هل يقلِّل من طريق الموت؟
استقبلت مدينة بورتسودان قطار الجزيرة الذي تم إنزاله من إحدى البواخر ليتم تدشينه بواسطة المدير العام للسكة الحديد المهندس “إبراهيم فضل عبدالله” وسط فرحة الجميع من العاملين بالسكة الحديد الذين جاءوا مرافقين للسيد المدير العام الذي قام بعملية التدشين نيابة عن المهندس “مكاوي محمد عوض” وزير النقل والطرق والجسور الذي كان من المفترض أن يقوم بعملية التدشين، ولكن لظروف طارئة اعتذر في اللحظات الأخيرة بعد أن وصل الوفد الإعلامي قبله بيوم، تمت عملية التدشين بعد إنزال العربة الرئيسة من أعلى الباخرة إلى سطح الميناء ومن ثم عربة الركاب، يعد قطار الجزيرة الذي تبدأ رحلاته من الخرطوم مدني خلال شهر من الآن بطول 174 كيلو متراً، وعدد من المحطات التي اكتملت تماماً من مدني مروراً بالمسيد وبعض المحطات الأخرى، حيث تنتهي رحلته بمدينة ومدني.
السيد المدير العام عقد مؤتمراً صحفياً تحدَّث بإسهاب عن خطة السكة الحديد الطموحة والتي تعتمد على نفسها في إكمال العديد من المشاريع المتعلِّقة بقطارات أخرى يجري الترتيب لإكمالها الفترة القادمة، منها قطار الخرطوم بورتسودان وقطار الشرق وخطوط قطارات تربط السودان بدول الجوار منها : تشاد وحتى نيجيريا وإعادة الخطوط القديمة مع دولة الجنوب ودولة مصر العربية. ما لفت نظري في المدير العام للسكة الحديد عملية الثقة والترتيب الدقيق في عمله، فقد كان حافظاً للوحه بصورة مدهشة، وعرفنا أنه كان من وقَّع على قطار الجزيرة مع الصينيين، ولكنه ذهب إلى موقع آخر منذ العام2015م، وها هو يعود إلى الوزارة من جديد ليدشِّن القطار الذي وقع اتفاقيته.
إن قطار الجزيرة سيكون فتحاً لأهل الجزيرة، أولاً تقليل عمليات الحوادث التي يشهدها طريق الخرطوم مدني يومياً وحصده لعشرات أرواح المواطنين الأبرياء، وهذه سيقللها، ولكن ربما يكون وبالاً على بعض القرى المجاورة لخط السكة الحديد، ونلاحظ أن تلك القرى بها عدد كبير من المواطنين يرعون مواشيهم، وهذا قد يؤدي إلى رحيل البعض أن لم تكن هناك خطة تجنِّبهم الموت تحت عجلات القطار الذي تبلغ سرعته (120) في الساعة، وهذه سرعة قاتلة لو لم ينتبه لها سكان تلك القرى، ولكن السيد المدير العام قال لقد وضعوا التحوُّطات اللازمة لتجنب المواطنين خطَر القطار الذي يمر بتلك القرى، إما بتنبيههم ووضع أسلاك شائكة بمناطق العبور.
عموماً أن قطار الجزيرة أصبح واقعاً وسيبدأ عمله بعد عمليات التركيب والتجريب الأولى بمدينة بورتسودان لا تتعدى الثلاثة أسابيع، حسب حديث المدير العام والاطمئنان لكل جزء منه يعمل بكفاءة عالية، فأهل الجزيرة إن شاء الله سوف يودعون طريق الموت قريب جداً مع بشريات هذا الخط الذي يعطي السكة الحديد دفعة قوية في تنفيذ إستراتيجيتها الطموحة في نقل الركاب والبضائع من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك، وخسرت البلاد الفترة الماضية أهم قطاع في النقل، ألا وهو السكة الحديد، وها هو يعود من جديد ليبدأ الانطلاقة حول العالم، ونعلم أن السكة الحديد تعد الأرخص سعراً أن كان على مستوى نقل الأفراد أو البضائع.
فالسكة الحديد ستعود إلى مجدها وستنتعش عملية البيع للركاب بالمحطات التي سيقف فيها القطار، بل ستعود الذكريات للركاب مع القطار وستعود الأغاني التي كتبت فيه أو في المحبوبة التي شالها القطار ومن ثم سيؤمِّن المواطن سلامته التي ضاعت بتهوُّر السائقين وستزدهر مناطق الإنتاج وسينقل القطار كميات كبيرة منها إلى مناطق الاستهلاك، فالسيد المهندس “إبراهيم” وضع مع الجهات المختصة بالسكة الحديد خطة ستعينه وتعين الدولة في تنفيذ المشاريع الطموحة، خاصة وأن مشروع الجزيرة الذي تعطَّل لعشرات السنين ربما تعود إليه الحياة من جديد وتزرع المحاصيل الإنتاجية كالقطن والسمسم وبقية المحاصيل التي ترفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة.
صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي