الحذاء سلاحا للردع
سلام مكعب لتلك السيدة التي استخدمت سلاح الإذلال الشامل، مع الشاب الرقيع الوضيع الحقير التافه الساقط قليل الحياء السوقي المنحط أخلاقيا الذي ظل يضايقها ويلاحقها في سوق مركزي في مدينة خليجية، وفي ما قرأت فإن تلك السيدة تجاهلت صفاقات ذلك الشاب، ولكنه -كما هو حال المغازلجية الذين يعتبرون النساء قطع ثلج تذوب بحرارة كلماتهم الركيكة- اعتبر التجاهل نوعا من الدلال و»من النوع اللي يحتاج زيادة في جرعات الغزل، فخاطبته بلهجة حاسمة وطلبت منه أن »يحترم نفسه ويكف عن قلة الأدب«، ولكنه واصل معاكستها، فما كان منها إلا أن خلعت حذاءها وانهالت به عليه ضرباً حتى سالت دماؤه، وبعد هذه التجربة المهينة فإن ذلك الشاب سينطق كلمة سوق باللهجة المصرية »سوء«.
تحياتي يا سيدتي لك ولحذائك النبيل، الذي أتمنى له الشفاء من التلوث الذي لحق به من ملامسة وجه الشاب، وأتمنى أن يتم عرض ذلك الحذاء في الأماكن العامة أو في »متحف التراث الوطني« تكريماً له، وكي تعرف النساء قاطبة أنهن كن مخطئات عندما كن يذكرن كلمة حذاء مسبوقة بعبارات من شاكلة لا مؤاخذة.. والله يكرمكم.. الله يعز السامعين،.. الذي هو »لا مؤاخذة« هم أمثال ذلك الشباب الذين تعتقد عقولهم القاصرة أن البنات يغادرن بيوتهن كي يعثرن على أبله، يرمي أرقام هواتفه في الشوارع، أو يتلفظ في ببغاوية فجة بعبارات معلبة سخيفة يحسب أنها ستخترق قلوب العذارى، وأعرف نساء كثيرات تستخدم الواحدة منهن الحذاء لحسم المعارك العائلية مع البعل، أو لاصطياد طفل شقي يهرب ببراعة كلما حاولت معاقبته. هذا خطأ، فالحذاء لا ينبغي أن يستخدم كسلاح حاسم إلا بالأسلوب الذي لجأت إليه تلك المرأة، ومن المستحسن أن تخرج المرأة، إذا دعتها الحاجة إلى الخروج، منتعلة حذاء كعب عال »دبوس«، أي كعب رفيع مدبب حتى يلحق إصابات فادحة بأي شاب »لا مؤاخذة« يمارس معها الفجور اللفظي أو اللمسي! وقد يسبب ذلك النوع من الأحذية الشد العضلي أو حتى دوالي الساقين، ومن ثم فلا بأس في أن تنتعل المرأة حذاء عادياً، وتحمل »أبو كعب عالي« المدبب في حقيبتها!
وكلمة للنساء: الأسواق ليست أماكن ترفيهية، والشبان السوقيون عندما يرون وجوهاً نسائية معينة تأتي بانتظام إلى سوق معين، فإنهم يستنتجون أنهن من نفس نمونتهم أي شاكلتهم.. في واقع الأمر فإن الإكثار من ارتياد الأسواق حتى للضرورة مفسدة للمال والوقت، وكانت دارسة بريطانية قد أثبتت أن النساء أطول نفساً من الرجال في التسوق، وأن بعضهن مصابات بمرض يسمى المصاب به »شوباهوليك«، أي »مُدمن تسوق«، وتميل كثير من النساء إلى جعل شراء قطعة قماش طولها نصف متر »شغلانة« تتطلب زيارة نحو 13 متجرا للحصول على أفضل الأسعار، وهناك من يستغرق منها شراء سلعة ثمنها نحو 5 دولارات نحو ثلاثة أيام، ولا يخطر ببالها أن الساعات الطوال التي أهدرته وهي تفاصل وتجادل وتختار وتغير رأيها تعادل بلغة السوق أكثر من خمسين دولاراً.
ولكن بيني وبينكم فإن عدم معرفة قيمة الوقت ثقافة رسمية. احسبوا كم قرناً ضاع من عمر الأمة وهي تبكي على أطلال الأندلس، وكم عقداً مضى منذ أن تقرر تحرير فلسطين، وكم خطة خمسية تحولت إلى حطة خمسينية!!
ونصيحة للسيدات والآنسات: إذا تعرضت لمضايقة من رجل في مكان عام فلا تحاولي الزوغان منه لأنه سيظل يلاحقك، بل واجهيه حتى وأنت ترتجفين واشتميه بأعلى صوت، بحيث يسمعك من هم حولك، وتأكدي من أن أكثر من واحد فاعل خير سيهبّ لنجدتك، بل وربما ضرب ذلك المتحرش، فمعظم المتحرشين بالنساء يتراجعون، بل ويهربون فور المواجهة الحاسمة.
زاوية غائمة
جعفر عباس