تحقيقات وتقارير

أساليب علاج حديثة.. في اليوم العالمي للصحة النفسية تشير وزارة الصحة إلى أن حالات الإصابة في تزايد مستمر بالبلاد وللاكتئاب النصيب الأكبر في إحصاءات منظمة الصحة العالمية


تغيرت أساليب العلاج النفسي في العالم، ولم تعد الجرعات العلاجية هي ذاتها التي كان ينتهجها مختصو علم النفس، ومن الوسائل المبهجة التي ابتكرها المختصون لعلاج الأزمات النفسية كانت الضحك، وذلك بمنح المعتلين نفسيا متسع من الفرح، لتصبح الروشتة العلاجية مشاهدة أفلام كوميدية، برامج ترفيهية، جرعات غنائية، وتم استخدام هذه الطريقة فعليا في مشافي السرطان في كثير من دول العالم.

في العام 2015م أثبتت دراسة سودانية أن 60% من مرضى ولاية الخرطوم يعانون من مشاكل نفسية، فحين يُجري الطبيب كشفا سريريا أو مجهريا؛ عادة ما يتوصل لخلو جسم مريضة من الاعتلال البدني، ليتضح فيما بعد أن المشكلة نفسية، التي عزاها الأطباء لكثرة ضغوطات الحياة، توصل خبراء علم النفس إلى التداخل بين المرض النفسي والجسدي، فحين يصاب المراهقون على سبيل المثال بانتكاسة عاطفية، فإنهم يفقدون الرغبة في تناول الطعام وشيئا فشيئا يفقدون أوزانهم، وكذلك قد تتعرض إحداهن لتساقط الشعر بسبب تدهور حالتها النفسية.

أيام متخصصة
في العاشر من شهر أكتوبر في كل عام يتم الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية، ذلك بغرض رفع الوعي المجتمي بقضايا الصحة النفسية، ودائما كان للاكتئاب النصيب الأكبر في إحصاءات منظمة الصحة العالمية، ليتحول النصف الثاني من شهر أكتوبر لأيام متخصصة في الصحة النفسية، في مثل هذا التوقيت من كل عام يُصرح الأطباء النفسيون في السودان بعدد حالات الإصابة بالأمراض النفسية، التي عزاها الكثيرون إلى الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الذي يؤثر في البلاد ككل، وأقرت وزارة الصحة أن حالات الإصابة النفسية في تزايد مستمر.

جوانب نفسية
في السياق، قال الدكتور علي بلدو – استشاري الطب النفسي والعصبي وأستاذ الصحة النفسية – لـ (اليوم التالي): هناك تداخل كبير بين الجسد الذي يطلق عليه اسم (السوما) وما بين النفس، التي يطلق عليها اسم (السايك)، وتعد الأمراض النفس جسدية أو السايكسوماتية من الأمراض المتداخلة، حيث أن أزمات النفس تؤثر في الأجساد وبالعكس، وتلعب الحالة النفسية دوراً حاسماً في العلاج وتحسن الكثير من الأمراض، على سبيل المثال لها مرض الضغط، السكري، الأزمة، والمصران، وفي كثير من الأحيان تكون هي السبب المباشر في المضاعفات وعدم استجابة الأدوية رغم العناية اللازمة، وهنا يكثر المرضى، فبعضهم يقول (الدكتور ده ما شاطر) أو أن يصفوا الدواء بأنه غير مفيد فيقولون (الدوا ما نفعني). وأضاف: هذا إلى جانب الأمراض النفسية مثل الاكتئاب، القلق، التوتر، وما يرفع من معدلات الإصابة بالالتهابات ويقلل من المناعة، فيؤثر في الصحة والوزن بصورة مباشرة، حيث أن أي مرض عضوي به جوانب نفسية تستدعي التعامل معها، عبر حل الإشكالات والطمأنة والإرشاد النفسي، ويتم اللجوء للحلول النفسية بجوار الأدوية العضوية في الأمراض الخطرة مثل السرطان، التهاب الكبد الوبائي، والأيدز.

دراسة سودانية
وواصل بلدو حديثه قائلاً: أمراض النفس جسمية تعد من أكثر الأمراض شيوعاً في المجتمع، وأثبت إحدى الدراسات التي قمنا بها في كلية الطب, إن أكثر من 60% من مرتادي المستشفيات والمراكز الطبية في ولاية الخرطوم، يعانون من الإشكالات النفس جسدية؛ وبالتالي يؤدي إلى خطأ في تشخيص المرض، ما يجعل من الأدوية والعقاقير غير مجدية، ويضيف فتزداد معدلات الوفيات والمضاعفات بسبب الأخطاء الطبية، وتكثر جلسات التقاضي في المحاكم بسببها.

التهيئة الوجدانية
واستطرد: الانفعالات العصبية والشعور بالتعاسة والحزن والخوف، إلى جانب غياب المعلومة الطبية وفقدان التثقيف الصحي اللازم، قد تؤدي إلى تفاقم الحالة، كما أن نظر الأطباء للمريض على أنه جسد فقط دون الانتباه للعامل النفسي أو التهيئة الوجدانية، وعدم امتصاص التوجس والخوف من المريض، يؤخر من اكتشاف المرض، وقال بلدو: وعبركم أود أن أقدم روشتة مجانية عن أهمية التعامل مع من يعانون من الاضطرابات السيكوماتية بصورة شاملة، والاتجاه لمعالجة الجسد والروح معاً، وإلا فإن العلاج سيطول في مدته وسيتأخر في التحسن كثيرا، فتزداد الآثار الجانبية، وهذا كله ناجم عن النظر للمريض من زاوية واحدة، وهي زاوية الجسد فقط، وأتوقع أن ترتفع معدلات الإصابة بالاضطرابات النفس جسديه أكثر في الفترة القادمة، وذلك بسبب الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية.

الخرطوم – نمارق ضو البيت
صحيفة اليوم التالي