السيولة من أخطر أنواع المخاطر تزايد معدلات التعثر.. البحث في أداء الجهاز المصرفي
قال المراجع العام إن البنك المركزي به قصور في التأكد من التزام الجهاز المصرفي باتباع النظم وتطبيق المنشورات التي يصدرها وتزايد معدلات التعثر في بعض المصارف لعدم التزامها بمنشور وضوابط منح التمويل وعدم قيام البنك المركزي بمتابعة تنفيذ التوصيات وتنفيذ الجزاءات. مشيراً إلى أن بعض المصارف تمادت في المخالفات، وأكد المراجع أن توصيات المراجعة أثبتت عدم كفاءة البنك المركزي في الرقابة على الجهاز المصرفي.
ويصف كثيرون أداء الجهاز المصرفي بغير الشفاف مثلما قال الخبير الاقتصادي عبد الرحيم حمدي مؤخراً إن النظام المصرفي مثل البطيخة المقفولة “فجأة يظهر مصرف يعاني من عدم توفر السيولة”، وتعتبر مخاطر السيولة من أخطر أنواع المخاطر التي يتعرض لها البنك، والتي يمكن أن تنتهي به إلى الإفلاس في حالة تعرضه لأزمة سيولة شديدة.
وتشير الحقائق إلى أن البنوك تعاني مشاكل كثيرة حالت دون القيام بدورها في التنمية والتمويل في القطاعات الأخرى منها ضعف رأس المال والذي ترتب عليه ضعف التمويل. وكان بنك السودان المركزي قال في وقت سابق إن نسبة العجز في المصارف بلغ 5.1% مقارنة بالعالمية التي تبلغ 6% مؤكداً تحسن الجهاز المصرفي رغم ظروف الحظر الأمريكي بما لا يقل عن نسبة 20% خلال الثلاث سنوات الماضية.
بعض من الاقتصاديين يرون أن نسبة التعثر في البنوك انخفضت إلى 5% بعدما وصلت في وقت سابق إلى أكثر من 30% واعتبروها خطوة جيدة بفضل سياسة البنك المركزي مؤكدين أن هذه النسبة مسموح بها وفقاً لاتفاقية جنيف “2” والبالغة 6%.
وقال سمير أحمد قاسم أمين أمانة السياسات باتحاد أصحاب العمل إن النسبة ما زالت مرتفعة برغم انخفاضها، ويرى بأهمية السعي لترشيد وتخفيض نسبة التعثر في المصارف لجهة تأثيرها على تمويل التنمية، داعياً إلى العمل على انخفاضها في الأعوام القادمة، جازماً بعجز المصارف عن التمويل الأجنبي لتغطية احتياجات الاستيراد المختلفة، مبيناً أن شراء العملات الأجنبية من السوق الموازي للاستيراد، وأوضح أن إمكانيات المصارف المحلية لا تتناسب مع احتياجات التنمية المضطردة، وذكر أن انخفاض قيمة الجنيه السوداني المستمرة تؤثر على التمويل لارتفاع قيمة الدولار أمام العملة الوطنية، وقال إن القطاع الخاص طالب كثيرًا بتوفير تمويل متوسط المدى وطويل المدى، إلا أن المصارف اعتذرت عن التمويل لجهة ضعف الإمكانيات المتاحة للقطاع المصرفي، ونادى بأهمية التوسع في المصارف إضافة إلى إنشاء مصارف برأس مال كبير ومتخصصة في تمويل التنمية.
وتؤكد الإحصاءات أن القطاع المصرفي السوداني كان الأكثر تضرراً من الأزمة الاقتصادية في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى زيادة الكلفة وترتيب أعباء باهظة على الدولة، وكذلك على مؤسسات القطاع الخاص التي تعرض بعضها للإفلاس والبعض الآخر للدمج، وخسرت المصارف جزءاً كبيراً من رأس مالها وأرباحها وزبائنها داخل السودان وخارجه، وأدى ذلك إلى انخفاض احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية، وانتعاش السوق السوداء، وتدهور سعر صرف الجنيه السوداني، وتعاني المصارف من مشكلة في هيكلة البنوك والتعظيم الإداري، وفي المقابل تعاني المصارف من خطر السوق، ثم مخاطر سعر الفائدة، ومخاطر أسعار الصرف، مخاطر نقص السيولة، والمخاطر القانونية إلى جانب المخاطر المتعلقة بسمعة المؤسسة، والمخاطر التشغيلية.
ويرى الخبير الاقتصادي دكتور هيثم محمد فتحي أن نسبة العجز تضمن استمرار البنوك في تمويل عجز الموازنة لجهة أن تمويل الموازنة من موارد محلية يمنع أي تأثيرات خارجية على سيادة الدولة كما أنه أقل مخاطر على التصنيف الإئتماني للدولة بعكس تمويلها من خلال الاقتراض الخارجي، وتوقع وقوع أحداث ستؤثر حتماً على أعمال الجهاز المصرفي. وطالب بجهود كبيرة للقضاء على الفساد الإداري والبيروقراطية الطاردة لأي استثمارات سواء كانت محلية أو أجنبية، مبيناً أن الحكومة لجأت للاستدانة منذ فترة بعد انخفاض وتراجع عائدات النفط وذلك من خلال السماح للبنوك بشراء شهادات شهامة والصكوك الحكومية، وحالياً أصبحت البنوك هي التي تمتلك الحق الأكبر من هذه الشهادات مقابل أن تتحمل وزارة المالية نفقات التمويل من الجهاز المصرفي والمتمثلة في الأرباح التي يتم دفعها لهذه البنوك، مما أدى إلى عدم التزام البنوك بتمويل المشروعات التنموية الأخرى، لافتاً إلى أن أغلب نشاط البنوك اقتصر على تمويل الحكومة مقابل العائدات التي تتحصل عليها من شهادات شهامة والصكوك، وأكد أن اتجاه الحكومة لمزيد من توسيع صور الاستدانة سيؤدي إلى إيقاف نشاط البنوك في التمويل تماماً، وسوف تتأثر القطاعات الصناعية والزراعية والتنمية الاقتصادية وستتحول البنوك إلى عميل يستثمر أمواله داخل الحكومة.
تقرير: عاصم إسماعيل
صحيفة الصيحة