صلاح الدين عووضة

التوجيه لمن؟!


*كان (حمودي) يحب الأخبار الصاعقة..

*الأخبار التي تجذب انتباه الناس…وتستثير فضولهم…وتشغلهم عن شواغلهم..

*وحمودي هو اسم الدلع لأحد أبناء عائلتنا حين كنا صغارا..

*وأخباره الصاعقة هذه كانت دائماً تأتي في شكل جملة غير مفيدة..

*جملة ناقصة لا يقدر أخصب خيال على ملء فجواتها..

*جملة مثل كثير من جمل أخبار زماننا هذا الرسمية عبر (حمودي) إعلامي..

*والفارق بين (الحموديين) أن الثاني هذا مجبر على ذلك..

*أما الأول فكان يجيء مهرولاً نحو الكبار ليصرخ أمامهم مثلاً (خلاص طرشق)..

*ثم ينتظر قليلاً ريثما يستمتع بأثر خبره على الوجوه..

*ثم يهرول مبتعداً- مرة أخرى- تاركاً إياهم يتساءلون بحيرة (إيه هو اللي طرشق؟)..

*فهو لا يهمه إن عرف الناس أم لم يعرفوا…المهم أنهم صُعقوا..

*بينما حمودي زماننا هذا- الكبير- هو ذاته لا يعرف..

*ويأتي مهرولاً ليُخبر الناس- عبر وسيلته الإعلامية – بما يعرف أنهم لا يعرفونه..

*وكيلا نستطرد في التنظير أكثر إليكم نموذجاً طازجاً..

*ففي صحف البارحة جاء العنوان التالي (بكري يوجِّه بتنفيذ توصيات الحوار)..

*فإن كان بكري (يوجِّه)…فمن الذي (يأمر)؟!..

*ثم التوجيه لمن؟…وليفعل ماذا؟…وما هو نوع التنفيذ ؟!..

*فهو عنوان ناقص…لخبر ناقص…(موجَّه) إلى شعب (مش ناقص)..

*فالناس أصلاً (اللي فيها مكفيها)……وزيادة..

*وهي ليست (فائقة) مثل أناس زمان لتثير فضولهم أخبار حمودي الصاعقة..

*فإن كان القصد صعق الناس بمثل هذه الأخبار فلن يحصل..

*لن يُصعقوا…ولن ينزعجوا…ولن يفرحوا…ولن يحدث لهم أي شيء خالص..

*فأسلوب الصعق عبر مفردة (وجَّه) ما عادت تؤثر فيهم..

*فهم اعتادوا- سنين عددا- على هذا (التوجيه) الذي يأتي في سياقات جمل ناقصة..

*سيما إن كان من علٍ…من تلقاء من في يده (القلم)..

*فمثل النائب الأول – ورئيس الوزراء- لا يوجه…وإنما يصدر قرارات..

*والناس سمعوا توجيهات عديدة من قبل…ثم لا شيء..

*توجيهات عن جبايات الطريق…ومجانية العلاج…ومحاربة الفساد..

*وانتهى كل شيء بنهاية الخطب (التوجيهية)..

*فلا أحد يعلم من المقصود بالتوجيه بالضبط؛ لا من المسؤولين…ولا من المواطنين..

*ومن ثم أضحت أخبار هذه التوجيهات مثل أخبار حمودي..

*بل- ومع مرور الوقت – تفوقت عليها أخبار حمودي الصغير بقوة التأثير..

*بينما أخبار حمودي الكبير- الصحفي- لا يلتفت إليها أحد..

*وكان عشم الناس في الرجل (القوي) بكري أكبر من مجرد التوجيهات..

*ومضى الزمن الآن به – وبحكومته – والحال في حاله..

*بل ازداد سوءاً؛ وما زلنا في محطة التوجيه….لا القرارات الحاسمة..

*أخي بكري: بالله عليك (وجَّهت منو؟!!).

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة