التوجيه لمن؟!
*كان (حمودي) يحب الأخبار الصاعقة..
*الأخبار التي تجذب انتباه الناس…وتستثير فضولهم…وتشغلهم عن شواغلهم..
*وحمودي هو اسم الدلع لأحد أبناء عائلتنا حين كنا صغارا..
*وأخباره الصاعقة هذه كانت دائماً تأتي في شكل جملة غير مفيدة..
*جملة ناقصة لا يقدر أخصب خيال على ملء فجواتها..
*جملة مثل كثير من جمل أخبار زماننا هذا الرسمية عبر (حمودي) إعلامي..
*والفارق بين (الحموديين) أن الثاني هذا مجبر على ذلك..
*أما الأول فكان يجيء مهرولاً نحو الكبار ليصرخ أمامهم مثلاً (خلاص طرشق)..
*ثم ينتظر قليلاً ريثما يستمتع بأثر خبره على الوجوه..
*ثم يهرول مبتعداً- مرة أخرى- تاركاً إياهم يتساءلون بحيرة (إيه هو اللي طرشق؟)..
*فهو لا يهمه إن عرف الناس أم لم يعرفوا…المهم أنهم صُعقوا..
*بينما حمودي زماننا هذا- الكبير- هو ذاته لا يعرف..
*ويأتي مهرولاً ليُخبر الناس- عبر وسيلته الإعلامية – بما يعرف أنهم لا يعرفونه..
*وكيلا نستطرد في التنظير أكثر إليكم نموذجاً طازجاً..
*ففي صحف البارحة جاء العنوان التالي (بكري يوجِّه بتنفيذ توصيات الحوار)..
*فإن كان بكري (يوجِّه)…فمن الذي (يأمر)؟!..
*ثم التوجيه لمن؟…وليفعل ماذا؟…وما هو نوع التنفيذ ؟!..
*فهو عنوان ناقص…لخبر ناقص…(موجَّه) إلى شعب (مش ناقص)..
*فالناس أصلاً (اللي فيها مكفيها)……وزيادة..
*وهي ليست (فائقة) مثل أناس زمان لتثير فضولهم أخبار حمودي الصاعقة..
*فإن كان القصد صعق الناس بمثل هذه الأخبار فلن يحصل..
*لن يُصعقوا…ولن ينزعجوا…ولن يفرحوا…ولن يحدث لهم أي شيء خالص..
*فأسلوب الصعق عبر مفردة (وجَّه) ما عادت تؤثر فيهم..
*فهم اعتادوا- سنين عددا- على هذا (التوجيه) الذي يأتي في سياقات جمل ناقصة..
*سيما إن كان من علٍ…من تلقاء من في يده (القلم)..
*فمثل النائب الأول – ورئيس الوزراء- لا يوجه…وإنما يصدر قرارات..
*والناس سمعوا توجيهات عديدة من قبل…ثم لا شيء..
*توجيهات عن جبايات الطريق…ومجانية العلاج…ومحاربة الفساد..
*وانتهى كل شيء بنهاية الخطب (التوجيهية)..
*فلا أحد يعلم من المقصود بالتوجيه بالضبط؛ لا من المسؤولين…ولا من المواطنين..
*ومن ثم أضحت أخبار هذه التوجيهات مثل أخبار حمودي..
*بل- ومع مرور الوقت – تفوقت عليها أخبار حمودي الصغير بقوة التأثير..
*بينما أخبار حمودي الكبير- الصحفي- لا يلتفت إليها أحد..
*وكان عشم الناس في الرجل (القوي) بكري أكبر من مجرد التوجيهات..
*ومضى الزمن الآن به – وبحكومته – والحال في حاله..
*بل ازداد سوءاً؛ وما زلنا في محطة التوجيه….لا القرارات الحاسمة..
*أخي بكري: بالله عليك (وجَّهت منو؟!!).
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة