أسئلة “فيسبوك” الصعبة للقضاء على التطرّف والإرهاب على منصّته
يقود البحث عن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في النقاش العالمي الحالي إلى نقاش حول تأثير “فيسبوك” على الأخبار. خصوصاً خلال الانتخابات الأخيرة في شمال أميركا وأوروبا. إذ بمستويات مختلفة تم توجيه اللوم إلى مواقع التواصل الاجتماعي وتم اتهماها بتأجيج غالبية المشاكل الحالية، من الحركات السياسية المتطرفة إلى التصاعد المتواصل للدعاية الكاذبة، وكل هذا صحيح بدرجات متفاوتة.
ولطالما كنا مرتبطين في الماضي بالإعلام التقليدي لمعرفة ما يجري حولنا، لكن في العصر الحالي، الذي يتميز بتواصل في الحد الأقصى، بات الجميع قادراً على نشر الأخبار والمعلومات والتحديثات بشكل أسرع وأكثر كثافة. وأمسينا نصدق المعلومات القادمة من المقربين أكثر من أي شخص آخر، لكن ذلك كان السبب الرئيسي في سطوع وهج المتطرفين وصعودهم إلى الواجهة بسبب قدرتها على الانتشار الواسع، بينما زاد الضغط على المؤسسات الإعلامية التقليدية من أجل استخدام نفس الأسلوب للحصول على المزيد من اللايكات والترافيك.
لكن في المقابل لا يزيد هذا الوضع إلا سوءاً، يقول موقع “سوشال ميديا توداي”، إذ بهذه الطريقة تسبب “فيسبوك” في تصاعد الفرق المتطرفة، وعلى الجميع التحرك لتغيير الوضع، يقول الموقع. وقد نشر “فيسبوك” قائمة من الأسئلة التي أطلق عليها اسم “الأسئلة الصعبة”، وعلق الموقع عليها بالقول: “كلما توسعت حياتنا في الإنترنت، وغيرت التكنولوجيا الطريقة التي نعيش بها، بتنا جميعا نواجه أسئلة أكثر إلحاحاً”. ويوضح “فيسبوك”: “تتراوح هذه الأسئلة بين حماية الخصوصية في عالم الإنترنت ومعنى حرية التعبير، مروراً بمستقبل الصحافة على المستوى العالمي”.
والأسئلة التي يطرحها “فيسبوك” هي “كيف يمكن للمنصات أن تمنع الإرهابيين من نشر دعايتهم في الإنترنت”؟ و”بعد وفاة شخص، ماذا يفترض أن يحصل بحسابه في الإنترنت” و”بأي مستوى من الشدة يجب أن تضبط مواقع التواصل المحتوى المثير للجدل وتحذفه”؟ و”من يحدد التعريف الصحيح للأخبار الكاذبة” و”هل مواقع التواصل صحية للديمقراطية” و”كيف يمكننا استخدام البيانات من أجل الصالح العالم، دون تقويض ثقة المستخدم” و”كيف يمنكم مساعدة المستخدمين الأصغر سناً على تعلم الطرق الصحية للتعبير”؟
وفي البداية نشر “فيسبوك” تفاصيل أكثر حول الوسائل التي يعتمدها في رصد المحتوى الإرهابي والمتطرف على المنصة، بما فيها اعتماد جديد الذكاء الصناعي والتعلم الذاتي الآلي التي تم بناؤها من أجل رصد وتحليل المحتوى المثير للجدل والتساؤل. لكنه لم يخفِ محدودية هذه الوسائل وفعاليتها. وقال “فيسبوك”: “لقد كنا حذرين لأننا لا نريد أن نتحدث عن وجود وسيلة سهلة لحل هذا المشكل، إنه تحدٍ ضخم أن تحافظ على سلامة مستخدمين في منصة تعدادها حوالي ملياري مستخدم كل شهر، ينشرون المحتوى ويعلقون عليه بأكثر من 80 لغة في كل جزء من العالم، ما زال أمامنا الكثير لنفعله”.
وأشار “فيسبوك” إلى أنه يملك فريقاً من 150 شخصاً مهمتهم التركيز على رصد وحذف المحتوى الإرهابي والمتطرف بأشكالهما بمساعدة أدوات التعلم الآلي، والتي تتطور بدورها بشكل مستمر. ويأمل “فيسبوك” من خلال هذه الخطوة تحويل منصته إلى “فضاء عدائي للإرهابيين” ولسوء الاستخدام.
وقد لا تبدو جهود “فيسبوك” واضحة في بعض الأحيان، لكن من المثير للاهتمام أن نلاحظ كيف تتطلع شبكات التواصل الرئيسية لمعالجة مثل هذه القضايا، والنظر في آثارها وكيفية التصدي لسوء الاستخدام. وفي البداية استطاع “فيسبوك” تقليص هذا النقاش من خلال ممارسة نفوذه على الرأي العام، لكن الضغط المتزايد أجبره على العمل، ويبقى الأمل معقوداً على تدابير جديدة تمكن جميع المنصات من التخلص من السلوكيات المشكوك فيها وتعزيز حرية التعبير دون تأجيج المضادات الاجتماعية والعناصر التدميرية. ولكن في الحقيقة، من المستحيل تقريباً تحقيق التوازن الصحيح، يقول موقع “سوشال ميديا توداي”، وينبغي دعم كل جهد على هذه الجبهة وتشجيعه.
العربي الجديد