الخرطوم والقاهرة .. قضايا عالقة تنتظر الحل
قضايا لا تحصى ولا تعد على طاولة المفاوضات بين السودان ومصر، كل واحدة تصلح لأن تتسيد طاولة اجتماعات اللجنة السياسية التشاورية بين البلدين، التي تبدأ في الخرطوم اليوم، لا يعني تحويل «ملف حلايب» الشائك من طاولة التشاور الوزاري إلى الرئاسي، أن طريق الحل سيصبح «سالكاً» .. فما أفسده الدهر بين البلدين على مدى الأشهر الماضية لا تكفيه جلسات هي في الأصل تحمل عنوان «تشاورية» لتصلحه. لسنوات ظلت اللقاءات بين المسؤولين في البلدين متبادلة وعبارات « أواصر الأخوة والمصير المشترك وأبناء ضفتي الوادي» متكررة، لكن النتيجة واحدة القطيعة «الظاهر منها والباطن» سيدة الموقف، لكن النتائج دائما على «صفحة النهر تلعب» بها الرياح، يميناً وشمالاً وأحياناً يغذف بها الي الشاطئ لتردمها الرمال، فهل من جديد ينتظر في هذه الدورة؟ اليوم تبدأ في الخرطوم، دورة انعقاد اللجنة السياسية التشاورية بين البلدين، ويترأس وفد كل بلد وزير خارجيتها، والعنوان المعلق في الواجهة «مناقشة القضايا العالقة»، نفس عنوان الدورة السابقة، وما تزال القضايا العالقة معلقة، حلايب لا يقترب منها أحد، تأرجح العلاقات الخارجية بين الخلاف الخليجي والليبي عنوان ثان للخلاف، اتفاق السعودية ومصر على تبعية جزر على البحر الأحمر دون علم الخرطوم ملف مطوي، وقف استيراد بعض السلع الزراعية المصرية، محلك سر، المعدنين السودانيين في السجون المصرية، جدال لا ينقطع، ايقاف تنفيذ الحريات الأربعة من الطرف المصري لا إجابة … أما ملف سد النهضة فكفيل به أن يردم أي مساحة للتفاؤل.. ليس من السهل تتبع مكامن الخلاف المصري السوداني، دعك من نثر التفاؤل حول ما يمكن أن تخرج به اجتماعات الخرطوم. إذن، سيشهد الطرفان جولة جديدة من المباحثات اليوم وسيتم تداول تفاصيل العلاقات الثنائية بين البلدين، لكن يبقى السؤال معلقاً حتى البيان الختامي، هل سيتم تنفيذ مخرجات مايتم الاتفاق عليه في لقاء الخرطوم؟ أم سيبقى حبيس الأدراج كبقية مخرجات اللقاءات السابقة؟ تاريخ من الخلافات:شهدت العلاقات السودانية المصرية توتراً ملحوظاً في مايو الماضي، على خلفية ضبط مركبات ومدرعات مصرية في هجوم لمسلحي دارفور على بعض المناطق في الإقليم، واتهام السودان لمصر بدعم المتمردين في دارفور، غير أن رسالة الرئيس عمر البشير التي حملها وزير الخارجية إبراهيم غندور، والتي اتسمت بالشفافية للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أسهمت في تقليل حدة التوتر وأحدثت انفراجاً في العلاقة، حيث وجه الرئيس المصري وقتها بمواصلة الاجتماعات الدورية مع السودان.ستلتئم اليوم في الخرطوم اجتماعات لجنة التشاور السياسي السودانية المصرية المشتركة، برئاسة وزير الخارجية إبراهيم غندور، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير قريب الله الخضر، إن اجتماعات الخرطوم بين غندور وشكري ووفديهما، ستتناول تفاصيل العلاقات الثنائية بين البلدين، وموقف تنفيذ مخرجات اللجنة الرئاسية السودانية المشتركة للتعاون التي استضافتها القاهرة في شهر أكتوبر من العام الماضي، خاصة ما يتصل بتنفيذ وثيقة التعاون الاستراتيجي والتعاون في مجالات العمل القنصلي، ولجنة المنافذ الحدودية والتنسيق في المحافل الإقليمية والدولية والوقوف على تطورات الأوضاع في المنطقة.حدوث توتروقلل المحلل السياسي راشد التيجاني من امكانية تنفيذ مايتم الاتفاق عليه في اللقاء، وأوضح أنه سيكون مثل غيره من اللقاءات السابقه التي لاتجد مخرجاتها حيزاً من التنفيذ، وقال إن القضايا العالقة أهم قضية فيها قضية حلايب، والتي خرجت من جدول مباحثات الطرفين، وأن أي قضية خلافها تعتبر انعكاساً لقضية حلايب، ولم يستبعد التجاني حدوث توتر في اللقاء بين الطرفين، وربما يواجهه بعض التعقيد بسبب ما أسماه المؤشرات السالبة التي حدثت في الأيام السابقة، والتي من ضمنها تصريحات الرئيس المصري بزيارة حلايب، ورفع السودان ملف حلايب للأمم المتحدة، واعتقال بعض الصيادين، وقال إن كل تلك الأحداث سوف ينعكس أثرها على مجريات اللقاء .وأرجع التجاني تأجيل زيارة وزير خارجية مصر سامح شكري إلى عدم الحرص على الحضور في المواعيد، ودلالة على أن اللقاء غير ذي أهمية . وأكد السفير السابق بوزارة الخارجية الرشيد أبوشامه أن اللقاء تم بناءً على التجارب السابقة، وسيكون مثله واللقاءات التي تمت ولم يكن فيها التزام بما تم الاتفاق عليه، خاصة في إرجاع معدات المعدنين التي وعد الجانب المصري بإرجاعها ولم يف بوعده، ووصف مايحدث من قبل الحكومة المصريه بأنه تلاعب، وكل السوابق تشير إلى أنه لاتوجد فائدة من اللقاء إذا لم يتم فيه مواجهة، بما نكصت الحكومة المصريه في تحقيقه، وقال أبوشامة إن أي حديث آخر غير القضايا التي أدلوا فيها برأي ولم تحل لا ثمرة منه، وبالتالي تصبح أي اتفاقيات أخرى غير مفيدة. لقاء روتينيوذهب أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الطيب زين العابدين في ذات الاتجاه، وقال إن اللقاء في الغالب سيكون مثل اللقاءات السابقة لقاءً روتينياً، وقال إن الأشياء المتضررين منها ليست بيد وزير الخارجية المصري، بل في يد الجيش المصري، ولا يستطيع وزير الخارجية أن يحدث أثر فيها، وسيتناول بالنقاش الأـشياء التي تهمه كوزير خارجية .وتوقع زين العابدين أن يتناول اللقاء موضوع سد النهضة حول فترة ملء السد والتي ترفض مصر ملأه في فترة قصيرة، بينما تتمسك أثيوبيا بملئه في أقرب وقت، وربما يأخذ السودان موقفاً وسطاً في ذلك، ولا يستبعد إثارة قضية حظر المنتجات الزراعية المصرية، والتي جرت محاولات لإدخالها بطرق غير قانونية لولا تضييق الحكومة السودانية عليها، وربما يحلم شكري برغبة يريد تحقيقها في تعاطف السودان مع الدول المقاطعة لقطر، ولكنه من المحتمل ألا يجد رداً في ذلك، وقد يتطرق اللقاء للقضايا العالقة الأخرى. ووصف المحلل السياسي الطيب العباسي الخلافات الموجودة بين الطرفين بأنها قضايا مزروعة، وجزء من المعارك التي يديرها الغرب في الشرق الأوسط، وعلى الطرفين مراعاة العلاقات الأزلية بين البلدين، حتى يتوصلوا لحل بشأن تلك القضايا.
تقرير: ناهد عباس
اخر لحظة