زهير السراج

أوهام الأجهزة الدستورية!!


* الإجراءات الأخيرة بحل المجلس التشريعى لولاية الجزيرة، واعلان حالة الطوارئ فى الولاية ورفعها (فى لقاء جماهيرى) بغير الطريقة التى ينص عليها الدستور، وحديث رئيس الجمهورية بأن (إيلا) باق فى منصبه ولن يستطيع أحد أن يزيحه عنه ..إلخ، يؤكد أن البشير هو الدولة وهو القانون وهو كل شئ فى السودان، ويمكنه أن يفعل كل شئ، وفى أى وقت وكما يحب، وبالتالى فإن كل المؤسسات القائمة ليست إلا ديكور فقط، بل قطع إكسسوار للمؤسسية المزيفة التى يوهم بها النظام نفسه او يعتقد أنه يخدع بها العالم، وتضييع للمال العام!!

* ليت البشير يحل كل الأحزاب، وعلى رأسها الهمبول الذى يسمى بالمؤتمر الوطنى وأحزاب الفكة التى تكفلها الحكومة من مال الشعب، وكل المؤسسات التى توصف بـ(الدستورية) وعلى رأسها المجالس التشريعية سواء فى المركز أو الولايات، وكل الحكومات الولائية، ويكتفى بالقليل من الوزارات الاتحادية يرأسها هو بدلا عن رئيس وزراء ..إلخ، ويوفر الأموال الباهظة التى تهدر عليها، وأستطيع الجزم بأنه سيجد تأييدا غير مسبوق من الشعب السودانى الذى لا يجد لقمة العيش بينما تنعم العصابة الحاكمة واعوانها وسدنتها بكل شئ ..!!

* ما فائدة مجلس تشريعى أو مؤسسة دستورية، إذا كان رئيس الجمهورية يلغيها بجرة قلم، وما فائدة الدستور إذا كان رئيس الجمهورية يعلن حالة الطوارئ، ثم يلغيها فى لقاء جماهيرى، وما فائدة القانون إذا كان الرئيس هو القانون .. كل ذلك هدر للمال العام ليس له لزوم، ومن باب أولى انفاقه على شئ مفيد، حتى لو فى جمع النفايات او بناء مراحيض بدلا عن الفضائح التى ينشرها الاجانب على شبكة الانترنت، كما فعلت السفارة البريطانية بالخرطوم عندما نشرت على موقعها فى (الفيس بوك)، بأن (24 مليون مواطن سودانى) من أصل (30 مليون ) ليس لديهم مراحيض، وحثت المواطنين السودانيين على تحسين سلوكهم الصحى ونظافة اياديهم، وما دمنا قد وصلنا الى درجة تعيير الاجانب لنا بأننا شعب قذر بلا (أدبخانات)، فمن باب أولى أن ننفق أموالنا على (المراحيض) بدلا على من يتوهمون انهم اصحاب نفوذ وسلطة وشاغلو مناصب دستورية يتمظهرون بها علينا، بينما هم مجرد تنابلة !!

* أذكر أننى كتبت مقالة قبل حوالى ثلاثة أعوام، موجزها أن البشير هو السلطة وهو القانون، باعترافه هو شخصيا، وليس بتحليلى أو وحى من خيالى، ففى خطاب له أمام ما عرف باسم (مؤتمر الحوار الوطنى) أعلن “اطلاق سراح أى موقوف سياسى، وأنه أصدر توجيهات لكل الجهات المختصة فى البلاد بتمكين الأحزاب السياسية من ممارسة نشاطها السياسي داخل وخارج دورها، وتحدث عن تعزيز حرية الإعلام بما يمكّن أجهزة الإعلام والصحافة من أداء دورها في إنجاح الحوار الوطني بلا قيد سوى ما يجب أن تلتزم به من أعراف المهنة وآدابها ونصوص القانون وكريم أخلاق السودانيين النبيلة، بالاضافة الى إلتزام الحكومة بتمكين حاملى السلاح من المشاركة فى الحوار الجامع وإعطائهم الضمانات الكافية للحضور والمشاركة”.

* بتحليل هذ الحديث، نخلص الى أن اطلاق سراح المعتقلين الذين لم تثبت ضدهم اى تهمة ليس بيد القانون وانما بيد الرئيس شخصيا، ولو لم يطلق الرئيس سراحهم لظلوا قيد الاعتقال، وما يؤكد ذلك ان جهاز الامن قال بعد يوم من حديث الرئيس، انه أطلق سراح جميع الموقوفين السياسيين (امتثالا لتوجيهات الرئيس)، ولم يقل إمتثالا للقانون، كما ان السماح للأحزاب بممارسة نشاطها بقرار من الرئيس يعنى أن القانون لا قيمة له، وإلا لم يكن السماح بممارسة النشاط السياسى بحاجة الى تصريح من الرئيس، ونفس الشئ ينطبق على الصحف وأجهزة الاعلام، خاصة مع ما تقوم به الأجهزة الأمنية من مصادرة وتعطيل للصحف ومنع الصحفيين من الكتابة بدون حق قانونى!!

* كما ان اعلان الرئيس إلتزام الحكومة بتمكين حاملى السلاح من المشاركة فى الحوار وتعهده شخصيا بإعطائهم الضمانات الكافية للمشاركة والحضور، رغم صدور أحكام قضائية ضد بعضهم تصل الى الاعدام، لا يعنى سوى شئ واحد، هو أن البشير صاحب النهى والامر والمنع والمنح وليس المؤسسات الدستورية أو القانون، إذن فما الداعى لوجود كل هذه الهيلمانة والانفاق البذخى، بل ما الداعى حتى لوجود القانون؟!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة