صلاح الدين عووضة

التقييم بالنظر !!


*الزوجة لا تلاحظ تأثير السنوات على زوجها..

*وكذلك هو لا ينتبه لما أحدثته معاول الزمن من خراب في بنيانها الجسدي..

*والأمر ذاته ينطبق على كل الذين يتعايشون مع بعض..

*سواء في نطاق الأسرة…أو العمل…أو الحي…أو الأنشطة المشتركة..

*ومن هذه الأنشطة المجال السياسي…وخصوصاً الشمولي منه..

*فحسني مبارك- مثلاً- لم يظهر في الصور بعمره الحقيقي إلا عقب زوال نظامه..

*أما قبل ذلك فكل الصور الدعائية لشخصه كانت خادعة..

*فهي صور لرجل في الأربعين من عمره…أقل من ذلك أو أكثر بقليل..

*يعني بقي كما هو منذ لحظة استلامه السلطة (شاباً)..

*وإلى لحظة خلعه منها (هرماً)…. يزحف عمره نحو التسعين..

*ونميري ظلت صورته كما في الجنيه…لم يكبر عاماً واحداً لحين سقوط مايو..

*فكل صوره الدعائية في الشوارع لنميري يوم بيانه الأول..

*فالإنسان لا يرى الأعمار…والأشياء…والأحوال على حقيقتها…إلا عن بعد..

*ولا يرى صور الشموليين على حقيقتها إلا بعد تركهم الكراسي..

*والآن ؛ إن أردت رؤية أوضاع بلادنا على حقيقتها فغادرها إلى حين…ثم عد..

*أوضاعها السياسية…والاقتصادية…والاجتماعية…والإعلامية..

*أو حاول انتهاج سياسة (التقييم بالنظر) – رغم صعوبتها – وأنت مقيم فيها..

*أي حاول أن تنتزع نفسك من قلب الواقع…ثم انظر إليه..

*سوف تدهشك الكثرة في كل شيء……مع فقر المردود في كل شيء..

*كثرة في المغنين الصغار…والمردود ترديد لأغنيات الكبار..

*كثرة في أندية كرة القدم…والمردود صفر كبير على مستوى التنافس الخارجي..

*كثرة في الصحف…والمردود قلة توزيع.. وتأثير.. وانتشار..

*كثرة في الفضائيات والإذاعات…والمردود الطرفة تلك المنسوبة إلى البنغالي..

*فقد قال حين سُئل عن رأيه فيها (اتنين كلِّم…واهد غنِّي)..

*بمعنى أن تلفزيوناتنا وإذاعاتنا ليس فيها سوى الكلام…والغناء..

*والآن بدلاً من (واهد غنِّي) صار يغني أكثر من خمسة في شاشة واحدة..

*ثم كثرة في مجال السياسة…والمردود؛ ولا شيء…ولا شيء..

*أكثر من ثمانين حزباً….والمردود لا جماهير…ولا برامج…ولا (وجود)..

*برلمانيون لا حصر لهم ولا عد…والمردود تصفيق للحكومة..

*وزراء بعدد الرمل والحصى والتراب…والمردود مص دم الشعب في لا شيء..

*فارهات…ومخصصات…وسفريات……والحال في حاله..

*والبارحة كانت هنالك مقارنة ظريفة – وحزينة – في وسائط التواصل الاجتماعي..

*صورة جماعية لوزراء فرنسا…وأخرى لوزراء ولاية الخرطوم..

*فقط ولاية الخرطوم…..دعك من الولايات الأخرى… ووزراء المركز..

*والمقارنة العددية فضيحة بكل المقاييس…وكذلك الأدائية..

*ولكن حكومتنا لا ترى هذه الفضيحة بما أنها تعايشها…وتجاورها… و(تحايثها)..

*هي مثل الزوجة التي لا ترى الزمن في زوجها…والعكس..

*فلكي نرى واقعنا علينا بنهج (التقييم بالنظر !!!).

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة