مصطفى البطل: إذا صحت فرضية أن الحكومة اشترت لي منزلي فهذا من فيض كرمها ولطفها، فالغالي بغلاتو !

لا صلة لي بالمؤتمر الوطني وبعض عناصره غير راضية عن تعييني

*كتاباتي مقروئيتها عالية وكثيفة، أما هؤلاء (…)  فلا

*إلمامي بمشكلات الخدمات في السودان ضعيف، فأنا مهتم بالصورة الأكبر..!

*إذا صحت فرضية أن الحكومة اشترت لي منزلي، فالغالي بغلاتو..!

*المستشارون الإعلاميون لهم مناهج مختلفة، كل شيخ وله طريقة..!

*سأواصل الكتابة والموقع لن يكبلني

*الصادق المهدي شخصية نادرة،  قلّ أن يجود الدهر بمثلها

 

 

لم يسلم من الإساءات التي تكالبت عليه منذ إعلان القرار الجمهوري القاضي بتعيينه مستشاراً إعلامياً بسفارة السودان بلندن اعتباراً من يناير القادم، وترفيع وظيفته إلى الدرجة الثانية القيادية العليا..

تلك الشتائم قابلها مصطفى عبد العزيز البطل إما بالسخرية والاستهزاء، أو بشعور النصر والانتشاء، أو   بشيء من الإستياء وضح في بعض مداخلاته بوسائل التواصل الاجتماعي..

رغم أنه يكتب عن بعد، هناك من ولاية منيسوتا، لكنه ظل قادراً على إحداث ضجيج وحراك لا يستهان به داخل وخارج السودان بمقالاته وآرائه التي كانت مفاجئة للبعض في أحيان..

قبيل عودته إلى الولايات المتحدة استعداداً للمجيء مرة أخرى للخرطوم  ديسمبر المقبل جلست إليه (السوداني) في حوار التفاصيل الأخيرة.. فإلى ما أدلى به:

 حوار: لينا يعقوب

تصوير: نزار عباس

 *هل رشحك جهاز الأمن لهذا المنصب، بحسب ما كُتب في بعض وسائل التواصل الاجتماعي؟

أنا شديد الاحترام لجهاز الأمن والمخابرات وللدور الوطني الذي يلعبه. ولكن هذ النوع من الأقاويل ينثر هنا وهناك لأغراض معلومة لا تخفى على أحد، وتنطلي فقط على من لديهم القابلية لذلك لأنها تمنحهم نوعاً من الراحة النفسية وتزودهم بطاقات عدائية تحفزهم لممارسة نضال الاسافير. هناك نظم وآليات معينة لاختيار شاغلي هذا النوع من الوظائف، يعلمها من يبحث عن الحقائق ويبتغيها لوجهها.

 

*تشير في بعض كتاباتك إلى أن بكري حسن صالح خالك، هل هي محاولة للتقرب إلى رموز السلطة بطرق مختلفة؟

لا يوجد معنى لهذا الاتهام، لأن موضوع (خالي بكري) في مبتدئه جاء في مقال طريف وساخر كتبته أنا نفسي، ولم يكتبه شخص آخر. وشرحت في المقال طبيعة علاقتي بالفريق بكري، وذكرت سبب مناداته بالخال. الرواية كلها مذكورة ومنشورة.

*كتاباتك منذ فترة أصبحت مدافعة ومبررة لقرارات وأخطاء الحكومة لدرجة أنك وُصفت من قبل معارضيك بأنك أفضل من تدافع عنها؟

غير صحيح. القرارات التنفيذية للحكومة ونجاحاتها واخفاقاتها على الأرض يكتب عنها الصحافيون الذين يعيشون داخل السودان، ولا أتطرق لها الا فيما ندر. ولكن الحقيقة تبقى وهي أن بعض مواقفي وتوجهاتي تجاه قضايا معلومة يخالف ما عليه البعض، فأنا لست من كتاب “ما يطلبه المستمعون”. وهناك فارق مهول بين المجاهرة بالمواقف التي لا تجد ترحيباً وبين الدفاع عن أخطاء الحكومة.

 

*عفواً.. موقفك المعلن أنك ضد إسقاط النظام بالقوة، وهذا معلوم، لكني أقصد الأخطاء التي لا علاقة لها بإسقاط النظام والعمل المسلح؟

 موقفي صريح حول رفض إسقاط السلطة المركزية بالقوة تحت أي دعوى. وأعتقد أن بلادنا تعاني من خلل ديموغرافي مهول ربما يدفع ثمنه السودان النيلي. وهناك عناصر من اثنيات بعينها مسلحة حتى الأسنان، وهذه العناصر الاثنية سبق لها أن دخلت العاصمة بأسلحتها تبتغي احتلالها، بينما قبائل الوسط والشمال لا تعرف السلاح الا في الأغاني الحماسية. وفي النهاية، فإن السودان ليس بأفضل من الصومال ولا ليبيا ولا سوريا ولا اليمن ولا غيرهما من الدول التي تشرذمت وتشظت عندما تزعزعت السلطة المركزية. وقد كتبت حول ذلك كثيراً.

 

*أليس من مصلحة السودان أن تكتب عن الأخطاء التي تحدث دون أن تلجأ إلى أسلوب التبرير؟

أنا منشغل ومهتم بالصورة الأكبر. النقطة المركزية عندي الآن هي أن يكون هناك اتفاق حول الممكن وغير الممكن.

*أتحدث عن شقٍ آخر يتعلق بتبريرك أفعال يرى الناس أنها ناتجة عن أخطاء الحكومة.. في مجال الخدمات مثلاً؟

أنا أنفي ذلك تماماً، لم يحدث قط أن دافعت عن قرارات الحكومة في مجال الخدمات. كما ذكرت فإنني أساساً لا أكتب حول هذه الأشياء، بل أنني غير ملم بها أصلاً. أنا دافعت مثلاً عن الحقائق في قضايا في معسكر كلمة، وأنا حينما أكتب فإنني أكتب بمصادر موثوقة. ولكن إلمامي بمشكلات الخدمات في السودان ضعيف جداً. هذه زوايا يتخصص فيها كتاب متمكنون في تفصيلاتها مثل الأستاذ الطاهر ساتي من زملائي في (السوداني) مثلاً. 

 

*مصادرك فقط من الحكومة أم أنها من الجانب الآخر أيضا؟

أنا موجود خارج السودان ولكن لي مصادر كثيرة من الجانبين داخل السودان وخارجه.

 

* أستاذ البطل، أنت متهم بافتعال المعارك دائماً، ألا تلاحظ أن كتاباتك تجلب لك معارك صحفية واسفيرية مع مجموعة مقدرة من الكتاب المعروفين؟

 هذه أيضاً تقع في دائرة الخزعبلات التي تثار حولي. لو قامت أي جهة محايدة برصد تلك الطائفة من المقالات ونظرت إليها بعناية فستتوصل بسهولة إلى حقيقة مركزية، وهي أنها جميعاً بغير استثناء كانت ردوداً على كتابات أخرى عدائية مسيئة، ولم أكن أنا من ابتدر أي معركة من تلك المعارك.

 

*لا يعقل أن تكون جميعها ابتدرت الإساءة لك؟

ولكن هذه هي الحقيقة التي تسندها الأراشيف. والواقع، وهو جزء كبير من المشكلة، أن أغلب الناس لا يقرأون لبعض مشاهير الشخصيات المطروحة في الساحة باعتبارهم مفكرين، وإنما يدعون أنهم قرأوها. مثلاً واحد من أكبر الرموز الثقافية في السودان وله اسهامات فكرية مضيئة، غضب مني ذات مرة فشتمني في مقال منشور بعبارات مقذعة وكتب عني أنني مرتشى واستخدم في وصفي عبارات من نوع (الحكامة) و(فارس الكلمة العاهرة). وعندما كتبت ردي على ذلك المفكر انقلبت الدنيا وثار الناس وأتوني مستغربين. وكنت في كل مرة يناقشني فيها أحد أسأل عن المقال والكلمات المسيئة الموجهة التي وردت في مقال ذلك الشخص فأرى الدهشة في الوجوه، واعترف جميع من تحدثوا اليّ أنهم لم يقرأوا مقال الرجل. اعتقد أن أساس المشكلة هي أن كتابات هؤلاء غير مقروءة رغم شهرتهم والاهتمام بما يكتبون اهتمام ظاهري فقط،  بينما كتاباتي مقروئيتها كثيفة وعالية. ومن هنا ينشأ الخلل وتتخلق التصورات المغلوطة عن سلوكي الصحافي.

 

*هل هذا نوع من الغرور؟

أبدا..هذا تقرير لواقع ماثل،لأنني حينما أسأل معظم المحتجين على ردودي في مواجهة كل عدوان فإنهم يفاجئونني بأنهم لم يقرأوا ما سطره الكتاب الذين تصديت لادعاءاتهم المسيئة.

 

*لديك احساس شبه دائم أنك مؤثر ومقروء أكثر من البقية؟

يجوز أنه قد يدخل في باب الغرور عند سماعه للوهلة الأولى، ولكنه سليم والشواهد عليه قائمة وثابت موضوعياً. شخصياً لست مغروراً، ونحمد اللهَ أن بواطننا خير من ظواهرنا.

 

 *أنت علماني أم إسلامي؟

مصطلح علماني أصبح مصطلحاً خلافياً. أنا أدعو للدولة المدنية وحماية حقوق الأقليات.

 

ألا تتفق مع توجه الحكومة التي تعلن أن خطها إسلامي؟

قناعتي راسخة في أن السودان القادم لن يخرج عن معطف الإسلام الحداثي والسلفي والصوفي والكيانات السودانية التقليدية التي تتخذ من دعوات الصحوة الإسلامية برامجاً لها. الأفكار الليبرالية واليسارية انتهت. اليسار والقوى الليبرالية في السودان قد يكون لها دور ثقافي، ولكن لا مكان لها في الحكم.

 

*هل لك رؤية مختلفة وفكر مغاير لمنصب المستشار الإعلامي؟

المستشار يشير على الحكومة ويزوّدها بنصحه في دائرة اختصاص معينة. في حالة الاختصاص الإعلامي الخارجي يتعلق الأمر بأفضل الاستراتيجيات أو الخطط والمناهج لتوصيل رسالة السودان إلى الخارج من ناحية، ومساعدة أجهزة الدولة في متابعة واستيعاب ما يدور في الخارج من ناحية ثانية، فضلاً عن ربط الدوائر الإعلامية في تلك الدولة بما يدور داخل السودان وتمليكها والحقائق والمعلومات الصحيحة. ولكن المستشارون الإعلاميون لهم مناهج تختلف عن بعضهم البعض، مثلاً الدكتور الصادق الفقيه سفيرنا الحالي في عمان طريقة أدائه مهامه كمستشار إعلامي إبان وجوده في لندن اختلفت تماماً عن النهج الذي التزمه قبله الدكتور عبدالوهاب الأفندي، أو بعده الدكتور خالد المبارك. كل شيخ وله طريقة.

 

*هل ستواصل الكتابة؟ وفي حال واصلت، ألن تكون مكبلاً في كتاباتك؟

نعم. في نيتي أن أواصل الكتابة الصحفية. ولا أعتقد أن الموقع سيكبلني.

 

*عملت مع عدد من الأنظمة، مع مايو والحكومة الانتقالية والانقاذ… لماذا لا تملك مواقف سياسية واضحة؟

مثل هذا الحديث يجوز ويصح على السياسيين فقط، وليس على موظفي الدولة. في حالتي، تم تعييني في سلك الضباط التنفيذيين عقب تخرجي في الجامعة من خلال لجنة الاختيار للخدمة العامة، وترقيت في الدرجات وفقاً لقوانين الخدمة المدنية. أنا لست سياسياً.

 

*ألم يكن لديك انتماء سياسي؟

في المرحلة الثانوية كنت عضواً قيادياً في الجبهة الديموقراطية

 

*متى تخليت عنها؟

خلال المرحلة الجامعية

 

*لكن لديك ميول سياسية، حزب الأمة سابقاً والمؤتمر الوطني حالياً؟

عميد أسرتنا من جهة الوالدة، المرحوم إبراهيم أحمد، كان مستشاراً للإمام عبد الرحمن المهدي ومن قيادات الحزب، ووزيراً في حكومات ما بعد الاستقلال، تابعه في الانتماء للحزب اثنان من أخوالي. ولا يوجد غير هؤلاء الثلاثة في أسرتنا من وَالىَ حزب الأمة، لا أنا ولا غيري. ولكنني أحمل محبة خاصة للإمام الصادق المهدي تنامت وتكوّنت بعد أن اقتربت منه ولازمته ملازمة لصيقة وعرفته فترة مقدرة من الزمان. وهو شخصية نادرة قلّ أن يجود الدهر بمثلها.

 

*وماذا عن حزب المؤتمر الوطني؟

لا صلة لي به، وبعض عناصره غير راضية عن تعييني.

 

*لك منزل أثار الجدل بجماله، وتم بناؤه في فترة قريبة جداً، هل ساعدتك الحكومة في بنائه، خاصة أن البعض روج لذلك؟

نعم، هو منزل جميل فعلاً، وقد كتبت إحدى الصحف الالكترونية المعارضة أن خبراء العقارات قدروه بمليون ونصف مليون دولار. ولو صح أن الحكومة اشترته لي أو ساعدت في بنائه فهذا من فيض كرمها ولطفها وفضلها واعترافها بقيمتي. وهناك مثل يقول: (الغالي بي غلاتو).

حوار: لينا يعقوب

تصوير: نزار عباس
السوداني

Exit mobile version