محمد الطاهر العيسابي

حظك في البطيخ


-1-
مُحدثكم من المولعين بحُب (البطيخ ) منذ الصغر ، وحتى ﻻيرمقني أصدقائي ( بخُبث ) فعﻻقتي معه قبل الدراسات العلمية الأخيرة التي أثبتت أسراره المفيدة كمقوّي .
وقد أصبحت ( خِبرة ) عند الشراء ، وإن كانت خبراتي قد ﻻتفلح أحياناً وأصاب بخيبة أمل ، وﻻ أحبذ إطﻻقاً إختبار البائع بقطع ( السكين ) ، اعتبره فشل ذريع أن تأتي ببطيخة مفتوحة إلى البيت ومياؤها تسيل ، كما أنها ﻻتبرهن مقدراتك الذكية في كشف البطيخ ، كما أن تصحيح إختيارك في البيت مشوق وممتع خاصة لو حصلت على الدرجة الكاملة عشرة من عشرة .

وقد إرتبطت في ذهني كثير من المواقف عن البطيخ ، أطرفها عندما استرقت السمع في المواصﻻت وأنا طالب يافع في طريق عودتي من المدرسة ، سمعت رجل بمﻻبس عمالية مرهق الجسد تسلل بعض من الشيب إلى رأسه بالكاد يحمل ( بطيخة ) ويقول لصاحبه ( البطيخة الفاتت طلعت بيضاء المدام كسرتها لي في رأسي ) ، أصبت بدهشة وشيء من الخوف ، وأخذت من يومها درساً بليغا في أهمية معرفتك في ( عزل ) البطيخ ، وبدأت أجرب إلى أن وجدت أن ( النقر ) عليها وسماع صوت أشبه ( بالدف ) هو أنسب وسيلة إختبار مع مراعاة صحتها العامة ولونها وحجمها من الخارج .

-2-
والموقف الثاني تشبيه أحد زمﻻئي في العمل عندما كنت في أحد المصارف الشابة ، مُنِحنا في بداية العام كما هو حال كل المصارف ، مُنحنا ( بدل لبس ) بالإضافة إلى الحافز السنوي و بدل الإجازة ، المهم تجمعت كلها مع بعضها وتشبعت حساباتنا ، فإذا بصديقي يقول والله ( قروش البدﻻت دي زي شبعة البطيخ ) ، فكرت في عبارته فوجدته وصفا متناهيا في الدقة ، فعندما ترتوي من البطيخ تحس بإمتﻻء معدتك وسرعان ما يتبخر هذا الإحساس بالشبع بعد دقائق معدودات لسرعة الهضم ، فينتابك الجوع ، وهكذا حال حوافز وبدﻻت أول السنة للموظفين ، تذهب بسرعة كالماء في شقوق الأرض ، لتغطي المديونيات المتراكمة وسداد الإلتزامات المؤجلة منذ العام الماضي !

ـ3ـ
بالأمس إشتريت من بائع خضر وفاكهة مجاورا لنا يدعى ( العم تيّه ) ، والعم تيه ( الجعلي ) رجل رحب الصدر سمح النفس و متعدد القدرات في الصباح بائع خضار ، وفي المساء يتحول إلى طباخ ماهر في تحمير و شواة الأسماك ، وتبدأ مهارته من تخيره لنوعية الأسماك الطازجة ثم خبرته ومهارته في ( تحميرها ) وتقديمها للزبائن في حلة ذهبية شهية مع صحن السلطة والمُقبلات.

بالأمس صادفته في محله واشتريت بطيخة وأنا أهم في ( عزلها ) بادرني وهو يحمل واحدة بكلتا يديه قائﻻ بحسم الجعلية ( دي إذا وجدتها بيضاء تعال شيل واحدة تانية ) أكبرت في الرجل هذا الكرم والعين الواسعة ، فتناولتها وأنا على يقين تام .

أطرف ما سمعت في طرق ( عزل ) البطيخ ، إحداهن كبيرة في السن تقول للبائع ( سويتها ليك في ذمتك تعزلي واحدي حمراء ) ، ضحكت من لكنة ( الحاجة ) المحببة إلى النفس ، وقلت هي طريقة ذكية أيضاً في ( عزل ) البطيخ ، خاصة إن صادفت بائع ( عندو ذمة ) ومقدراتك ضعيفة و فشلك متكرر في حسن الإختيار ، انصحك ( أن تسويها في ذمتو ) .

إلى لقاء ..

من اﻵخر – محمد الطاهر العيسابي
motahir222@hotmail.com
صحيفة السوداني