تحقيقات وتقارير

جدلية الدعم والإيواء.. الخرطوم ـ جوبا.. العرض مستمر

تحرص الحكومة السودانية على علاقة جوار آمن ومصالح مشتركة بينها ونظيرتها في الجنوب، وتسعى الخرطوم للمساهمة بصورة جادة في طي الخلافات الجنوب سودانية وفق إلتزام دولي وأخلاقي وإنساني، وترهن الحكومة السودانية تنفيذ اتفاقية التعاون المشترك بين الدولتين والمبرمة في السابع والعشرين من ديسمبر من العام 2012م، بالتزام الحكومة الجنوبية بعدم دعمها وإيوائها للحركات المسلحة. وظل الجدل محتدماً بين الخرطوم وجوبا وأضحى الطرفان يتبادلان الاتهامات بشأن الدعم والإيواء، إلا أن هذه المرة رفعت سبابة الاتهام بالدعم والإيواء في وجه الحكومة الجنوبية من قبل المعارضة الجنوبية، وهي خطوة قد تعضد من موقف الخرطوم، وقد تعضد من موقف جوبا أيضاً باعتبار أن المعارضة الجنوبية تدعم خيارات الخرطوم لثمة أشياء يعلمها الطرفان.
**قمة مهددة
وفي الوقت الذي يسعى فيه الطرفان لعقد قمة مشتركة في الخرطوم، أفصح عنها وزير الخارجية إبراهيم غندور، تأزم الموقف الجنوبي بعد المعارك الطاحنة التي ضربت الدولة الوليدة، والمطالب المتعددة بضرورة إقحام زعيم المعارضة الجنوبية الدكتور رياك مشار في عناصر المعادلة الجنوبية، وهو ما ترفضه جوبا جملةً وتفصيلاً وفقاً لتصريحات وزير خارجيتها دينق ألور.
وفي الوقت الذي تتهم فيه الخرطوم نظيرتها جوبا بدعم وإيواء الحركات المسلحة في السودان، ظلت الأخيرة تترافع لتثبت العكس، إلا أن تأكيدات المعارضة الجنوبية عضدت من موقف الخرطوم، وكشفت قيادات بالمعارضة الجنوبية عن حرق وتدمير معسكرات الحركات المتمردة في دارفور وقطاع الشمال بولاية بحر الغزال، وأكد القيادي بالمعارضة الجنوبية فرانك صامسونج بأن قواتهم قامت بشن هجوم على الحركات المسلحة السودانية الموجودة ببحر الغزال، وذهب صامسونج أبعد من ذلك بتوضيحه ملابسات المعركة، وقال بأن قواتهم دمرت المعسكر بالكامل فضلاً عن مقتل 48 من منسوبي الحركات المسلحة، إضافة إلى تدمير 25 من سيارات الدفع الرباعي، مستنكراً مشاركة هذه الحركات في الهجوم الأخير على راجا، ومحذراً من تدخل هذه القوات في الوضع الجنوبي الجنوبي.
*مسار دولي
المعلوم أن الحكومة السودانية مطالبة بلعب دور إيجابي في طي الخلافات الجنوبية، يتجلى ذلك بجدولة الأمم المتحدة للملف من ضمن المسارات الخمسة لرفع العقوبات المضروبة على السودان، وظلت الحكومة على الدوام تؤكد حرصها على علاقة استثنائية ومتميزة تربطها بالجنوب، بيد أن (شوكة) الدعم والإيواء ظلت وعلى الدوام في (حلق) العلاقات السودانية الجنوبية، خصوصاً بعد الاتهامات المتبادلة بين الخرطوم وجوبا بدعم وإيواء متمردي الدولتين.
وكانت جوبا قد أكدت في منتصف ديسمبر من العام الماضي، طرد كل الحركات المسلحة الموجودة في أراضيها، وشددت على ضرورة الالتزام ببنود اتفاقية الترتيبات الأمنية الموقعة بين الجانبين، خصوصاً فيما يلي طرد متمردي الدولتين والالتزام القاطع بعدم الدعم والإيواء، إلا أن الحكومة السودانية لم تطمئن من حديث جوبا السابق، وظلت في حالة اتهام دائم لجوبا بدعمها وإيوائها لمعارضيها، خصوصاً وأنها ـ أي الأخيرة ـ ظلت تؤكد بأن من أكبر معوقات السلام لديها هو وجود هذه الحركات في الجنوب ودعمها المباشر من جوبا. *علاقة متوترة
وعلى ما يبدو أن قضية الإيواء والدعم ستمثل متراساً أمام الخرطوم وجوبا لتنفيذ عدد من الملفات العالقة بين الدولتين، خصوصاً وأن المعارضة الجنوبية بدأت تدافع عن اتهامات الخرطوم لجوبا، وهو ما يحسبه الكثيرون مداعبة من المعارضة الجنوبية للخرطوم، خصوصاً وأن قمة ـ البشير سلفاكير ـ المعلنة سلفاً، لا زالت معلقة بعيدعودة صيت زعيم المعارضة الجنوبية الدكتور رياك مشار وتأثيره الكبير على معطيات الساحة الجنوب سودانية، وهو بالطبع ما ترفضه جوبا جملةً وتفصيلاً وهو ما ورد على لسان وزير خارجيتها (دينق ألور) والذي يرفض اعتماد رياك مشار من قبل الحكومة السودانية كجزء من عملية التفاوض المرتقبة والتي ينتظر أن تقودها الحكومة السودانية كمطلب دولي.
*تعضيد الاتهام
مسؤول التعبئة السياسية بالحركة الشعبية ـ جناح مشار ـ (أقوك ماكور) عضد وجود الحركات المسلحة في جنوب السودان، مقراً بتقديم جوبا للعون والإيواء لهذه الحركات، وعن مدى تأثير هذه الاتهامات على مسار العلاقة بين الدولتين ونجاح القمة المرتقبة بين رئيسي الدولتين، يقول أكور لـ(آخرلحظة) بأن الاتهامات بلا شك ستؤثر على العلاقة بين الدولتين، وطالب أقوك الحكومة الجنوبية بالالتزام ببنود الترتيبات الأمنية، وبرأ أقوك الحكومة السودانية من التهم الموجهة إليها من قبل الحكومة الجنوبية، معتبراً أن نجاح القمة المرتقبة رهيناً بتجاوز كل الخلافات بين الدولتين، وذلك بالالتزام بالترتيبات الأمنية والتعاون المشترك، واعتبر أقوك أن وجود الدكتور رياك مشار وتأثيره في المشهد الجنوبي لا ينكره أحد، مطالباً بضرورة استصحاب برنامجه في كل طاولات التفاوض في الخرطوم وغيرها، معتبراً رفض جوبا لدخول مشار كطرف في حل المعضلة الجنوبية، ديكتاتورية وعدم جدية من حكومة جوبا في طي الخلافات.
تقرير: آخر لحظة