تحقيقات وتقارير

مع نائب الرئيس في شرق دارفورالبادية .. ريحة الدم هل تنقطع ؟

الهليكوبتر تقلع على مهل.. حينها تتذكر بيت الشعر: كأن مشيتها من بيت جارتها مر السحابه لا ريث ولا عجلقلت للأخ وليد بيومي كم تستغرق الرحلة.. في السفر معدل القلق يتزايد .. هذا في الوضع الطبيعي .. وماذا إذا كنت في طريقك لتفقد آثار معركه طازجة لا زالت ساخنة.. قال ما كثير.. تقريباً نصف ساعة.. ولكننا أمضينا أكثر من ذلك، ربما قاربت الساعة الآن في معية نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن في زيارته التفقدية لضحايا الأحداث بمنطقة المجيليد.. قبل شهر تفجرت الأوضاع بين الرزيقات والمعاليا، وأسفرت الاشتباكات عن مصرع 70 شخصاً.. الزيارة الميدانيه أفضل من عشرات التقارير الباردة.. ومن رأى ليس كمن سمع.. ما أجمل بوادي السودان في الخريف.. الأرض ارتدت حلتها من سندس أخضر وصوت (الهيل) يعلو على كل صوت..العدد ليس كبيراً.. يحيط بالنائب عدد من القادة العسكريين أعضاء اللجنة العليا لنزع السلاح.. في الخريف تتناثر في الجو الفراشات وعطر الأزاهير.. هنا رائحه بارود ودماء ذهبت هدراً.. الأرض تتسع للجميع.. ولكن كيف تتوقف الحرب .. المروحية بين الأشجار.. ننزل على عجل.. أصوات العساكر تعلو بالصياح المعروف عند زيارة المسؤولين.هنا قوات من الدعم السريع شباب في عمر الزهور بما فيهم القادة. يصافح النائب صفاً قصيراً من الضباط ويحيي الجنود الذين اعتلوا ظهر تاتشراتهم.. بعد برهة تدخل سيارة أخرى للمعسكر.. ويبدو الحماس ظاهراً عند قائدها وركابها الممتلئين زهواً وتيهاً، والأيدي تمسك برشاش تبدو عليه علامات الحسم بائنة. . يصافح النائب صفاً آخر هم سكان المنطقة محل النزاع. . المدهش أن الصف يضم رزيقات ومعاليا. . أو قل من كتبت لهم النجاة.. الإرهاق والتعب والحزن البائن سيد الموقف. . قائد القوة يجيب على استفسارات نائب الرئيس، القوة وضعت حداً للنزاع.. وتم اعتقال العشرات، وهو الحدث الأبرز الذي وجدناه في الضعين، وتم ترحيل المقبوضين لبورتسودان، الإجراءات الحاسمه ساهمت في إعاده الهدوء للمنطقة. . مدير الشرطة قال في إفادته إن مضابط سجلات بلاغاتهم أضحت صفرية.. نجلس على كراسي تحت ظلال شجرة وارفة، ولسان الحال يقول الأرض تغطت بالتعب. . أكواب الشاي الأخضر تدور.. الخلاء جميل وساحر.. ولكن المأساة تفرض نفسها.. حسبو طلب من الأهالي الاقتراب.. وشكلت الجلسة دائرة مكتملة.. ربما لو صور المنظر قمر صناعي عابر للقارات، فهل سيصدق المحللون أن الرجل الذي يجلس في الأرض بجلابية وعمة في خلاء يبعد عن العاصمة الخرطوم أكثر من ألف كلم هو نفسه نائب رئيس الجمهورية، جاء للمنطقة بلا حاجب أو زفة حراس. . إنه السودان والعبقرية.. وفي ذات الوقت عمق المأساة. . والسؤال المؤلم يا جماعة الخلل وين؟ يعرِّف الحضور بأنفسهم وتتاح الفرصه لهم للحديث.. في شكل مباشر.قال صديق آدم الزبير معرفاً نفسه بمندوب المراحيل.. مرحب بيكم عشرة مرات نحن مع الدولة.. الشيء الوحيد المطلوب عندنا نحن المواطنين الغبش ما دايرين مشاكل.. نحن رزيقات ومعاليا دايرين نقعد في شجرة واحدة.. وفي بيت واحد.. (اللعلعة) الفي دارفور سببها الحرامية (انزعوا مننا الحرامية. . نحن ما عندنا مشاكل نعيش سوا ونتزاوج ونتخالط، نحن ما بنحب المشاكل وما دعاة حرب. دايرين التعليم والصحة والموية.. يقول آخر: نحن والمعاليا مستعدين نعيش سوا، والبلد هسع آمنة، بس دايرين السلاح يكون في يد القوات وبس، من النساء تتحدث مريم من المعاليا العقاربة مرحبة بزيارة الوفد، وقالت نحن ما دايرين مشاكل وتطالب بالخدمات خصوصاً الصحة، وتقول(نحن نتعالج بالشديد القوي)وتحدث نائب الرئيس حسبو شاكراً حسن الاستقبال، وقدم شرحاً لطبيعه الزيارة لدارفور والمنطقة على وجه التحديد، وعقب على أحاديث المواطنين، وقال سمعنا أنكم عايشين سوا رزيقات ومعاليا وجينا نتأكد بنفسنا.. لقيناكم قاعدين تحت شجرة واحدة.. دايركم تعيشوا في سلام وتعملوا ميثاق إخاء.. وتطلعوا منكم الحرامي والنهاب والفتان..(الحرامي ما عندو قبيلة) مشاهدات وانطباعات في مدينه الضعين كان البرنامج مزدحماً، وبدأت اللجنه العليا مع لجنة أمن الولاية في اجتماع مع الحكومة والمجلس التشريعي، واجتماع آخر مع رجال الإدارة، وليلة سياسية مع القوى السياسية بالولاية.في كل اللقاءات جاءت كلمات نائب الرئيس حاسمة وقوية في المضي قدماً في تنفيذ القرارات الأخيرة.. والتي من بينها اعتقال بعض زعماء الإدارة الأهلية، وكان الناظر محمود إبراهيم موسى مادبو قد قدم التماسا لإطلاق سراح بعض الموقوفين، مؤكداً تأييدهم للقرارات، ودعا لإجراء تعديلات في التشريعات والقوانين، وقال نحن ضد الحرامية وضد المظاهر السالبة.. ناظر المعاليا محمد أحمد الصافي أعرب عن سعادته بالإجراءات التي اتخذتها الدولة. وقال نحن ما استفدنا حاجة من المشاكل.. وسأجلس مع ناظر الرزيقات لتسوية المشاكل العالقة والوصول لاتفاق يجنبنا ويلات الحرب والاقتتال

عبد العظيم صالح
اخر لحظة