ذهب السودان .. التحديات والفرص
تقدم السودان إلى المركز الثالث في إنتاج الذهب بإفريقيا بحسب تقرير أصدره البنك الدولي حيث قدّر إنتاج السودان من الذهب في عام 2016 بنحو 82 طنا، وتحتل دولة جنوب أفريقيا المرتبة الأولى حاليًا في إنتاج الذهب، تليها دولة غانا. ويطمح السودان إلى تنمية إنتاجه من الذهب في وقت أصبحت البلاد تعول على التعدين في حل مشكلات الاقتصاد السوداني الذي يعاني عجزًا وتدهورًا بسبب استمرار الحصار الاقتصادي الأميركي والذي كان من المتوقع رفعه في يوليو الماضي .
وكان البنك المركزي قد قرر في سياساته لعام 2017 السماح لشركات القطاع الخاص بشراء الذهب من التعدين الأهلي وتصديره، على أن تحول عائداته عبر المصارف. وتهدف هذه الخطوة لضخ نحو ثلاثة مليارات دولار هي العائدات المتوقعة سنويا من التعدين الأهلي في المصارف التي تعاني من شح النقد الأجنبي، إلا أن هذه السياسة لم تحقق الهدف المنشود بحسب الخبراء الاقتصاديين بسبب الفرق بين سعر الصرف الذي تعتمده المصارف وسعر السوق لحين اكتمال إجراءات لإنشاء بورصة للذهب والمعادن .
فقد طالب الدكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي والأستاذ المشارك بجامعة المغتربين البنك المركزي بمراجعة القرار الذي يسمح للقطاع الخاص بالدخول في عمليات شراء وتصدير الذهب والذي صدر مؤخرا بالتوافق مابين البنك المركزي ووزارة المعادن .
وقال أن القرار يعد خطوة مميزة نحو إنشاء بورصة للذهب والمعادن مضيفا بأن التجربة صاحبتها بعض الإشكاليات وأهمها فرق السعر الكبير بين سعر الذهب داخليا والسعر الذي يسلم لمصفاة الذهب، لافتا إلى أن القرار نص على بيع الشركات المصدرة ل 50% من مشتريات الذهب لمصفاة السودان بسعر المصفاة وتصدير الـ50% المتبقية مما عرض بعض الشركات للخسائر .
ودعا الناير البنك المركزي إلى أحد خيارين، إما تعديل القرار بتضييق الفجوة بين السعرين، أو السماح للشركات بتصدير الكمية المنتجة كاملة ويتم إلغاء تسليم 50% من مشتريات الذهب لمصفاة السودان مشيرا إلى ضرورة المتابعة بدقة من البنك المركزي و المصارف التجارية لحصيلة الصادر من الذهب، مؤكدا أن نتيجة تنفيذ هذه السياسات من شأنها معالجة قضية المضاربات في سوق الذهب وإنزال حصيلة الذهب خلال عشرة أيام فقط وبالتالي تصحيح مسيرة هذه السياسات لحين إنشاء بورصة للذهب والمعادن.
وبالرغم من أن قطاع الذهب يساهم في الناتج المحلي للدولة بنسبة 3.4 في المائة بمعدل نمو 10.3 في المائة، وأن البلاد تزخر بثروات معدنية ضخمة بدأ استغلالها وعرضها للاستثمار للشركات العالمية؛ إلا أن تنامي ظاهرة تهريب الذهب إلى خارج البلاد، من أخطر المشاكل التي تواجه السودان، لما لها من آثار سلبية على الاقتصاد التي تتمثل في حرمان السودان من أحد أهم موارد النقد الأجنبي، والإيرادات الجمركية المفروضة على تصدير الذهب، كما أن الوجود الأجنبي في مناطق التعدين، يخلق بيئة خصبة لتهريب الذهب خاصة في المناطق النائية والحدودية، وتنتشر أماكن التعدين التقليدي في أكثر من 800 موقع في معظم ولايات البلاد الشمالية والغربية.
ودعا دكتور بابكر محمد التوم عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان ،الدولة لاصدار المزيد من الضوابط والإجراءات وتنشيط أجهزة الرقابة الجمركية والشرطية والإدارات الأهلية للحد من تهريب الذهب عبر الحدود، مشيرا إلى وجود دول حدودية تتاجر بالذهب السوداني.
وطالب البنك المركزي بضرورة مراجعة السياسات الخاصة بتصدير الذهب لضمان حسن إدارة الإيرادات وعدم حدوث مضاربات بسوق الذهب مضيفا بأن تثبيت سعر الصرف يتطلب ضمانات بدخول كل عائدات الذهب للبنك المركزي والمزيد من الحوكمة والمؤسسية لقرار تصدير القطاع الخاص للذهب والذي صدر مؤخرا.
وثمن التوم جهود القطاع الخاص في إنتاج الذهب لافتا إلى أهمية ايجاد سياسات وآليات لتقييم ومتابعة الشركات المنتجة لضمان أن العائد يعود للبنك المركزي ولإنهاء المضاربات التي أدت لارتفاع سعر الصرف مطالبا بالمزيد من الحرص والإحاطة والإلمام بتفاصيل المتعاملين بإنتاج الذهب لادارة مورد الذهب بما يحقق الاستقرار المالي.
وبالرغم من التحديات التي تواجه إنتاج الذهب إلا أن هناك فرص عديدة تنتظر حل المشكلات التي تواجه الإنتاج ، فلازال بريق الذهب السوداني يغري شركات التعدين العربية والأوربية لسبر الأغوار والفوز بعقود الإنتاج بالسودان.
تقرير/ أمل عبد الحميد
الخرطوم في 5-8-2017م ( سونا)