تحقيقات وتقارير

تقلبات كبيرة حدثت فيها الأسواق .. عدم استقرار الأسعار يؤثر على اقتصاديات الأسر

شكا مواطنون من تقافز أسعار السلع اليومية في الأسواق، وقالوا إن الأسعار غير ثابتة أثرت بشكل كبير على اقتصاديات الأسرة التي لجأت الى اقتناء الضروريات دون النظر إلى الأخرى وقال التجار إن أسعار السلع أثرت بدورها على التجار واقتصادياتهم حيث قلت القوة الشرائية وأصبحت البضائع تشكل عبئاً عليهم.

اقتصاديون قالوا إن ارتفاع أسعار السلع مرتبط بصورة أساسية بقفزة الدولار مؤكدين أن غالبية السلع تستورد من الخارج بالعملة الصعبة في وقت قل فيه الإنتاج المحلي نتيجة للرسوم والجبايات التي تفرضها المحليات بجانب ارتفاع الترحيل من مناطق الإنتاج إلى الاستهلاك.

بشكل عام تشهد مختلف الأسواق تزايدًا جديدًا في الأسعار عقب القفزة التي وصلها الدولار في السوق الموازي حينما قارب حاجز “22” جنيهاً، وبالرغم من الانخفاض الطفيف حتى مساء أمس “21.30” جنيه، إلا أن الأسعار ظلت على ارتفاعها. طبق البيض ارتفع من 40 جنيها إلى 53 جنيها وجركانة الزيت من 415 جنيها الى 600 جنيه وكرتونة الصلصة ظرف من 160 جنيها الى 320 جنيهاً، ولبن البدرة من 180 الى 220 جنيهاً وباكيت الشاي من 240 إلى 300 جنيه، والسكر من 580 إلى 620 جنيها أما اللحوم فظلت على أسعارها المرتفعة مع قوة شرائية منخفضة وطلب قليل عليها.

وكشف صاحب محل تجاري بوسط الخرطوم عن ارتفاع ثمن عبوة الزيت زنة 10 كيلو “135” جنيه، مقابل “600” جنيه للعبوة الكبيرة زنة “36” رطلاً، فيما وصلت العبوة زنة “18” رطلاً إلى 300.”

ويصف التاجر محمد أحمد حال السوق بالراكد، مشيرًا إلى عدم وجود ما يمكن تسميته بالانتعاش، فالقوة الشرائية متدنية بشكل كبير وقال إن أغلب المتعاملين معهم باتوا مكتفين بالمستلزمات الأساسية دون الكماليات وحتى الأساسيات يمكن تقليل الكمية والاكتفاء بنصفها نظراً للوضع الاقتصادي العام، وقطع بأن خفض الأسعار خيار متاح أمام الحكومة عبر الاتجاه لتقليل قيمة الرسوم وإلغاء بعضها وتشجيع الصناعات المحلية ودعم الإنتاج الوطني، غير أنه عاد ليقول إن تلك الإجراءات تبدو مستبعدة مستدلاً باعتماد الميزانية الجديدة هذا العام بشكل أكبر على الإيرادات الضريبية التي يعتبر التجار والمواطنون هم المساهم الأكبر فيها.

وقال إن الركود الذي يلازم السوق عقب ارتفاع الأسعار يدخلهم في خسائر وبرر قوله بتراجع معدلات الشراء لنسب تفوق “30%”، يؤثر على التجار كما قال مواطنون إن ارتفاع أسعار السلع أثر بصورة مباشرة على دخل المواطن وتوفير الكهرباء والمياه والإيجارات ومصاريف المدارس اليومية.

وكشفت “الصيحة” في تحقيق سابق عن استيراد السودان أربعة آلاف وخمسمائة سلعة ومنتج من دول مختلفة، وتبين أن الصين تحتل المرتبة الأولي في قائمة الدول الأكثر تصديراً للسودان بثلاثة آلاف سلعة، وذلك بحسب الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس وأبانت إحصاءات غير رسمية عن استيراد 500 سلعة من الدول العربية أبرزها مصر.

ويرى خبراء اقتصاديون أنه من السابق لأوانه توقع نتائج إيجابية على الأسواق بالبلاد، حتى لو تم رفع الحظر الاقتصادي أكتوبر المقبل وبالتالي السيطرة على انفلات العملة المحلية وتراجعها، فالأمر قد يحتاج لنحو ثلاث سنوات لتقوية موقف الاقتصاد المحلي كلياً ورفع الإنتاج وتعزيز حجم الصادرات بما يمكن جلب المزيد من العملات الحرة، فذلك هو الضامن الأقوى لاستقرار موقف العملة الوطنية، أي أن تكون الصادرات جيدة مع تقليل حجم الواردات أما بالاستغناء عن الكماليات أو بالاتجاه لتصنيعها محلياً.

الخبير الاقتصادي هيثم فتحي قال إن الدولار يلعب دوراً رئيسياً في تسعير أسعار السلع في السودان، وقال إن هنالك متغيرات كثيرة حدثت في السوق المحلية جعلته من شبه مكتفٍ ذاتياً إلى شبه مستورد للمواد الغذائية مما جعل أسعار الدولار تلعب دوراً رئيسياً في تسعير السلع الأساسية في الأسواق.

وطالب بتوجيه كل الإمكانيات والموارد المتاحة في مجال التمويل لقطاعات الإنتاج التي يستهدفها البرنامج الخماسي في القطاع الزراعي والصناعي لدعم الإنتاج حتى في حالة اللجوء إلى التمويل بالعجز، وقال إن ذلك يتطلب وضع سياسات داعمة ومشجعة للعملية الإنتاجية.

ودعا هيثم إلى ترشيد الاستيراد عن طريق إصدار تشريع أو قرارات تلزم بالحد من استيراد سلع معينة “كمالية أو غير ضرورية”، ووضع قوائم السلع غير الإستراتيجية أو التي لها بديل محلي. وقال إن المخرج من الأزمة الاقتصادية الحالية، يكمن فقط في الإنتاج وزيادة دعم وتحفيز وتشجيع الإنتاج والصادر.

الخرطوم: عاصم إسماعيل
صحيفة الصيحة