(عرض الحصاد) .. (المحصول) الكامل لغياب نشرة العاشرة
يحق للشاعر إسحاق الحلنقي إضافة غياب (نشرة العاشرة) عن تلفزيون السودان، لرائعته التي تنتهي أبياتها دوما بلازمة (ما مشكلة)، وذلك في إجابة عن تساؤلات تطرحها القصيدة عن أشياء لا تغيب مثل قوله (لا تبين شمس، لا يهل قمر، يبقى السحاب من غير مطر). بالتالي يشكل غياب عرض العاشرة الإخباري، مشكلة، ومشكلة كبيرة، ولكن ذلك حدث يوم (الخميس) الماضي.
وبينما يتسمر المشاهدون أمام الشاشات نهاية الأسبوع المنصرم، انتظاراً لنشرة العاشرة التي تعتبر لدى كثيرين أوان أوبة للتلفاز الرسمي، أو ميقاتاً لإبرام كثير من الأمور، فإذا بهم يفاجأون بغياب العرض الإخباري، من دون سابق إنذار، الأمر الذي أثار عدة تساولات، بعضها ما يزال قائماً إلى اليوم.
بعد مرور خمس دقائق على موعد بث العرض، والناس حيرى، سارع مدير الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون الزبير عثمان أحمد لمبنى التلفاز الذي تحرسه (دبابة) لمعرفة الأسباب التي أدت إلى غيبة نشرة لم تحجب عن الناس لعقود، قبل أن يلحق به وزير الدولة بالإعلام ياسر يوسف لتدارك ما حدث، بيد أن محاولاتهم بات الفشل، وأكدت حدوث أمر جلل .
اجتماع عاجل
لأن عرض العاشرة المسائي الإخباري على شاشة تلفزيون السودان يحظى بمشاهدة عالية خاصة من الجهات الرسمية، فإن غيابه استدعى حضور رجلي الإعلام القويين، الزبير وياسر، بداية لتلافي المشكلة، وصولاً إلى معرفة دواعيها، ولذا بعد أن باءت محاولاتهما بالفشل، دخلا في اجتماع مصغر، كي لا يتكرر غياب النشرة مجدداً.
أصل الحكاية
العاشرة مساء الخميس كان اثنان من مذيعي التلفزيون القومي يستعدان لتقديم عرض العاشرة المسائي وذلك بعد الفراغ من إعداد قائمة إخبارية شاملة تمثل حصاداً ليوم الخميس ليتم تقديمه للمشاهدين. غير أن عطلاً فنياً أطاح بالمحصول والحصاد، بعدما فشلت الجهات الفنية في المعالجة الفورية لما حدث من أعطاب فنية.
يقول مدير الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون الزبير عثمان إن ما حدث وساهم في غياب عرض العاشرة الإخباري المسائي هو عطل فني جاء نتيجة التماس كهربائي قوي تسبب في عطل بأحد أجهزة البث المباشر، وباءت كل المحاولات التي أجريت لإصلاحه بالفشل، ولم تنجز مهمة الصيانة إلا بعد انتهاء زمن العرض الإخباري، وأضاف الزبير أن البث لم يتوقف بصورة تامة في التلفزيون بل توقف البث المباشر نتيجة للعطل الذي أصاب أجهزة البث المباشر مع استمرار البرامج المسجلة .
قصور إداري
بعد غياب عرض العاشرة الإخباري مساء الخميس عن شاشة تلفزيون السودان القومية، برزت أحاديث تشير لوجود قصور إداري داخل التلفزيون القومي تسبب في غياب العرض الإخباري ويتمثل القصور في عدم المتابعة الدقيقة من قبل إدارة التلفزيون للجوانب الفنية.
عند هذه النقطة يقول الزبير عثمان لـ (الصيحة) إنه لا علاقة للقصور الإداري بما حدث بل هو عطل فني في أحد أجهزة البث المباشر، ومضى مضيفاً بأنه لا علاقة للقصور الإداري بانقطاع التيار الكهربائي أو عودته واستدرك بالقول: التيار الكهربائي لم يتعرض للتوقف بل هنالك عطل في جهاز مولد الذبابات الكهربائية، وهو الذي حال دون تقديم عرض العاشرة الإخباري، مردفاً ليست هذه المرة الأولى التي يغيب فيها عرض العاشرة المسائي عن البث بل غاب عدة مرات ولأسباب كثيرة .
عند هذه النقطة تشير (الصيحة) إلى أنه وفي مرات نادرة يتم تأجيل بث نشرة العاشرة، وليس الإلغاء، نتيجة النقل المباشر للأحداث الكبرى، ومباريات كرة القدم المهمة.
معاناة كبرى
على صعيد متصل، يقول مصدر وثيق الصلة بالتلفزيون القومي، إن الأوضاع داخل التلفزيون أصبحت طاردة وبشدة، خاصة البيئة الداخلية، ويشير المصدر إلى أن الاستديوهات تعاني من إهمال مع غياب المعدات الحديثة، بل إن الأخبار تكتب دون تصحيح لانعدام أوراق (اي. 4) وأبان المصدر أن معظم الكوادر التي عملت بالتلفزيون فضلت الهجرة بعيداً عنه.
لكن للزبير عثمان أحمد رأي مغاير بالتشديد على أن البيئة في التلفزيون جيدة، وأنهم يملكون معدات ضخمة، ولا توجد مثل هذه الإشكالات بالتلفزيون، داعياً المتشككين للوقوف على ذلك على أرض الواقع بالحضور إلى مباني التلفزيون.
وفي معرض حديثه أشار الزبير إلى قصور في جوانب أخرى ليس من بينها البث المباشر، وطبقاً لذلك تداولت مواقع إسفيرية تصريحاً مذيلاً باسم وزير الدولة بالإعلام ياسر يوسف يؤكد من خلاله أن التلفزيون يمتلك معدات ضخمة تم استجلابها من الخارج، بمبالغ مالية ضخمة، وبتمويل من وزارة المالية، وأن ما حدث مساء الخميس هو انقطاع التيار الكهربائي تسبب في تعطّل جهاز مولد النبضات للاستديوهات، ولذا خرج استديو الأخبار المباشر عن الخدمة .
مذكرة داخلية
في أعقاب الأعطاب الفنية التي أدت لغياب العرض الإخباري مساء الخميس سرت أنباء عن تقدّم العاملين بالتلفزيون بمذكرة تطالب بفصل التلفزيون عن الإذاعة. وهنا يقول الزبير عثمان إن دمج الهيئة لكل من الإذاعة والتلفزيون هو قرار صادر من رئيس الجمهورية مضيفاً بأنه لا توجد علاقة بين أداء التلفزيون والإذاعة، والدمج لا يؤثر في شيء .
أين الحل
يتوقع مراقبون أن يتكرر السيناريو مرة أخرى في ظل الأوضاع التي يعيشها التلفزيون حالياً، وهنا يقول الكاتب الصحافي عبد الماجد عبد الحميد إن الحل لكل مشاكل التلفزيون تتمثل في ذهاب مدير الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون الزبير عثمان عبر الإقالة وتعيين مدير جديد يعيد للتلفزيون هيبته .
القدرة على الاستمرار
في ظل الانفتاح والتطور الكبير للعمل الإعلامي برزت عدة فضائيات موخراً في المشهد الإعلامي تمكنت بما فيها من إمكانيات من حجز مقعدها وسط الكم الهائل من الفضائيات داخلياً وخارجياً، وتبرز هنا فضائيات مثل (سودانية 24، والشروق، والنيل الأزرق، وفضائية المنال)، حيث تمكنت هذه الفضائيات من خطف الأنظار واستقطاب المشاهدين لمتابعتها، وبالتالي أصبح التلفزيون ضعيف المشاهدة طبقاً للمراقبين.
هنا يطالب عبد الماجد عبد الحميد بتقييم وضع التلفزيون القومي ومدى قدرته على الاستمرار ومن ثم اتخاذ قرار مباشر ينص على إيقاف التلفزيون أو استمراره بشكل أفضل، والتنافس مع رصفائه في الساحة الإعلامية بينما يرى فريق آخر أن التلفزيون يمتلك إمكانيات مالية ضخمة خاصة التي يتم ضخها عبر الرعاية والإعلان، وفي حالة توظيف هذه الميزانية بصورة جيدة يمكن للتلفزيون القومي أن ينهض ويعود إلى مقدمة الفضائيات المشاهدة داخلياً .
الخرطوم: عبد الرؤوف طه
الصيحة