بالسودان وأهم من ذلك كله سيسألون عن من فوّضهم لخوض الحرب في دارفور التي أرهقوها وخربوها ودمروها وتسببوا في تقتيل مواطنيها وتشريدهم بينما ظلوا هم بعيدين ينعمون بحياة الفنادق المترفة والتنقل بين العواصم المنعمة.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة