تحقيقات وتقارير

جمع السلاح بين مهادنة « حسبو » ومخاشنة « هلال »

(أ)
) انتشار السلاح من أكبر مهددات الأمن القومي والاجتماعي والاقتصادي، كما يعد من أكبر أسباب النزاعات القبلية). بهذه العبارات لخص نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن،

خطوات الدولة الرامية لجمع السلاح من كل الجهات والمؤسسات في جميع أنحاء السودان بما فيها كل المقومات القبلية التي اجتهدت في الفترة الأولى في جمع السلاح لفرض واقع محدد في ظل انشغال الحكومة بجهات أخرى معادية لها. في وقت ظلت فيه مساعي حكومته جارية على قدم وساق للحيلولة دون انتقال عدوى انتشار السلاح للولايات الأخرى في السودان من قبل إقليم دارفور التي شهدت انطلاقة أزمة تدهور الأوضاع الإنسانية في مناطق النزاعات، بجانب ضبط المجرمين والمتفلتين وبسط هيبة وسيادة الدولة والتعايش بين مكونات المجتمعات، يأتي هذا رغم أن بعض الصعاب تواجه هذه العملية في أن تأخذ طريقها للنفاذ وفقاً للموقف الذي يتخذه الشيخ موسى هلال زعيم قبيلة المحاميد بشرق دارفور في منطقة “مستريحة” ، ما شكل عقبة كبيرة حالت دون وصول “لجنة جمع السلاح” المكونة برئاسة نائب الرئيس وجهات أخرى من رموز المجتمع وقيادات الدولة. لجنة جمع السلاح بدأت بحصر السلاح داخل القوات النظامية والتي منها قوات الدعم السريع بجميع ولايات دارفور وقوات الدفاع الشعبي والقوات النظامية الأخرى.
(ب)
ولم يبعد مراقبون مرامي وأهداف زيارة رئيس الوزراء التشادي باهيمي باداكي إلى البلاد اليوم على رأس وفد رفيع المستوى يضم العديد من الوزراء، من تداعيات الأوضاع الجارية على الأرض هناك ويرى البعض أن التقاطعات الكثيرة بدارفور على علاقة بالحالة التي تعيشها الساحتين السودانية والتشادية من حيث الأمن والاستقرار للتداخلات المستمرة وطبيعة الإقليم المتداخل بين البلدين وتأثيرات ذلك على كل من الوضع في السودان وتشاد. بينما تقول الخارجية إن الزيارة تأتي بدعوة من نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن وتستمر الزيارة لمدة ثلاثة أيام. وقال السفير قريب الله خضر مسؤول الإعلام بالخارجية، إن الزيارة تأتي رداً على زيارة حسبو إلى تشاد في مايو المنصرم، وأن باهيمي” سيلتقي المشير البشير وبكري حسن صالح النائب الأول لرئيس الجمهورية. وأوضح أن برنامج الزيارة يتضمن زيارة إلى مجموعة جياد الصناعية، والعديد من المصانع والشركات السودانية التي تُصدِّر منتجاتها إلى تشاد.
ويرى اللواء الركن يونس محمود لـ(الإنتباهة) أن المراقب للأوضاع والأحداث يرى أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين زيارة مبعوث الرئيس التشادي والموقف العام من خلال تمنُّع وامتناع الشيخ موسى هلال وبعض حملة السلاح بدارفور من إنفاذ عملية الجمع طوعاً أو كرهاً، التي اختطتها الخرطوم. فيما لم يستبعد آخرون من أن العلاقة الوطيدة “المصاهرة” التي تربط زعيم المحاميد بالرئيس التشادي أن تكون هي التي دفعت برئيس وزراءه لزيارة الخرطوم في هذه الفترة أو الزمن تحديداً للعب دور إيجابي وتقريب الشقة بين الرئيس البشير وهلال الذي كان من أشد مؤيدي الرئيس خلال الأزمة السودانية وتحديداً الموقف الذي واجهه البشير إزاء التداعيات الخارجية. بينما يقول بروف علي عيسى عبد الرحمن الإستراتيجي والخبير العسكري لـ(الإنتباهة) إن علاقة المصاهرة بين الرئيس التشادي وهلال يجعلها تلعب دوراً مهماً ومفيداً إذا ما دخلت كواسطة بين الطرفين -أي الحكومة وقوات حرس الحدود بزعامة الشيخ هلال.
(ج)
ويقول بروفيسور علي عيسى عبد الرحمن، إن عملية جمع السلاح من قوات هلال أو أية قوى أخرى بدارفور بمثل هذه الظروف والشروط قاسي ويصعب تنفيذه لجهة أن عملية التسليح في دافور تمت بموافقة الحكومة وإشرافها المباشر وبالتالي زوال ظرف التسليح يحتم على الحكومة ضرورة تهيئة واضحة تسبق عملية نزع السلاح وذلك لأن (الفطام صعب) لواقع تعيشه القبائل في دارفور وهو أصبح مظهراً اجتماعياً هناك. ويضيف علي عيسى، إنه لا يمكن بين عشية وضحاها لأنه يترك أثراً سيئاً في أنفسهم ولابد من إعداد نفسي عبر برمجة محددة وتهيئتهم لمرحلة ما بعد جمع السلاح قبل الدخول في العملية نفسها بمرحلة انتقالية. ويرى عيسى إن على الحكومة الرجوع ودراسة المسألة نفسياً واجتماعياً وسلوكياً عبر مرحلة محددة تبدأ من القاعدة إلى أن تصل للزعامات.
(د)
بينما يؤكد اللواء يونس محمود محمد إن السلاح الذي يحمله موسى هلال ليس ضد الحكومة في وقت كانت الدواعي فيه للدفاع عن النفس ، ولكن تأتي الحملة القومية لجمع السلاح لأجل تأمين المواطن نفسه ما يشير إلى أن هناك الكثير من التداخلات في هذه العملية التي تحتاج لتروٍ وأناة. وأكد يونس إن دواعي حمل السلاح الآن انتهت بالنسبة للحكومة مقارنة بما كانت عليه في الماضي لذا فإنها -أي الحكومة- لابد من أن تعمل على القيام بدورها كاملاً في حماية مواطنيها ضد كل المهددات التي تتعلق بانتشار السلاح وحمله فيما تسعى جاهدة لتقنين حمله وسط القوات النظامية هناك. لذلك يرى يونس أن موسى هلال ليس أمامه خيارات كثيرة وبالتالي يمكنه أن يقود من معه لبر الأمان والسلام من خلال الأوضاع الوفاقية المطروحة له، لكنه أن يعرض (عضلاته) وقوته، غير مقبول الآن لأن ذلك وقت مضى ولا توجد طريقة ثانية والأفضل له أن يسلم سلاحه إذا أراد هو وقوته أن يمتهنوا مهنة أخرى غير حمل السلاح، أما إذا ما أراد أن يحمل السلاح فإن هناك قوات أخرى تتبع للقوات النظامية يمكن هيكلته ضمنها. والهيكلة إنما قصد بها القوات غير النظامية والجيش ولا يقصد بها القوات المسلحة التي هي في الأساس منضبطة.

عبدالله عبدالرحيم
الانتباهة