آمنة الفضل

خارطة طريق


* قبل أكثر من مائة عام طوّر عالم النفس النمساوي سيجموند فرويد مؤسس مدرسة التحليل النفسي ما يُدعَى بالأنظمة الثلاثة لشخصية الانسان ، بيد أنه الآن أصبح الجميع هنا مقسم بين نظامين وتلاشى النظام الثالث تلقائيا فقد أخبرنا فرويد وقتها عن النظام الأول و هو الجزء الأساسي اللاشعوري الّذي تنشأ عنه بقية الأنظمة فهو الجزء الفطري الذي يشمل الغرائز الموروثة وجزء مكتسب يشمل العمليات العقلية المكبوتة ويعمل وفق مبدأ اللذة وتجنب الألم دون مراعاة المنطق والأخلاق والواقع….

* أما النظام الآخر فهو شخصية المرء في صورتها الأكثر تحفظًا وعقلانية، ولا تتحكم في أفعاله سوى القيم الأخلاقية والمجتمعية والمبادئ، مع البعد الكامل عن جميع الأفعال الشهوانية أو الغرائزية وتمثل الضمير ويتكون ممّا يتعلمه الطفل من والديه ومدرسته والمجتمع من معايير أخلاقية ….

* أما النظام الذي تلاشى في عصرنا هذا فهو النظام الثاني في ترتيب فرويد وهو الشخصية الأكثر اتزانا عاطفيا وذهنيا ، كل شيء يأتي بلا إسراف ، بلا تهور ، بلا انانية وهي بمثابة ميزان يربط بين الشخصيتين المتهورة والمثالية ، تلك الشخصية التي بتنا حقيقة نفتقد ملامحها في الشريحة الناهضة حديثا ، نجد هؤلاءاليافعين غارقين بين الاندفاع الغريزي او التهور العقائدي وفي كلا الحالتين هنالك حفرة سوداء يزحفون نحوها دون أن يدركوا ذلك ….

* ظل الدين الحنيف يوصي بالوسطية ، وينادي بالاعتدال المتزن، نهى كثيرا عن التشدد والتزمت ، فلا حاجة للمجتمع بمن هم أكثر تصلبا وجدانيا وتسلطا فكريا، ليس هنالك حاجة الى من يحملون في دواخلهم اسقاطات نفسية ورواسب خاطئة لتصبح ذات يوم خصما على مجتمع لم يزل في بداية طريقه حتى يلحق بركب الأولين من العوالم الأخرى التي تخطت مواضع الجهل والقهر وكل ما يعمل على تشويش الفكر والروح ….

قصاصة أخيرة
نحتاج خارطة طريق أكثر صدقا

قصاصات – آمنه الفضل
صحيفة الصحافة