تحقيقات وتقارير

المهرّبون والمتاجرون بالبشر يستغلّون “فيسبوك” لنشر تعذيب المهاجرين وابتزاز عائلاتهم

يستخدم مهرّبو البشر وعصابات تجارة الرقيق، موقع “فيسبوك” لنشر إساءاتهم وتعذيبهم للمهاجرين، بهدف ابتزاز أموال الفدية من عائلاتهم، بحسب ما كشفت صحيفة “ذا تايمز” البريطانيّة، اليوم الجمعة.

ولأشهر، بقيت مقاطع على الموقع تُظهر عناصر عصابة ليبية يهددون بقتل مهاجرين هربوا من بلدانهم بحثاً عن حياة أفضل في أوروبا.

ودانت وكالة الأمم المتحدة للهجرة موقع التواصل الاجتماعي والناشرين، معتبرةً إياهم غير مسؤولين، لسماحهم باستخدام المهربين للمنصة للترويج لخدماتهم وإغواء الضعفاء بهدف ابتزازهم وابتزاز عائلاتهم.

وأتى الكشف كجزء من سلسلة تقارير لـ”ذا تايمز” حول أزمة الهجرة التي تؤثّر على آلاف الأشخاص على جانبي البحر الأبيض المتوسط. وتستغل عصابات المتاجرة بالبشر مئات الآلاف من المهاجرين جنوبي إيطاليا، والذين يتعرضون للاعتداء وسوء المعاملة في ليبيا.

وتظهر مقاطع فيديو مروّعة على فيسبوك مهاجرين مصابين ويعانون جسدياً، أغلبهم أفارقة من الصومال وأثيوبيا، مجموعين في قبو خرساني يصفون الإساءات التي عانوا منها ويتشفّعون لحياتهم. وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن المقاطع المصورة أرسلت إلى عائلات المهاجرين، باستخدام تطبيقات مشفّرة كـ”واتساب”، وطلب منهم مبالغ مالية من 8 آلاف إلى 10 آلاف جنيه استرليني، وإلا فإن أقاربهم سيقتلون.

وأظهر فيديو شاباً صومالياً مرمياً على الأرض ووجهه إلى الأسفل وعلى ظهره وضعت كتلة خرسانيّة. وقال “طُلب مني 8 آلاف دولار. كسروا أسناني ويدي. أنا هنا منذ 11 شهراً. وضعوا هذا الحجر عليّ منذ 3 أيام. إنّه مؤلم”.

وقال الشاب الأثيوبي نور علي عوالي إنّه أُسر منذ 15 شهراً، مضيفاً “يضربونني باستخدام قضبانٍ حديديّة. طلبوا مني دفع 8 آلاف و300 دولار، وعائلتي لا تستطيع دفع هذا المبلغ”.

وقال شخص آخر “أخي، أخي، نحن موتى… نترجاكم أن تفعلوا كل ما تستطيعون”.

وبقي الفيديو الذي نُشر على “فيسبوك” في التاسع من حزيران/يونيو منشوراً حتى يوم أمس، عندما حذفت الشركة عدداً من الصفحات والمنشورات المرتبطة بالهجرة، والتي أبلغت “ذا تايمز” عنها هذا الأسبوع.

وقال مدير وكالة الهجرة الدوليّة لشؤون العمليّات وحالات الطوارئ، محمد عبديكر “إنّه أمر غير مسؤول أن تقوم شركات التكنولوجيا كفيسبوك بتجاهل هذه القضيّة”، مضيفاً “من الصعب التصديق أنّ شركات التكنولوجيا الكبيرة لا تضع مجهوداً حقيقياً لإيقاف هؤلاء المهربين ومنعهم من استخدام منصاتها لابتزاز الأموال”.

وواجه “فيسبوك” انتقادات لفشله في منع المهرّبين من نشر إعلاناتهم.

وقالت الشرطة الأوروبية “يوروبول” إنّها تلقّت تقارير عن أكثر من 1500 حساب على مواقع التواصل تنشر إعلانات أو ترتبط بالمهربين العام الماضي، مقارنةً بـ148 بلاغاً عام 2015.

على الرغم من أن نشر مثل هذا المحتوى مخالف لقواعد فيسبوك، إلا أن الشركة لا تمنع، بل تعتمد على المستخدمين للتبليغ عنه. وتنشر صفحات “فيسبوك” للذين يودون الهجرة صوراً عن عبور البحر وتعرض جوازات السفر المزورة التي يُمكن استخدامها للحصول على اللجوء، كأوراق ثبوتية لعائلات سورية وفلسطينية، ووثائق وجوازات سفر وشهادات جامعية وشهادات قيادة ووثائق زواج.

ونقلت “بي بي سي” أن المهربين نشروا إعلاناً هذا الشهر يقول “بعون الله سننظم رحلة إلى إيطاليا من إزمير في تركيا بعد أيام قليلة على يخت سياحي وسعر الرحلة 5 آلاف دولار للشخص الواحد”. بينما يعرض مهرب آخر رحلات جوية إلى أثينا بجواز سفر مزور مقابل 5 آلاف دولار.
وقالت متحدثة باسم “فيسبوك” إنّ تهريب البشر غير قانوني وأي منشورات وصفحات ومجموعات تنظّم ذلك غير مسموحٍ لها بالتواجد على فيسبوك. نشجّع الناس للتبليغ عن هذه التصرفات كي نستطيع مراجعتها وحذفها”.

ولم يعلّق “فيسبوك” على نشر مقطع الفيديو الذي يُظهر تعذيب المهاجرين.

العربي الجديد