من «موسكو» إلى «طوكيو» مروراً بالقاهرة.رفع العقوبات بعيون السفراء
بعيون ملأها التفاؤل ينظر السودان الي مستقبل الايام القادمة بعد عقدين من الزمان عاشها تحت ضغط الحصار وانقطاع عن العالم فبعد ان وصلت التفاهمات بين الحكومة السودانية وحكومة البيت الابيض الي حقيقة مفادها رفع الحصار الاقتصادي ضرورة يحتاجها الشعبان معا وغاية تتطلبها متغيرات العالم الراهن .
فالسودان ليس هو السودان القديم وامريكا ليست هي امريكا الماضية هذه الضرورات جعلت من دافع رفع الحصار مطلبا سعي اليه الطرفان وتم اخراجه في الجمعة الماضية ، جمعة اعتبرها السودانيون مباركة ونظر اليها السفراء بالخارج بكثير من البشر والسعادة وراحة ومرونة في الحركة ببناء علاقات تعود بالنفع والخير لكل اصدقاء السودان في العالم نظرة جديدة تعكس مرأة السودان الراهن بموارده وخيراته ومصالحه المتعدده تنعكس الان عبر السفارات السودانية بالخارج وتحملها ملامح سفرائها وتحكي عنها تفاصيل ابتساماتهم وهم يحكون عن واقع جديد لاتحده أطر الحصار، هكذا وصلت «الصحافة » الي عدد منهم لتحكي ماذا يعيشون الان.
نادر الطيب سفير السودان بروسيا
وكانت اول محطاتنا مع سفير السودان بموسكو نادر يوسف الطيب..سفير السودان بروسيا «أولا أهنئ الشعب السوداني بإنهاء العقوبات الاقتصادية و أهنئ الدبلوماسية السودانية ممثلة في وزارة الخارجية وكل المؤسسات المرتبطة بالعمل الخارجي على هذا الإنجاز الذي تحقق بعد طول انتظار».
وقال السفير نادر ان العقوبات اثرت بصورة مباشرة على مناخ الاستثمار بالسودان .. موضحا انهم كسفراء واجهوا صعوبة ومعاناه لإقناع المستثمرين الأجانب في الدخول للسودان رغم وجود قانون استثمار جيد ومشروعات ذات جدوى اقتصادية ..ولكن بسبب الخوف من العقاب الأمريكي احجمت العديد من الشركات .وكذلك مؤسسات التمويل .. وزاد نادر «عندما كنت سفيرا لدى ماليزيا ..ضاعت علينا عشرات الفرص والمشروعات بسبب تردد الشركات ..كذلك أثرت العقوبات على التجارة الخارجية وانسياب الصادرات المباشرة للأسواق الأوربية ..
سباق للاستثمار
وتوقع نادر ان يؤدي رفع العقوبات لتشجيع العديد من الشركات ومؤسسات التمويل للدخول في مشروعات استثمارية في كافة القطاعات وبالتالي سيزداد معدل الاستثمار الأجنبي المباشر ..كذلك اتوقع نمو التجارة الخارجية والصادرات السودانية ودخول الأسواق الأوربية مباشرة وبدون وسيط وبالتالي تعظيم القيمة المضافة عائدا الصادرات من النقد الأجنبيّ..كما ستتنوع الخيارات بالنسبة للمستوردين بحيث يمكنهم الحصول على أفضل التقنيات وبأسعارها الحقيقية وهذا بدوره سيوفر الموارد المالية التي كانت مهدرة في الشراء عبر الوسطاء بسبب العقوبات
انسياب وسهولة التحويلات
كما أن سهولة انسياب التحويلات المصرفية والتعامل ببطاقات الائتمان ..سيشجع السياحة …إذ أن العديد من السواح الأوربيين والاسيويين يبتدرك بالسؤال إذا يمكنه استخدام »الكريدت كارد« في السودان.. وبالمقابل فإن الطلاب السودانيين والمرضى السودانيين بالخارج لن يجدوا صعوبة في تحويل ما يحتاجونه عبر المصارف بسهولة..
وقال السفير نادر بصفته سفيرا بموسكو « بالنسبة لنا في روسيا نتوقع دخول كبريات الشركات الروسية في مجال النفط والغاز والتعدين والصناعات ..في استثمارات بالسودان ويتوقع استئناف المعاملات المالية مع عدد من المصارف الروسية .كما ستدعم هذه الخطوة مساعينا لتصدير المنتجات البستانية لروسيا …وماتتطلبه من فتح اعتمادات مصرفية وتحويلات مالية ..
نجاح مؤتمر الاعمار العربي
سفير السودان بمصر والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير عبد المحمود عبد الحليم يري أن رفع العقوبات الأمريكية سيعزز نجاح المؤتمر العربى المرتقب لإعمار وتنمية السودان الذى أقرته قرارات القمة العربية بنواكشوط وعمان والذى يتم تنسيق ترتيبات عقده حاليا بين السودان والجامعة العربية كما سيسهم رفع العقوبات والقيود الاستثمارية والمصرفية والمالية والتقنية فى تنفيذ وتحقيق مبادرة فخامة السيد رئيس الجمهورية للأمن الغذائي التى اعتمدت قمة البحر الميت بالأردن آليتها التنفيذية.
وتقدم سعادة السفير عبد المحمود عبد الحليم بالتهنئة لقيادة وحكومة وشعب السودان بمناسبة هذا التطور التاريخى ورفع العقوبات ، مشيرا الى انه انتصار للارادة الوطنية التى أحالت التحدى الى فرص من خلال الإنجازات الاقتصادية التى تمت والشراكات التى تم تصميمها مع المجموعات والدول المختلفة فى إطار تعاون دول الجنوب وخلافها.
بصمة الخارجية
وقال السفير عبد المحمود ان الدبلوماسية السودانية وضعت بصمتها بقيادتها لحملات مناهصة العقوبات الأحادية والتى بلغت قمتها ليس فقط فى الدعم الذى وجدته قضية السودان فى المحافل المختلفة بمافى ذلك اعتماد الأمم المتحدة لمقررى مناهضة العقوبات الأحادية بل تمكن السودان من النص صراحة على رفض العقوبات الأحادية فى وثيقة أهداف الألفية للتنمية المستدامة التى اقرتها الأمم المتحدة مؤخرا..
وأوضح السفير عبدالمحمود أن رفع العقوبات سيخدم أيضا مصالح الشركات الأمريكية المتطلعة للاستثمار فى موارد السودان الهائلة ومصالح حلفائها فى الدول الصناعية الكبرى التى تضررت بدورها من العقوبات الأمريكية.
سفير السودان بطوكيو ياسر عبدالسلام
قال يشكل القرار تطورا مهما وسيكون له مردود ايجابي على التحرك الدبلوماسي وأولويات السياسة الخارجية السودانية وفعاليتها خاصة على الصعيد الاقتصادي حيث اصطدمت كل المبادرات والتحركات والمقترحات الهادفة لتطوير علاقات التعاون الاقتصادي مع مختلف الدول بعقبة العقوبات التي تحولت من قرار ثنائي الى ما يشبه الحصار الدولي الذي أقعد بالدبلوماسية السودانية وحد من قدرتها على التحرك بحرية وفعالية.
اليابان تدعم
وعلى الصعيد السياسي يقول ياسر لم تبد اليابان عداء للسودان .. بل وافقت قبل نحو عام على ترؤس فريق العمل التفاوضي الخاص بانضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية واحتفظ البلدان بسجل جيد في التعاون وتبادل الدعم على صعيد الترشح للمنظمات الدولية. واستمر الطرفان في التشاور وتبادل الرأي في اطار لجنة التشاور السياسي التي تعقد اجتماعاتها دوريا. وظلت اليابان تستقبل على نحو منتظم مسؤولين سودانيين رفيعي المستوى آخرهم وزير السياحة الذي قام بزيارة ناجحة لطوكيو في سبتمبر الماضي.
ووصف ياسر العلاقات الثنائية مع اليابان بالمستقرة .. فقد استمرت اليابان خلال السنوات الماضية في تقديم العون التنموي الرسمي وتنفيذ مشروعات مهمة في قطاعات حيوية بالاضافة الى تقديم الدعم الانساني عبر منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة فضلا عن تقديم المنح الدراسية والبرامج الدراسية المتصلة بدعم القدرات.
متوقعا ان تشهد علاقات التعاون الاقتصادي مع اليابان تطورا مضطردا خلال الفترة المقبلة وعزا السبب الرئيسي رفع العقوبات. بجانب ذلك فان اليابان تدرك الاهمية الاستراتيجية للسودان وما يتمتع به من استقرار وما يتوفر عليه من موارد.
دون الطموح
ولكن يظل كل ذلك دون مستوى الطموح خاصة من جهة تطلع السودان لتأسيس علاقات تعاون اقتصادي مثمر يزاوج بين الموارد السودانية الغنية والقدرات التكنولوجية والمالية لليابان بيد ان هذا الطموح والتطلع اصطدم بعقبة العقوبات بسبب ارتباط اليابان بعلاقات استراتيجية مع واشنطن على الاصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية. فالشركات اليابانية ترتبط على نحو وثيق بالاقتصاد الامريكي وتتخوف إن أقدمت على الاستثمار في السودان ان تطالها يد العقوبات وتتأثر مصالحها.
موضحا ان السودان بذل جهودا حثيثة مع المؤسسات اليابانية في القطاعين العام والخاص غير ان هذه الجهود لم تثمر وكانت ردود الفعل مباشرة وصريحة بان العقوبات تحول دون اقدامهم على الانفتاح على السودان.
تلقينا مؤخرا بعض الاشارات الايجابية من بينها زيادة المنح الدراسية للسودان في اطار مبادرة آبي من 2 في العام الى 6 كما ازدادت وتيرة اهتمام بعض الشركات اليابانية ورغبتها في التعرف على فرص الاستثمار في السودان مما يعكس تغيرا في نظرة اليابان للسودان ويرجح بان التعاون بين البلدين سيتعزز خلال الفترة المقبلة.
واكد السفير ياسر اهتمام اليابان بتطوير علاقاتها مع الدول الافريقية .. ولذلك طورت مؤخرا من اهتمامها بتعزيز مبادرة تيكاد – مؤتمر طوكيو الدولي لتنمية أفريقيا .
فرصة ذهبية
واضاف ياسر هنالك سبب اخر ان الاقتصاد الياباني يعاني من ظاهرة الانكماش deflation .. وبالتالي فلدى الحكومة والقطاع الخاص دوافع للاستثمار في دول أخرى .. وسيشكل السودان وجهة مثالية للشركات اليابانية للخروج من حالة الانكماش تلك
لا شك ان الاهتمام الياباني بافريقيا ليس ببعيد عن التنافس مع الصين. ولا شك ان السودان بموقعه وموارده سيلعب دورا محوريا في تعزيز وتطوير آليات التعاون مع افريقيا.
مدير الادارة الاسيوية السفير عبدالوهاب حجازي
اوضح ان الآثار السلبية للحظر على علاقات السودان لم تقتصر مع الولايات المتحدة الامريكية بل امتدت لتشمل الكثير من جوانب علاقاتنا الثنائية لا سيما الاقتصادية والتجارية مع الدول الاخرى خاصة الحليفة للولايات المتحدة أو التي تخشى بأسها.
نحتاج الكثير من العمل
الكثير من الدول الاسيوية على سبيل المثال ظلت تنتظر رفع الحظر لتسريع وتيرة وحجم استثماراتها بالسودان. ولكن الامر يحتاج للكثير من العمل حتى يجني السودان ثمار رفع الحظر الاقتصادي الامريكي على السودان. هناك حاجة ملحة للغاية لمزيد من الاصلاحات في بيئة ومناخ الاستثمار وتسهيل توقيع الاتفاقيات التجارية والاقتصادية الخاصة بحماية وتشجيع الاستثمار واتفاقيات منع الازدواج الضريبي واتفاقيات استيعاب العون التنموي والفني التي تحتاج بالضرورة الي بعض التنازل عن المداخيل الضريبية بل وتوفير المكون المحلي اللازم في بعض المشروعات التنموية خاصة مشروعات المجالات الخدمية في التعليم والصحة وصحة البيئة وغير ذلك.
الخرطوم: هويدا المكي
الصحافة