صلاح الدين عووضة

عالم جميل !!


*وجمال شعر إيليا…من جمال بيئته..

*من جداولها…وخمائلها…وروابيها…وأطيارها…وسحبها…وسحرها… وغموضها..

*ثم مساءاتها ذات القمر…والدجى…والشهب…والنجوم..

*ولذا فهو من أرق شعراء العرب المعاصرين إحساساً بالجمال…وتعبيراً عنه..

*وظل أسير بيئته الجميلة هذه رغم غربة المهجر…وبيئته..

*وبيئتنا – في أقصى الشمال – لا يزال جمالها يكمن بين طيات نسيج حاضري..

*وهو الذي يعين على تحمل وحشة الراهن المتوحش..

*وتهفو النفس- في بعض المساءات- إلى مساءات ذات أسمار تحت ضوء القمر..

*وعندما يغيب القمر تتلألأ السماء نجوماً…وشهباً…وكواكب..

*ويأتي الدجى بأطيافه…وأشباحه…وأفراحه…وأحزانه…وهواجسه..

*فكل لواعج النفس تشع عند الدجى…كما الشهب..

*وتتضخم فيه المخاوف من كائناته كذلك…ثم تكتسي جمالاً روائياً عند الصباح..

*كائنات تمر…وكائنات تمور…وكائنات تماري..

*وتبقى (بنت المريق) هي الكائن الأسطوري الأشد قبحاً…..وجمالاً..

*وبعد أن زعم أحدهم أنه نجا منها…هفت نفسه إلى الزواج..

*وتخيَّر واحدة من أجمل بنات البلدة…ووافقت..

*وظلت الموافقة لغزاً محيراً إلى وقت طويل…في طول سنوات رفضها الزواج..

*وتقاصر التفسير حول طبيعة الكائن عن إشباع فضول الأنفس..

*فقد قيل أن جمالها- رغم قبحها- يتمثل في تحريكها مكامن الجمال لدى ضحاياها..

*وضحاياها دوماً من الرجال…ولم تظهرلامرأة قط..

*فطبيعة (الإحساس) بالجمال الذي تحركه…يحرك بدوره (حسيات) ملازمة..

*وربما هذا هو ما جعل جميلة البلدة تقبل بذلكم (الناجي)..

*وجعل حسناء رائعة الطيب صالح (عرس الزين) تقبل بالزين عريساً..

*وجعل زينة بنات القرية (زينة) تقبل بما فعله بها المجنون..

*وفي كتابنا (شذرات) قصصنا كيف أنه جن عقب ملاقاته (بنت المريق)..

*وكيف أنه جُن- تحديداً- بجميلة جميلات القرية….زينة..

*وكيف أن زينة (البكر) هذه جُنت وهي تتبعه إلى طاحونة النصارى المهجورة..

*ويظل جمال الطبيعة (البكر) حاضراً في عوالم الفطرة..

*في القرى…والنجوع…والأرياف…والبلدات….. وفي دواخل إنسانها..

*وفي دواخلي أنا ميل فطري إلى عالم الفطرة..

*إلى مناطقنا- هناك – بنيلها…ونخيلها…وليلها…وشهبها…ونجومها..

*وفي شرقنا…وغربنا…وجنوبنا…….جمال مماثل..

*ومن قلب مثل هذا الجمال انطلقت إبداعات مشاهير الأدباء لتعم العالم بأسره..

*ومنها إبداعات إيليا…وتولستوي…والطيب صالح..

*فضجيج الحضارة يصم الآذان عن سماع الخرير…والهديل…والحفيف..

*ويعمي الأبصار عن رؤية الشهب…والنجوم…والسماء..

*ويرين على القلوب فلا تستشعر الشفق…والغسق…والسحر…والدجى..

*وفتاة من منطقتنا عاشت سنوات عمرها العشرين في لندن..

*وحين زارتها مع والديها تملكها ذهول (جمالي) أرادت التعبير عنه شعرا..

*فكتبت بالإنجليزية ما يُعد إسفافاً قياساً لشعر إيليا..

*بيد أنها رددت مفرداته ذاتها مثل القمر…والدجى…والشهب…والنجوم..

*وحملت معها بعضاً من هذا الجمال إلى عاصمة الضباب..

*فقد تعرفت على (جمال)، وأحبت…فيه…وبه…وعبره……الجمال..

*ولكنه عاد بعد أن لم يجد الشهب والدجى والنجوم !!!.

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة