التنكيل جهراً بالعائدين قسراً

سمعت الأمين العام لجهاز المغتربين د. كرار التهامي يقول إن الجهاز «جاهز» لاستقبال آلاف السودانيين المرجح عودتهم من السعودية، وأي مجموعة من المغتربين ترغب في العودة الطوعية او الاضطرارية.
دعوني أتوقف قليلا عند الاستعمال الخطأ لعبارة «العودة الطوعية للمغتربين»، التي تتردد كثيرا على ألسنة المسؤولين الحكوميين في بلادنا، فالعودة الاضطرارية والقسرية تكون عندما يفقد شخص مهاجر/ مغترب وظيفته وحق الإقامة في دولة المهجر، ولكن كل من يعود الى الوطن في إجازة أو لأنه نجح في تكوين نفسه، أو لأنه فقد عمله، أو لأسباب صحية أو عائلية، يكون عائدا طوعا، وما لا يريد المسؤولون عندنا التصريح به هو أن هجرة المواطن السوداني إلى الخارج هي القسرية..
كيف استعد جهاز المغتربين لاستقبال العائدين من المهاجر؟ استقبال بمعنى ماذا؟ في المطار؟ في بورت سودان أو سواكن؟ ثم ما العائد على العائدين من استقبال ممثلي الجهاز لهم بعد عودتهم؟ لماذا تستقبلونهم؟ والدكتور التهامي لن يجيب على هذه الأسئلة لأن العين بصيرة واليد قصيرة «قصيرة، إلا في مجال الجبايات من المغتربين»، بل أضاف في تصريحه آنف الذكر أن الجهاز لديه خبرة في استقبال العائدين وأنه سبق أن استقبل آلاف العائدين من العراق وليبيا.وهنا أسأله مجددا: هل قدم لهم تسهيلات وإعفاءات وفتح أمامهم فرص عمل؟.
ومبلغ علمي هو ان العائدين من ليبيا قبل أكثر من خمس سنوات، ما زالوا في حالة كر وفر مع الجهات الحكومية لتخليص السيارات التي أتوا بها، وبعد ان أصيبت آلاف السيارات في الولاية الشمالية بالجفاف والشد العضلي والإعاقة الحركية، صدر في إبريل من عام 2015 قرار «بالحرف» بتحصيل غرامات فرق الموديل المفروضة على العربات المستعملة المتجاوزة «للموديلات المسموح بها» على أن تكون بين -20% – 30% -، كما وجه القرار بتحصيل غرامات إضافية بواقع 2% عن كل سنة تجاوز حسب نوع العربة «العربات الصالون موديل 2016م وأقل، والحافلات من موديل 2013م وأقل، وعربات نقل البضائع من موديل 2011م وأقل.»، إضافة الى وضع خطة إعلان تحذيري عبر وسائط الإعلام المختلفة بحظر إدخال العربات المخالفة لشروط الموديل من دولة ليبيا اعتبارا من مارس 2017م.ووجه القرار ايضا بحجز ومصادرة جميع العربات المخالفة للموديل و التي تدخل البلاد بعد صدور القرار، وعدم السماح بالتسوية القانونية لصالح أصحاب تلك العربات..
ولأن من عادوا من ليبيا عادوا قسرا ولم يكن عند معظمهم ما يعود به الى الوطن بعد ان توقفت البنوك ومرافق القطاعين الخاص والعام عن العمل تماما، سوى حقائب الملابس، وبعض المحظوظين كانوا يملكون سيارات خاصة، فعادوا بها وكانت كل ما خرجوا به من سنوات اغتراب طويلة في ليبيا، ولم تكن ظروف ليبيا تسمح لهم بالتفكير في شروط استيراد السيارات في السودان، لأنهم ومن الناحية الفعلية و»التكنيكال» لم يقوموا باستيراد تلك السيارات، بل استخدموها للهرب من جحيم ليبيا، فكان طبيعيا ان تتعالى صرخات الاحتجاج منهم على عسف الغرامات بحجة فرق الموديل.
ثم وبعدها بشهر، صدر قرارباستثناء سيارات السودانيين العائدين نهائياً من ليبيا من شرط الموديل، وفق ضوابط محددة منها إثبات العودة النهائية والملكية للسيارات المستوفية للقرار، الذي نص على فرض غرامة بنسبة واحد بالمائة عن كل سنة تأخير عن سنة الموديل المسموح به «طالما هناك غرامة عن مخالفة شرط سنة الموديل فكيف يكون هناك «استثناء»؟»، وكيف يثبت عائد من سعير الحرب الأهلية في ليبيا أنه «عائد نهائيا»، والملايين من مختلف الجنسيات غادروا ليبيا خلال عام 2011 وما بعده دون المرور بنقطة جوازات أو جمارك.

صحيفة الصحافة

Exit mobile version