الفاتح جبرا

الله يرحم


الشعب السوداني شعب (حساس) لا يحبذ الإيذاء بالقول (وإن كان يجنح للفعل أحياناً) ومن ضمن الإيذاء بالقول ما يعرف بالمعايرة وهي أن يقوم أحدهم بفضح آخر مخرجاً له تاريخه (وتاريخ أهلو) البائس الفقير إذا ما أراد الأخير أن (يتبوبر) ويعمل فيها من أولاد الذوات .
وقد برع إخواننا في شمال الوادي في مسألة المعايرة هذه ولا يخلو من فلم أو مسرحية من مقاطع يعاير فيها أحدهم الآخر ويقارن فيها بين وضعه الحالي وما كان عليه هو و(أهلو) في سابق الأزمان.

وقد تجد أحدهم وهو يعاير آخراً قائلاً:

الله يرحم أبوك كان لما الحمار يمرض بيشتغل بدالو!
وهو هنا يريد أن يقول له (ياخ ما تعمل لينا فيها ابن ذوات ده والدك كان بيشتغل على الكارو) !
ولو أننا شعب يمارس المعايرة لكان هذا العهد الوضئ عهداً ملائماً وثراً لممارستها مع ساكني (الفلل) وممتطي (البرادو) ولقرأنا وسمعنا عبارات مثل:
• الله يرحم شنطة الحديد الجيت بيها من البلد
• حليل شبط اللستك (الشدة) الكان بتقشر بيهو في المحاضرات
• وللا باب الشارع البتكلوهو بالصفيحة

طفرت قصة (المعايرة) هذه إلى ذهني فجأة بعد أن قرأت خبراً عن إجازة المجلس التشريعي لولاية القضارف لاعتماد مالي يسمح بشراء أسطول جديد من السيارات لدستوريي الولاية، بقيمة (61) مليون جنيه أي حوالى 3 مليون دولار !
طيب (لزومو شنووو) في ولاية أغرقت الأمطار أحياءها قبل أسابيع؟ ولا زالت تغرق وتدمر المنازل والممتلكات منذ خمس سنوات في معظم الأحياء كحي المفرقعات، الجباراب غرب، الملك شرق، وروينا..

أليس (الأهم) هو عمل الردميات وفتح المصارف في هذه الأحياء التي تتضرر سنوياً؟ بدلاً عن هذه (السيارات المليارية الفارهة)؟ وما ضرورة شراء هذه السيارات للدستوريين الآن ؟)
تعالوا نشوف (لزومو شنووو) وما هي ضرورة شراء هذه السيارات أو ذلك على لسان السيد محمد عبد الله المرضي رئيس المجلس التشريعي حيث صرح مجيباً عن هذا التساؤل ضمن عدة إجابات قائلاً: (بعض الدستوريين أصيبوا بالغضروف لاستخدامهم عربات متهالكة) !!
• السادة النواب يا أيها الشعب السوداني الفضل (جاهم) غضروووف

• طيب ليه جاهم (غضروف)؟
• جاهم غضروف علشان العربات قديمة ومتهالكة.. وكراسيها ناشفة والله الواحد ما عارف يضحك وللا يبكي وللا شنووو ما عارف؟ في ولاية تقع حيطان منازلها وتنهار أسقف مدارسها وتمتلئ أسواقها بالمياه الراكدة وتترك محاصيل زكاتها في العراء لتتلف ويعاني مواطنوها من الفقر وشظف العيش رغم خيراتها، يستورد لنواب مجلسها التشريعي سيارات (فارهة) بثلاثة مليون دولار !
لا وأيه.. ده نظام إسلامي.. الإسلام الذي يعيش رسوله (الذي جاء به) على الكفاف ولا توقد في داره ناراً بالشهور.. جاء في الحديث: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي حدثني ابن أبي حازم عن أبيه عن يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة إنها قالت لعروة ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار فقلت ما كان يعيشكم قالت الأسودان التمر والماء.
انتهى الحديث ولن ينته استغراشنا من هؤلاء القوم الذين أصابهم ركوب العربات الناشفة بالغضروف وقد كان معظمهم إلى عهد قريب يقطعون الفيافي على ظهور (الحمير) الناشفة أو من دون (بردعة)… وكما يقول إخواننا المصريون:
• الله يرحم !!

كسرة:
اتفسحوا.. دي فرصة تاني مااا بتتلقي.. قروش الشعب المسكين ده !!

• كسرة ثابتة (قديمة): أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 90 واو – (ليها سبع سنوات ونص)؟

• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 49 واو (ليها أربع سنوات وشهر)

ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة