تحقيقات وتقارير

بين التباهي والدين الأضحية.. إهدار دم الشعيرة

(الحوار الوطني، الحوثي، أزمة الخليج، عاصفة الحزم) أسماء مصحوبة بأسعار أطلقها مواطنون على خراف الأضحية تأثراً بالمستجدات على الصعيد العام، وتتراوح الأسعار بين (1700 – 3.000) جنيه، وعلى ذات النهج وجد نشطاء ضالتهم بتلك الأسماء وتداولوها استهزاءً بما وصل إليه حال الشعيرة التي أصبحت عادة وتباهي عند الكثيرين، واستعصت على آخرين، وفي الوقت الذي يتهم فيه المواطنون التجار والمنتجين بالجشع ورفع الأسعار، يحمل التجار الحكومة المسؤولية، مشيرين إلى نقاط التحصيل التي تفوق الـ(20) نقطة بحق أو دون وجه حق، وحال عدم دفع المبلغ نقداً تقع بعض الخراف كبش فداء في أيدي السلطات المعنية بما يتوافق مع القيمة المطلوبة طبقاً لوصفهم، وبين هذه الاتهامات وتلك الدفوعات يظل المواطن هو المتضرر الأول . تعدد الأسباب تاجر المواشي الماحي عبد الرحمن اتهم الجهات المسؤولة بالتسبب في ارتفاع أسعار الأضاحي، وقال إن للسلطات قنوات كثيرة تأخذ من خلالها الجبايات، بعضها بطرق قانونية أي أورنيك 15 وأخرى دون أي ايصال الكتروني، ولكننا نضطر لدفعها حتى لا نتكبد خسائر يصعب تحملها من موت للبهائم أو تأخير، وإذا لم يتوفر المبلغ لدى التاجر يتم إنزال بهيمة أو اثنين أو ما يعادل قيمة الرسم المفروض، ولاشك أن ذلك يؤثر على أسعارها لدى المستهلك بصورة أو بأخرى، وكشف الماحي عن أخذ أتاوات ورسوم لذات الغرض بمواقع مختلفة، إذ أن الزكاة تحرص على استقطاع 50 جنيها للرأس عند المنتج، ويتنقل الرسم عند الوقوف بنقاط العبور، بجانب مبلغ 10 جنيهات للنفايات بكل محلية، في الوقت الذي تكون فيه الخراف بعربة الترحيل ولا أرى اي مغزى لها، وهي غير مستحقة، وتابع الأسوأ من ذلك دفع رسوم البطري بالموقع قبل ترحيلها، والمؤسف ان الراعي هو من يحضر الأدوية لتطعيم البهائم ولا شئ يفعله الطبيب البطري سوى التطعيم ويأخذ مقابله مبلغ 5 جنيهات، وبعدها نتسلم بقية الشهادات من مناطق الانتاج بولايات دارفور او كردفان والتي تكون تحصيل حاصل حيث يتم طلبها عند الدخول لولاية الخرطوم، هذا خلاف رسوم الترحيل التي تتجاوز الـ(250) ألف جنيه حتى العاصمة، لافتاً إلى ارتفا ع أسعار العلف، خاصة أنها تعتمد على الذرة بشكل أساسي، إذ يبلغ سعر الجوال (450) جنيهاً و(150) لجوال (القش)، وتتجاوز تكلفة الـ(100) رأس لليوم من علف ومياه الخمسة آلف جنيه، وبرأ التاجر ساحة زملائه والمنتجين من غلاء أسعار الأضحية، وألقى بها في ساحة الحكومة وهي تلعب بكرات الجبايات التي تتجاوز العشرين رسماً في الطرق، وعلى ضوء ذلك يتم تحديد أسعار الخراف، وطالب الماحي السلطات بمساعدة التجار والمنتجين وإيقاف ما أسماه سياسة (القلع).سياسات خاطئةالخبير الاقتصادي عبدالله الرمادي قال إن الجبايات انعكاس طبيعي لسوء إدارة الموارد خاصة الثروة الحيوانية، التي يتمتع بها السودان، وأسقطت تلك السياسات الكثير من المرافق، وأضاف غض السلطات الطرف عن السوق لعب دوراً كبيراً في الفوضى، وكلمة التحرير الاقتصادي لا تعني غياب الجهات المعنية عن الساحة، فلا بد من تدخلها لمنع الاحتكار والاستغلال، ويبقى السؤال مطروحاً ما حاجتنا إلى التحرير وهو يهدر مواردنا ومؤسساتنا الانتاجية؟، وقطعاً الأمر يتطلب تدخل الجهات والقيام بدورها بإلغاء قنوات التوزيع وجميع النقاط، بالإضافة لحرصها على التوسط بين المنتج والمستهلك مباشرة، والأول يرى أن الأسعار غير مجزية ومن الطبيعي وضع اي رسم فيما يتعلق بالخراف، فالأمر اختلف عن السابق، والمنتجون يريدون الربح حتى لا يهجروا القطاع، كما حدث في قطاعات حيوية أخرى بسبب السياسيات الخاطئة، ويضيف الرمادي الولايات تفرض رسوم دون ضوابط، حيث تجد نقاط العبور وبعض المسميات لأخذ الأموال، وأحياناً لا تدخل الخزينة العامة عبر أورنيك 15 الإلكتروني حتى وإن دخلت لا تعود على المواطن بفائدة بل تذهب إلى أوجه صرف أخرى مثل مخصصات الدستوريين، ويرى الرمادي أن العبور بين الولايات لا يتطلب أي رسوم باعتبار ان الدولة واحدة، وأعاب الرمادي الحكومة على ترك الحبل على القارب لكل من هب ودب حسب قوله، الأمر الذي أفقدها هيبتها وأقعدها عن وضع حد لمعاناة المستهلك. ليست فرضعضو هيئة علماء السودان د. عبد اللطيف محمد سعيد انتقد ترسيخ مفهوم الاستدانة للاضحية، وقال إن الدين الإسلامي لم يفرضها ولم تكن واجباً من قبل، والأولى ترسيخ مفهوم الاستطاعة، وقال الدين يعني مجانبة الصواب والدليل أن الموت والحياة ليست بيد أحد، وأضاف سعيد، الدين يسر وليس عسر، ومن الخطأ أن نتخذ من الأضحية مظهراً اجتماعياً، ولا يُخفى على أحد أن النية أصل العمل، حيث يمكن أن يؤجر صاحبها إذا كانت خالصة لوجه الله وهنا يكمن الفرق، فعملها دون نية خالصة لاجدوى منه، وجدد عبد اللطيف عدم وجود أساس لتلك الممارسات دينياً، فالأولى اتقاء وجه الله والأخذ بسنة رسولنا الكريم.مظهر اجتماعيالباحثة الاجتماعية ثريا ابراهيم قالت ان الاضحية اصبحت مظهراً اجتماعية اكثر من انها شعير دينية، ولم يتوقف الامر على الاضحية فقط بل حتى صلاة الجمعة عند البعض، بينما تكون نوع من التباهي عند اخرين، والهدف من ذلك مواكبة المجتمع وفقاُ لمفهوم العديد من الاسر، ولدحر هذه العادة الدخيلة لابد من الجلوس مع الاطفال وتعليمهم القناعة وان العيد ليس خروفاً يتم ذبحه، بجانب وجود اولويات فغالبية من يضحون دون استطاعتهم يتأثرون بعد انتهاء العيد في رسوم المدارس او الايجار او غيره من الاولويات، واعابت ثريا على بعض الاسر تقديمها لحوما غير جيدة كنوع من التكافل.

معاوية عبد الرازق
اخر لحظة