صلاح حبيب

على قول كابتن لطيف (الكورة أقوان)!


على الرغم من البسمة التي ارتسمت على شفاه الشعب السوداني بعد رفع الحصار الاقتصاد عن البلاد نهائياً من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن حتى الآن لم تشهد الأسواق التي كانت ترفع الأسعار، بسبب رفع الدولار، انخفاضاً وها هو الدولار يسقط في أسواق الخرطوم إلى درجات دنيا. إن المضاربات في الأسعار هي السبب الأساسي في تلك الزيادات غير المبرَّرة، فأسعار الدولار حينما ترتفع لا أحد يعرف من الذي يتحكَّم في السوق، وعندما ينخفض لا تعرف من هم الأشخاص المتحكِّمين في ذلك.

في جولة نهارية قمت بها إلى السوق العربي والأفرنجي وبرج البركة ومعظم فرندات الأسواق، وجدت عدداً من الشباب والعجائز، وهم يستفسرون المارة، أن كان لديهم دولار، فتراوحت الأسعار عند بعض الشباب الطامعين في الغنى والساعين إلى تحقيق ضربة قوية بآلاف الدولارات كانت أسعارهم ما بين الخمسة عشر جنيهاً، والستة عشر، عسى ولعل أن تصدق ضربتهم في ذلك، أما الراغبون في الحصول على أدنى أو أرفع كمية كانت أسعارهم بين الثمانية عشر والبيع بثمانية عشر ونصف، وربما يكون هذا هو سعر الأمس، ولكن ما زال التُّجار متخوِّفين من ردة الفعل أن لم تضخ أموالاً كثيرة من العملات الصعبة.

إن المواطن الذي صبر طوال الفترة الماضية في انتظار الفرج الكبير برفع العقوبات ومن ثم تتدفق الأموال من السماء أو من خزائن الدولة لتصبح الحياة رغدة بالنسبة لهم..

ولكن حتى الآن ما في شيء ظاهر للناس عن انخفاض في أسعار اللحوم أو الفراخ أو البيض أو الأسماك أو حتى طبق الفول الذي تجاوز العشرة جنيهات، حتى الآن لم تنخفض الأسعار، فالمواطن يريد بين يوم وليلة أن يجد السوق قد انخفض ولو بنسبة قليلة تشعره أن هناك حادث قد حدث، وكما كان يقول المعلِّق الرياضي المصري كابتن لطيف (الكورة أقوان) بمعنى أن الكرة لابد أن تلج الشباك وإلا ما في فائدة للعبها، كذلك أن لم تنخفض الأسعار فما في أي معنى لهذا الرفع، لأن الحصار أصلاً كان مقصود به الاقتصاد وزيادة الأسعار، فالرفع لابد أن يعني الانخفاض..

لأن الحجة التي كان يتمسَّك بها التُّجار والحكومة انتفت..وأن أمريكا محاصرانا وأن كل الزيادات سببها الحصار لا يوجد لها أي مبرر.
والتجار الذين يقولون إن الحصار رفع سعر الدولار والدولار أثَّر في زيادة الأسعار انقطع قولهم الآن، فالدولار انخفض فلا حجة بعد ذلك، وما في أي مبرر لأي زيادة، لذا على البنوك الآن أن ترتِّب أوضاعها لضخ العملة، وأن تستعد لاستقبال أموال المستثمرين، وأن تنشط وزارة الاستثمار في وضع خطة جديدة لاستقبال المستثمرين من الدول العربية أو الأوروبية أو الأمريكية مع تسهيل كل الإجراءات وعبر نافذة واحدة حتى نعيد الثقة لهم مع اتخاذ الإجراءات الصارمة مع صغار أو كبار الموظفين في حال كشف حالات تعوق حركة أولئك المستثمرين، لقد انطوت صفحة سوداء من تاريخ البلاد بسبب الحصار، فالآن لابد من فتح صفحة جديدة كلها أمل وعمل من أجل زيادة الإنتاج، وإلا فإن رفع الحصار لن يكون له أي معنى في ظل الظروف التي نعيش فيها نحن الآن وفي ظل الإنتاج المتدني، فلا نتوقع انخفاض الأسعار أو العودة إلى طبيعتها السابقة أقل من ستة أشهر من الآن، على الدولة أن تعمل خطة جديدة تواكب مرحلة رفع الحصار

صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي