جعفر عباس

باي باي (خوفو)


دعونا نعترف بأنه ليس في حاضر أي شعب عربي ما يستطيع أن يفاخر به الأمم الأخرى، فعزنا ومجدنا كله فعل ماض »ناقص«، لأننا لم نضف إليه شيئا، وإذا جرّدنا الآخرون من إنجازات أجدادنا فماذا يبقى لنا؟ وعيب أن نتباهى بأن العربي فلان بن فلتكان عالم مرموق في السويد، وأن هناك عشرين عربيا يعملون في وكالة الفضاء الأمريكية »ناسا«، لأنهم أنجزوا ما أنجزوا بعد ان فلسعوا من العالم العربي، وهاج السودان وماج لأن صبيا اسمه أحمد »اخترع« ساعة، ودخل حجرة الدراسة حاملا إياها في حقيبة متوسطة الحجم، ولكن معلمة عنصرية أبلغت الشرطة عن أنه جاء يحمل شيئا مشبوها فتم استجوابه، واعتبر السودانيون وغيرهم من العرب أن تلك مؤامرة لوأد المواهب لأن الولد سوداني، وحتى لو سلّمنا بأن إعادة اختراع شيء تم اختراعه بشكله الحديث قبل ثلاثمائة سنة، يستحق الهيصة والتهليل، فالولد ذاك قام بصنع تلك الساعة وهو أمريكي، لأنه مولود في الولايات المتحدة ويتلقى تعليمه في الولايات المتحدة، ومن يحمل شيئا يتكتك داخل حقيبة لا بد ان يثير الشبهات في بلد مهووس بـ»الإرهاب«.

مناسبة هذا الكلام ما نشره الباحثان البريطانيان روبرت لوماس وكرستوفر نايت في الصحف اللندنية عن توصلهما إلى استنتاج مفاده أن الأسكتلنديين هم الذين علموا قدماء المصريين فن بناء الأهرامات، وبنى الرجلان هذا الاستنتاج على نماذج صغيرة لأهرامات عثرا عليها خلال حفريات في قرية اسكتلندية، وبالطبع لم يرد في ذهن أي منهما أن يكون صانع تلك النماذج قد سرقها عن قدماء المصريين، )ما يصير أوروبي يسرق أفكارا من إفريقيا(، ولكن لأنه لا كلمة تعلو فوق كلمة الرجل الأبيض فليس من المستبعد أن تطالب اسكتلندا بنقل الاهرامات إلى أراضيها وأن يفرض حلف الناتو حصارًا على الجيزة إلى أن تقوم بتسليم الاهرامات لاسكتلندا.

وخطبًا لود الناتو فإنني أقدم اليوم الدليل القاطع على صحة استنتاج الباحثين، فقد عثرت في خزانة قديمة اشتريتها من سوق الحراج على وثائق من البردي تؤكد أن الفراعنة استدرجوا مهندسين معماريين اسكتلنديين إلى مصر، واستغلوا ضعفهم كأسكتلنديين أمام الخمر وضمنوا عقود خدماتهم بنودًا تنص على تزويد كل منهم ببرميل من عرق البلح يوميا، وقدموا لهم رواتب مغرية بالدولار الأمريكي، ونصت العقود على منحهم تذاكر سفر بدرجة رجال الأعمال إلى منتجع شرم الشيخ مرتين في الشهر، وهكذا جاء المعماريون الاسكتلنديون إلى مصر وبنوا الأهرامات وطاب لهم المقام في مصر، ويفسر هذا أنهم لم يتمكنوا من بناء أهرامات في وطنهم أسكتلندا.

وتزامن ذلك مع هروب أبي الهول من أيرلندا حيث كانت الشرطة البريطانية تطارده بتهمة الانتماء إلى الجيش الجمهوري المُطالب بالانفصال عن المملكة المتحدة، ومنحه الفراعنة حق اللجوء السياسي في مصر وكي لا تلاحقه الشرطة الدولية )الإنتربول( قام الجراحون الفراعنة بإجراء عملية »تجميل« له، فصار نصف حيوان ونصف آدمي، وتفيد المصادر )وهي الكائنات الوهمية التي تنسب إليها الصحف أكاذيبها( أن أبا الهول حاول التسلل إلى إسرائيل ليبيع لها سر الأهرامات، فانكشف أمره وتعرض للضرب والتعذيب حتى انكسر أنفه!

وأحسب أن كشفي النقاب عن هذه الأسرار الخطيرة كفيل بمنحي جواز سفر سويسريا أو -في أسوأ الحالات أسكتلنديًا- وخاصة أنه سبق لي أن كتبت في هذه الصحيفة قبل سنوات قليلة ما يفيد بأن الأوروبيين من أصل عربي شرق أوسطي، وعلى الرغم من أنني إفريقي من قبيلة الزولو )زول( إلا أن الانتماء إلى العرب ليس عسيرًا لأنهم يهوون تعريب بلاد الله وخلق الله بالعافية، وجامعتهم العربية التي تضم في عضويتها دولاً تحارب حكوماتها اللغة العربية خير شاهد على ذلك )ذات مرة كنت مكلفًا بمحاورة رئيس مستعرب، هو دكتاتور الصومال سياد بري -توفاه الله بعد تفنيشه- عقب اجتماع للجامعة العربية شارك فيه وبدأته بـ»شكرا فخامة الرئيس«، فقال لي متعجبًا: وات؟

زاوية غائمة – جعفر عباس