آمنة الفضل

حظر فكري


* يحتاج النيل الى إهتماما أكثر ، يحتاج الي تقييم أكثر ، يحتاج الي أن يتحول رصيفه الى شفاء وليس الى داء عضال لا يمكن استخراجه من دواخلنا إن سيطر عليها ، نكاد نسمع أنينه يخنق ضجيج النهار و يهزم سكون الليل ، كلما القى أحدهم بمشهد قبيح على وجهه العذب
تؤلمني جداً رؤية تشييع جنازته ولا أحد يبكيه الجميع يشيح بناظريه عن القبح والجمال في آن واحد …
* أذكر في وقت مضى من عمري وأنا أصعد الى قمة جبل مرة أني كنت مأخوذة بذلك السحر وتلك الحالة من الهيام ، لم أكن أدرك ماهية
احساسي في تلك اللحظة لأنني لم أزل طفلة تغازل بعضا من شغفها الطفولي بسحر الطبيعة ، تعانق شيئا ما أشعل فيها طاقة الفرح لكنني الآن أدرك تماما أن ثمة بذرة من الصفاء غرسها ذلك المكان بين جيوب الروح أرحل إليها كلما تملكني الضجر ، لم يقاطعنا في ذاك الوقت ونحن في طريقنا اليه صوت الموت ، ولا أفسد موكب العصابات ضحكاتنا …
* يحزنني جداً مشهد حريق المانجو في جوف مزارع ولاية غرب دارفور الجنينة تحديداً ، وأنا لم أزل أركن في بداية العمر ، اذكر أني سألت أحدهم لماذا يحرقونها ؟ فقال إنه لا بد من ذلك حتى لا تتفاغم أسراب الذباب على جثث المانجو المترامية في كل مكان من تلك المزارع ، لم أقل شيئاً ساعتها لكن ظل سؤال عالق بدواخلي هل تُزرع المانجو ليلتهمها الذباب أم النار؟ ، ولم أجد حتى من يجيب بكامل الوفاء …
* أتدرون شيئاً ليس هنالك حظر أعظم من حظر التفكير ، حظر الإبداع ،
حظر التأمل في كل هذا السحر المتراص على إمتداد الوطن ، نحن حقاً بتنا مفتونين بالنظارات السوداء الحاجبة للرؤيا ، مأخوذين بكل ما يأتينا من الخارج حتى وان كان مغشوشاً ، متنكرين لما تحمل بلادنا من تفاصيل مغدقة في الدهشة ، هل سنظل مكبا للنفايات البشرية ، والإلكترونية ، والغذائية ، هل سنظل مستنقعاً للأمراض والفقر ، نشيد المشافي على أحدث طراز ويموت الفقراء من أجل جرعة دواء ، نرتقي بالعمران والتصاميم الحديثة ،بينما تزدحم الطرقات بالمتسولين وفاقدي الهوية …
قصاصة أخيرة
هل سنظل على هذه الحال كثيراً؟

امنة الفضل – الصحافه