تحقيقات وتقارير

عنف الجامعات .. إقحام الطلاب في الصراع السياسي


اعادت احداث جامعة بخت الرضا الى الأذهان نشاط الحركات المسلحة داخل الجامعات خلال السنوات الأخيرة حيث اصبحت هذه الحركات تمارس العنف بدلاً من طرح الأفكار في ساحات النشاط الطلابي وتعدى الأمر فضاءات ميادين الفكر التي منحتها ادارة الجامعات للطلاب ليتداولوا فيها النقاش الي قاعات الدراسة ومكاتب الأساتذه بقليل من الطرح وكثير من العنف ومحاولة فرض الرأي بقوة التهديد والدمار، وقد أشار البعض إلى أن عمليات الإستقطاب السياسي والإثني بين الطلاب تجعلهم ينزلقون إلى العنف كوسيلة لتحقيق أهداف بعض المجموعات بدوافع الانتماءات السياسية والعقائدية والتعصب للقبلية والجهوية والتي أصبحت تطرح في ساحات الجامعات بدون وعي ، هذه ظواهر لا تستقيم مع النهج الذي يجب أن يسلكه الطلاب .

واوضح عبود جابر سعيد الأمين العام لمجلس أحزاب الوحدة الوطنية أن الجامعات هي منابر حية لتكوين وتعزيز ملكات الطلاب في دور العلم ولكن الظاهرة التي تسمى بالعنف الطلابي مرفوضة من المجتمع باعتبار أنها لا تؤسس لبناء السلم والأمن المطلوبين في البيئة التعليمية وهذا ما يقلق الأسرة والمجتمع .

ويشير إلى أنهم في مجلس الأحزاب يدينون مثل هذا السلوك ويطالبون الطلاب في الجامعات بالإمتثال للسلوك القويم المتعارف عليه سابقاً حيث النقاش والتفاكر المفتوح بين الطلاب ، ويوضح عبود أن الجامعات لديها قوانين تنظم النشاط الطلابي ولكن هناك فرق مابين العقوبات بالقوانين الأخرى كالقانون الجنائي والعقوبات في لوائح الجامعات ولهذا فإن ما وقع من اشتباكات أدى إلى إزهاق الأرواح ينبغي أن يسأل فاعله جنائياً وناشد جميع الاحزاب السياسية سواء في المعارضة أو الحكومة بعقد دورات تدريبية وتثقيفية لكوادرها الطلابية بالجامعات للإمتثال للوائح الجامعات وإتباع السلوك القويم باللوائح المنظمة للنشاط الطلابي بالجامعات والمحافظة على البيئة التعليمية السليمة لاكتساب الخبرات العلمية في التخصصات المتاحة في الجامعة.

ويضيف عبود أن الجامعات هي منابر علم ونقاش مفتوح للطلاب داخل أسوار الحرم الجامعي وبالتالي هم أحرار أن يمارسوا نشاطهم داخل الجامعات ولكن السلطة إذا رأت ان هناك شغب يؤثر تأثير سالب أو يؤدي إلى ضياع الأموال والأرواح والممتلكات يمكن أن يكون هناك تدخل معقول بما يتوافق مع القانون.

وقد أكد رئيس الهيئة المركزية لطلاب الأحزاب السياسية والحركات سامي عبد الله رفضهم للعنف كوسيلة لمعالجة القضايا الطلابية مناشدا الاحزاب السياسية بإدارة نشاطهم السياسي بمعزل عم الواقع الطلابي وأن لايكون الطلاب أداة من ادوات الصراع السياسي حتي وأن كان واقعنا به مشكلات سياسية.

وكان الدكتور طارق محمد نور مدير عام شؤون الطلاب بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي قد تحدث عن العنف الذي شهدته الجامعات خلال الفترة الأخيرة مؤكداً أنه نتيجة أحداث خارجية يحاول أن يُقحم فيها الطلاب خاصة وأن الحركات المسلحة أصبحت تحاول إستغلال المساحات الواسعة من الحريات المتاحة للطلاب لتحويل الجامعةإلى معترك بوسائل مختلفة تستخدم العنف ضد الأساتذة ، كما حدث للبروفسير عبدالملك محمد عبد الرحمن وإدخال الأسلحة والإعتداء على الحرس الجامعي .

وقال إن أذرع الحركات المسلحة في الخارج تحاول أن تصور الأمر على أنه عنف طلابي ، ولكن في الحقيقة أن ما يجري داخل الجامعات عنف منظم من قبل حركات مسلحة تحاول أن تقحم فيه الطلاب وتذهب بأرواح من يقوم المجتمع على تربيتهم لكي يقودوا هذا الوطن الى الأمام.

ويوضح د. طارق أن الطلاب عموماً ينأون بأنفسهم عن مثل هذه المعتركات ، وأحيانا هناك مجموعات تأتي من خارج الجامعة لإفتعال المشاكل داخلها بغرض تعطيل الدراسة فيها وتحطيم الممتلكات العامة.

وعن الإجراءات الموضوعة للتصدي لهذه الظواهر السالبة يشير د. طارق أن تكرار هذه الظاهرة دفع وزارة التعليم العالي للوقوف مع إدارات الجامعات لقراءة واقع هذه الإشكالات وكيفية معالجتها لأن المشكلات العادية من السهل السيطرة عليها ولكن إدخال سلاح إلى داخل الحرم الجامعي وإستخدام العنف المسلح أمر يحتاج إلى المعالجة بطريقة مثلى ، قائلاً إنه لابد من منع دخول أي نوع من الأسلحة إلى داخل الجامعات ومنع التنظيمات المسلحة من إستغلال الطلاب في قضايا العنف ومحاولة التحريض على القيام بأعمال عنف قد تؤدي إلى جرائم أخرى.

وأشار إلى تكوين لجان علمية من الجامعات لدراسة هذا الأمر وتقديم التوصيات إلى مدراء جامعاتهم ومن ثم تقوم لجنة التعليم العالي بدراسة ما تم في هذه الجامعات بغية وضع أسس لعملية النشاط اللا صفي في الجامعات وفق أسس سليمة تساعد الطلاب في تلقي علومهم وفي نفس الوقت أن تكون البيئة الجامعية معافاة من مثل هذه الإشكالات.

من جهته يقول دكتور عمر المقلي وكيل وزارة التعليم العالي سابقاً وعميد اكاديمية السودان للعلوم المالية والمصرفية إن ظاهرة العنف الطلابي لديها بعد اجتماعي تربوي تعليمي وهي انعكاس لما يدور في المجتمع ولكن بطريقة غير رشيدة ، فالممارسة السياسية القوية والسليمة تؤدي الي فكر ناضج واكتساب خبرات ومعرفة ، واصفاً ما يحدث في الجامعات بأنه ممارسات سياسية غير سليمة تؤدي إلى استخدام العنف داخل الحرم الجامعي ، بالاضافة إلى إغلاق المؤسسات التعليمية لأبوابها وتعطيل الدراسة ليحرم فيها الطلاب من التحصيل الاكاديمي والسير في اتجاه معاكس لاستقرار البيئة التعليمية ، قائلاً للأسف الشديد في السنوات الأخيرة أصبحت صلة الطلاب بالجامعات تنتهي بنهاية اليوم الدراسي بحيث لا يكون لديهم وقت لممارسة اي نشاطات اضافية كالجمعيات الأدبية والمسابقات الرياضية هذه الانشطة لها تاثير كبير في توجية طاقات الشباب.

تقرير: ايمان مبارك
smc