هذه هى العقلية التى تحكمكم (3 ): اللى فات بنعيمو وراح !!
* هل تذكرون (أطلانتس 2 )، وهو مشروع لاستخراج المعادن من البحر الأحمر بالمشاركة مع حكومة المملكة العربية السعودية، بشرنا به وزير المعادن السابق (الكارورى) فى مؤتمر صحفى ضخم حُشدت له كل أجهزة الاعلام، وقال فيه ما لم يقله مالك فى الخمر، ووصفه بمشروع القرن الواحد والعشرين ..إلخ، فكان ان كتبت مقالا تحت عنوان (وهم … اسمه اطلانتس 2) انتقدت فيه الوزير الحالم، الذى يطلق العنان لخياله الواسع ويسرح مع غنم إبليس فى مشاريع وهمية لا يمكن تنفيذها، لعدم واقعيتها والعوائق الكثيرة التى تقف أمامها والامكانيات والاموال الضخمة التى تحتاج إليها، والأسسس الضعيفة التى تبنى عليها …إلخ، ومنها مشروع الذهب مع الشركة الروسية الوهمية (سيبريان) الذى روج الوزير بشكل خرافى بأنه سيكون أكبر مشروع فى العالم لإنتاج الذهب، ثم إتضح لاحقا إنه لم يكن سوى محض خيال، وعندما أقيل الوزير من منصبه فى التعديلات الوزارية الأخيرة، أصدرالوزير الجديد قراراً بطرد الشركة الروسية لعدم إلتزامها بالاتفاق مع الوزير السابق !!
* كما حدثنا الوزير السابق عن اكبر مشروع لانتاج اليورانيوم، واكبر مشروع لانتاج الحديد (52 مليون طن مترى)، أي أكبر من احتياطي الحديد الخام في روسيا واستراليا مجتمعتين، اللتين تضمان أكبر مخزون للحديد الخام في العالم (25 بليون طن لكل منهما)!!
* وجاءت الطامة الكبرى بمشروع (اطلانتس 2 ) لاستخراج المعادن من البحر الأحمر بالمشاركة مع السعودية، وكالعادة فقد سرح بنا الوزير مع خياله واعدا بأن المشروع سيحقق للسودان ريادة انتاج المعادن فى العالم، رغم أنه يعلم (او ربما لم يكن يعلم، وهو الأرجح ) أنه لا الظروف الاقتصادية السيئة للسودان والسعودية، ولا الحرب الضروس الذى يشهدها البحر الاحمر تسمح بتنفيذ هذا المشروع الضخم، وعندما كتبت مقالا منتقدا أحلام الوزير، وشارحا الاسباب التى تمنع تنفيذ المشروع، هاجت وزارة المعادن عن بكرة أبيها، وأرسل مدير إدارة الاعلام بالوزارة الأستاذ (الركابى حسن يعقوب) ردا طويلا حمل فذلكة تاريخية عن المشروع الذى اتفقت عليه الدولتان فى عام 1974، ولكن منع تنفيذه وقتذاك عدم وجود التكنولوجيا المتطورة (وهو ما يفضح العقلية العبثية التى تدير الدولتين كونهما تتفقان على مشروع لا تتوفر لتنفيذه التكنولوجيا المطلوبة)!!
* ويواصل الأخ (الركابى)، وبما أن التكنولوجيا قد توفرت الآن، فلقد بات من السهل تنفيذ المشروع الذى سيجعلنا فى مقدمة دول العالم المنتجة للمعادن، ثم أسهب فى الحديث عن الاتفاقيات التى أبرمت مع بعض الشركات، ورأس المال المطلوب، والعائدات الضخمة المتوقعة منه، مبشرا بأن الانتاج سيبدأ فى عام 2020، وهاهى 2020 تقترب ولم يتبق لها سوى عامين، ولم نعد نسمع شيئا عن المشروع ولا حتى عن إجراء الدراسات الأولية المطلوبة، وهو ما يدعو لإعادة التساؤل .. أين اطلانتيس 2 ، وأين الحديد، وأين اليورانيوم، أم أن كل ذلك ذهب مع الريح عندما ذهب الوزير، (اللى فات بنعيمه وراح، وفات لى طيفه فى خيالى) على رأى كوب الشرق أم كلثوم … تلك هى العقليات التى تحكمنا وتتحكم فينا أيها السادة؟!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة