النفايات .. مصيدة حكومات الخرطوم
لم تبرح مشكلة نفايات الخرطوم مكانها منذ سنوات، بل ظلت تطفو بين الفينة والاخرى سيما في فصل الخريف من كل عام، والشاهد أن النظام الذي وضعه والي الخرطوم الأسبق عبد الحليم المتعافي في العام (2007)، والقاضي بتقسيم مراحل جمع النفايات بالعاصمة بين المحليات وهيئة النظافة بالولاية، والمجلس الأعلى للبيئة لم يكن موفقاً بحسب نواب المجلس التشريعي بالولاية، تفاقم المشكلة دفع رئيس المجلس الأعلى للبيئة السابق اللواء عمر نمر للاستغاثة بدول العالم (اليابان، المغرب، السعودية) لتنظيف ولاية واحدة داخل السودان تقدر مساحتها بـ(22) ألف كيلو متر مربع، إلا أن مسؤولية النفايات تفرقت دماؤها بين المؤسسات، جلسة المجلس التشريعي أمس عقدت لمعرفة دور التدهور البيئي في تفشي الإسهالات المائية، إلا أن الأمر انحرف إلى قضية النفايات بالعاصمة، والتي أكد النواب أنها أصبحت مشكلة تؤرق العاصمة بمواطنيها وحكومتها في آن واحد . إخلاء مسؤوليةبدا رئيس المجلس الأعلى للبيئة الجديد حسن إسماعيل ممسكاً بملف النفايات جيداً، أبان تقديمه للبيان الذي تلاه بالمجلس، والذي أخلى فيه مسؤولية المجلس عن عملية جمع النفايات بالمحليات، وحصر اختصاص المجلس في جمعها من المحطات الوسيطة إلى المرادم، خيَّر إسماعيل المجلس مابين أن يبقى العمل في النفايات مقسماً ما بين المحليات والمجلس أو أيلولة الأمر لمجلس البيئة برمته، مطالباً في الوقت ذاته بوضع سياسات موحدة، ووضع خارطة طريق لقضية النفايات بالولاية، وأكد أن تكدُّس النفايات ناتج عن مشاكل إدارية وهيكلية، فضلاً عن ضعف القدرة المالية، ملقياً ببعض المسؤولية على سلوك المواطنين في التخلص من النفايات، وأبان أن العاصمة تحتاج إلى (70) مليون جنيه شهرياً، بواقع (10) مليون لكل محلية، حتى تتمكن من القضاء على مشكلة النفايات، مشيراً إلى أن إيرادات النفايات لم تتجاوز (25%)، واضعاً الأمر بين خيارين: الأول هو تحمُّل حكومة الولاية الأعباء المادية لمراحل جمع النفايات، أو أن يدفعها المواطن بصفته متلقى الخدمة، وكشف إسماعيل عن أن الولاية تفرز (7) أطنان من النفايات يومياً، إلا أن نسبة سحبها لم تتجاوز (65%) مبيناً أن متوسط أداء الولايات يتراوح ما بين (51%) إلى (59%)، و عرَّج إسماعيل إلى قضية هيكلة عمال النظافة والمهندسين وسائقين، وقال إن أجور المهندسين والسائقين لم تتجاوز (1.500) جنيه. زيادة الرسوموألقى نواب المجلس باللوم على المحليات في قضية النظافة، واعتبروا أنها فشلت في جعل الخرطوم مدينة نظيفة، وسارع معتمد محلية أمبدة عبد اللطيف فضيلي بالمطالبة برفع رسوم النفايات المنزلية إلى (120) أو (150) الأمر الذي قابله نواب التشريعي بعدم الرضا، وبعيداً عن الآليات الجديدة التى منحتها اليابان للولاية، لفت فضيلي إلى دفع أموال ضخمة لصيانة الآليات، والتي تعود إلى عام (2001)، مطالباً بتطبيق الحد الأدنى للأجور لعمال النظافة وفقاً لقانون العمل، منوهاً إلى أن أجورهم لم تتجاوز (400) جنيه في الشهر، واتفق معتمد محلية الخرطوم الفريق الركن أحمد علي عثمان أبو شنب مع فضيلي، فيما مضى فيه وحمل المواطنين مسؤولية عدم إخراج نفاياتهم في الوقت الذي تحدده المحليات، واضعاً لاجئي جنوب السودان من ضمن الأسباب من خلال سلوكهم الخاطيء في مصارف المياه بحسب تعبيرهحبر على ورق وشنَّ النواب هجوماً على المحليات واتهموها بالفشل في جمع النفايات، مشددين على ضرورة التعامل مع القضية بصورة علمية، فيما سلط بعضهم الضوء على تقاطع القوانين والتشريعات، وحتى المسؤوليات بين الجهات ذات الصلة، و مثلوا لها بالمجلس الأعلى للبيئة والمحليات، فضلاً عن وزارة الصحة ووزارة البنى التحتية بالولاية، وأكد رئيس المجلس صديق الشيخ على تعديل القوانين والتشريعات الخاصة بالنفايات إذا لزم الأمر، لافتاً إلى أن المعالجة تحتاج جهوداً مشتركة من الجهات ذات الصلة، ووصفت النائبة الزلال عبد الرحيم الحديث عن حل قضية النفايات بأنه يظل كلاماً على ورق، وقالت إن المواطن فقد الثقة في المسؤولين، ورهنت التزامه بدفع رسوم النفايات بعد التزام المحليات بجمعها، وطالبت بضبط عمليات صيانة الآليات بغية إيصاد الباب أمام المتلاعبين و ضعاف النفوس. و حذر رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس التجاني أودون من تأثر إيرادات الولاية من قضية النفايات، وذلك عبر هروب المستثمرين الأجانب من الاستثمار بالولاية، بسبب تكدس النفايات، في وقت تبحث فيه حكومة الولاية عن سبل لتعظيم إيراداتها..
تقرير:أسماء سليمان
اخر لحظة