تحقيقات وتقارير

رفع العقوبات الأمريكية.. تفاؤل مشروع

أيام قلائل تبقت من مهلة رفع العقوبات الأمريكية عن السودان ليصدر قرار أمريكي آخر يؤكد رفع الحظر كلياً، ومع مرور كل يوم من شهر يوليو الجاري ترتفع حمى الترقب في الأواسط السودانية انتظاراً للأسبوع الثاني من الشهر الجاري، فالجميع يتساءلون عما إذا كانت إدارة ترامب ستكمل ما بدأته إدارة أوباما عن رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان نهائياً.

ويرى مراقبون أن السودان تقدم كثيراً في ملفات رفع العقوبات كلياً ومارس سياسات محكمة لتجاوز فترة السماح بالتعاون الولايات المتحدة الأمريكية خاصة في القطاعات الاقتصادية مما أدى إلى التدفقات النقدية وارتفاع طلبات الاستثمارات الأجنبية وفتح المصارف والمؤسسات المالية وهو ما أثار موجة ارتياح لدى المسؤولين الأمريكيين قبل السودانيين.

ويتوقع دكتور هيثم فتحي الخبير الاقتصادي اكتمال رفع العقوبات بالكامل ومن ثم الانتقال نحو التفاوض حول إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب كخطوة أولى أساسية لإعفائه من الديون الخارجية التي تطوق عنق الدولة، ويضيف فتحي أن التراجع الذي سجلته أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني خلال الأشهر الأخيرة جاء نتيجة التحسن الذي طرأ على العلاقات السودانية الأمريكية، ويضيف أن القطاع الاقتصادي والاستثمار بالسودان بدأ يتعافى خاصة وأن هناك تدافعاً كبيراً من الشركات الأجنبية خاصة القطاع التجاري الأمريكي الذي أكد رغبته في الاستثمار بخطوات عملية مع نظرائه بالسودان مما يشير إلي تجاوز فترة السماح ورفع الحظر نهائيا خلال الشهر الجاري ، وفي ذات الوقت يستبعد تمديد فترة السماح في ظل التقدم الملحوظ الذي حققه السودان في هذه الملفات وبشهادة المجتمع الإقليمي والدولي.

يسعى السودان إلي الانفتاح على منظومة المال العالمية عبر اتخاذ تدابير أولية بتفعيل وتحديث قوانين مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ، فيما يدرس البنك المركزي عودة المعاملات المالية مع مصارف عربية وعالمية مرة أخرى بسبب سنوات الانقطاع بسبب الحظر الأمريكي علي البلاد قبل رفعه في الفترة الأخيرة.

ويؤكد مبارك الفاضل المهدي وزير الاستثمار شروعهم في إزالة كافة العقبات التي تواجه الاستثمار خاصة الأجنبي وتحفيزه وفي ذات الوقت كشف عن عزمهم على تعديل قانون الاستثمار لاستيعاب متطلبات المرحلة المقبلة، ويشير إلي عمل مراجعات شاملة لقانون الإستثمار بهدف تجاوز العقبات التي تواجه حركة الاستثمار بالبلاد الأمر الذي يسهم في حل المشكلات والمعوقات التي تواجه القطاع الإستثماري، وقال إن تهيئة بيئة الاستثمار من خلال الإصلاحات الإجرائية والقانونية من أهم أولويات المرحلة المقبلة.

لاشك أن القطاعات الاقتصادية الحكومية لها فيها نظرتها حول القرار لمتابعتها اللصيقة يرصفاها بأمريكا بشأن رفع العقوبات كلياً في الموعد المضروب، وفي هذا الإطار أعرب الفريق محمد سليمان الركابي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي عن تفاؤلهم بأنه سيتم ترفع العقوبات عن السودان نهائياً باعتبار أن السودان أوفي بكل التزاماته المقررة والتي شملها قرار يناير المشروط بفترة السماح (الستة أشهر)، وتوقع حدوث انفراج اقتصادي كبير يقود إلي دمج الاقتصاد السوداني في الاقتصاد العالمي، بجانب فتح الفرص الكبيرة حرم منها منذ عشرون عاما مثل التمويل الميسر ومنع المنح والمساعدات الفنية التي تقدم لدولة المماثلة للسودان وإعفاء الديون الخارجية.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد وضعت خمسة مسارات تشمل إحلال السلام في السودان ومواصلة الجهود لمكافحة الإرهاب، وتقديم الحكومة السودانية لمساعدات تضمن وصول المساعدات الإنسانية والإغاثة، بجانب الإسهام في إحلال السلام في جنوب السودان وجيش الرب.

والناظر لموقف السودان يرى أنه حقق تقدما كبيرا في هذه المسارات مما يعجل برفع تلك العقوبات بعد عودة الهدوء والاستقرار لكثير من مناطق النزاعات، فيما استجابت الفصائل المسلحة لدعوة الرئيس للحوار الوطني وشاركت في حكومة الوفاق الوطني، كما أن الإدارة الأمريكية نفسها اعترفت بأن السودان قد بذل جهود مقدرة في مكافحة الإرهاب ومكافحة عصابات الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى جهوده في فتح مسارات الإغاثة باتفاقه مع منظمات المجتمع الدولي لتمريرها.

ومؤخراً أصدر رئيس الجمهورية قرار متلاحقة ومتتابعة بوقف إطلاق النار في كافة جبهات ومسارح العمليات آخرها التمديد الأخير لثلاثة اشهر حتى أكتوبر القادم، بجانب ن الحكومة السودانية رفضت استقبال أي معارضة جنوبية بأرضيها كما أن جيش الرب بدأ بالتلاشي بإعتراف الحكومة اليوغندية نفسها.

وعلى المستوى الداخلي في السودان فقد دب التفاؤل جميع الأوساط بان يتم الرفع النهائي للعقوبات وإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب دون النظر لقرار ترامب الذي قضى بحظر دخول مواطني ست دول مسلمة إلى الولايات المتحدة من ضمنها السودان، ويبدو أن هذا التفاؤل مشروع من واقع أن السودان التزم بتنفيذ كل الاشتراطات السياسية والاقتصادية والإنسانية في مقابل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

يبدو أن هناك عدة أسباب دعت واشنطون لرفع العقوبات الجزئية عن السودان يتداخل فيها السياسي والاقتصادي معاً شكل نقطة تحول في تصحيح مسار العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، وبالنظر إلى المواقف داخل الولايات المتحدة نجد أن أغلب التيارات تساند رفع العقوبات كليا وأبرزها التيارات الاقتصادية مما يشير إلى أن السودان سيعبر الثاني عشر من يوليو الجاري بنتيجة مشرفة ترسم مستقبلا ذاخراً بالنماء والانفتاح العالمي في المجالات كافة.

الطاف حسن
(smc)